عبد الله الأستاد: أنقل سحر الحياة بالفن

منذ صغره، كانت الألوان رفيقة دربه في مراحل حياته المختلفة، حتى بعد أن غاص في فن الحروف وتشكيلاتها، واستكشف جماليات الحياة من خلال عدسته.. إنه عبد الله الأستاد، الشاب الذي اختارته الحياة ناقلاً لمناظرها الساحرة، وحكايات شوارعها الملهمة، بعدسته. واختارته اللغة العربية؛ ليحفظ حروفها، وكلماتها، بقصبة حب

منذ صغره، كانت الألوان رفيقة دربه في مراحل حياته المختلفة، حتى بعد أن غاص في فن الحروف وتشكيلاتها، واستكشف جماليات الحياة من خلال عدسته.. إنه عبد الله الأستاد، الشاب الذي اختارته الحياة ناقلاً لمناظرها الساحرة، وحكايات شوارعها الملهمة، بعدسته. واختارته اللغة العربية؛ ليحفظ حروفها، وكلماتها، بقصبة حبره. ورأى فيه الفن الصندوق الذي يمكنه أن يحتفظ بألوانه... التقته «زهرة الخليج»؛ للتعرف إلى عالمين، يمثلان أبرز محطاته الإبداعية: التصوير الفوتوغرافي، والخط العربي، وللغوص معه في رحلته المميزة بالمجالين:

  • عبد الله الأستاد: أنقل سحر الحياة بالفن

كراسة الرسم.. والصور المائلة

عن بداياته في الفن والتصوير، يقول الأستاد: «لم أختر هذا المجال؛ بل أتى إليّ بينما كنت أمضي في الحياة. كنت أدرك أن لديّ عيناً ترى الجمال، لكنني لم أكن أعلم كيف يمكنني نقل هذا الجمال إلى الآخرين بشكل فني. في طفولتي، لم أكن أمسك الكاميرا بشكل مستمر، بل كنت أستعير كاميرا والدتي، التي كانت تستخدمها لالتقاط اللحظات العائلية، وكنت أصر على أن ألتقط صورًا لنا خلال السفر. ذات مرة، طُلب مني التقاط صورة للعائلة أمام منظر طبيعي، وبدلاً من وضع الأشخاص في منتصف الصورة، ركزت على المنظر الطبيعي ولم يظهر منهم سوى رؤوسهم. وللتخلص من إلحاحي المستمر، اشترت لي والدتي كاميرا، ولا أزال أذكر صورة (الدلفين)، التي كانت مطبوعة عليها».

ويضيف الشاب الإماراتي: «بالطبع، كان للبيئة تأثيرها، فعمي الفنان كان يصوّر كذلك، بالإضافة إلى الرسم، وخالتي كانت ترسم، فكنت أرى الألوان والصور منتشرة في العائلة، وأردت أن أفعل شيئاً مشابهاً؛ لأنني أحسست أن لديَّ ما يمكنني تقديمه في هذين الجانبين». ويوضح: «بدأت رحلتي مع الخط والرسم والتصوير منذ الصغر، كما يبدأ جميع الأطفال، بكراسة الرسم التي كنا نشتريها من الدكان، حيث كنا نجتمع في صالة المنزل، ونلوّن معاً. التأثير الذي أتى من عمي كان واضحاً، فقد كنت أعرض عليه رسوماتي في كل زيارة، وكان يقدم لي نصائح مفيدة. أعتقد أنني تعلمت الكثير من خلال عيني؛ فقد كنت أرى، وأحلل، وأتأمل، ثم أطبّق، وإذا صح القول: أنقل سحر الحياة بالفن».

وحول بدايته مع الخط، يقول: «أما حبي للخط، فقد بدأ من خلال والدتي، التي كانت تعمل معلمة. كنت أنظر إلى خطها الجميل على كراسات الطلاب بعد تصحيحها، وكنت أسألها عن نوع الخط الذي تستخدمه. عندها، اشترت لي كراسة للخط العربي، وبدأت أتدرب عليها بين فترة وأخرى. ومع ذلك، لم يكن شغفي بهذا الأمر عالياً حينها. وفي حصة الفن في المدرسة، كنت الطالب الذي يركّز في شرح الأستاذ. وأذكر أستاذي محمد علاء الدين، الذي قال لوالدي في اجتماع أولياء الأمور: (سيصبح ابنك شيئاً يوماً ما). لاحقًا، عندما تواصلت معه بعد فترة طويلة، أخبرته بأنني لم أصبح شيئاً واحداً فقط، بل أصبحت شيئين، فأصبحت مقدمًا لبرنامجين تلفزيونيين، وأربعة برامج إذاعية، إضافةً إلى كوني فنانًا، ومصورًا، وخطاطًا».

  • عبد الله الأستاد: أنقل سحر الحياة بالفن

بداية حقيقية

لم تكن كراسة الخط الانطلاقة الحقيقية لعبد الله الخطّاط، وإنما بدأ الشغف يتشكل لديه في المرحلة الجامعية، وعن هذه المرحلة، يخبرنا: «بعد دخولي الجامعة في دبي، تعرفت إلى مجموعة من الأصدقاء، فكنت أخبرهم بحبي للخط العربي. وأثناء الطريق إلى معرض الشارقة للكتاب مع أحدهم، حدثته أكثر عن ذلك. حينما وصلنا إلى المعرض، دلني على محل لبيع أدوات الخط، فذهبت واشتريت بعض الأدوات بشكل عشوائي، فلم أكن - بَعْدُ - أعرف ما الذي يجب استخدامه. وبعد عودتي إلى منزلي، وضعت الأوراق على الطاولة، وفتحت الحبر، والقلم، وبدأت بالكتابة، ولأنني أحب الرسم، رأيت في هذا الأمر فرصة لتدريب يدي على الرسم، ولم يخطر الخط ببالي، بل كان الفن شاغلي». ويتابع: «في تلك المرحلة، كنت أتابع الخطاطين والمصورين في المنتديات، ومن بين الخطاطين الذين تابعتهم حسن المسعودي، الخطاط العراقي الذي كانت لوحاته تشبه رسومات الفرشاة، ما أثار إعجابي بسبب شغفي بالألوان والفن».

  • عبد الله الأستاد: أنقل سحر الحياة بالفن

برامج الخط والتصوير

لم يتعلم عبد الله الخط ولا التصوير، لكنه اتخذ من البرامج التلفزيونية والإذاعية وسيلة لتعليمها للآخرين، ففي التصوير عرض له برنامج بعنوان «محلى بلادي»، يوثق الأماكن السياحية في المنطقة الشرقية بالشارقة. وفي كل حلقة من البرنامج، يكون هو المقدم والمصور، ويقوم بتصوير أماكن معينة، والشرح المناسب عن أدوات التصوير وزواياه، وكيفية استغلال المكان، مرةً بكاميرا احترافية، وأخرى بكاميرا عادية، ليبين أن الأداة لا تشكل فارقاً على الدوام. أما عن برامجه الأخرى؛ فيخبرنا: «لم تكن لديَّ مشاريع خاصة للتعليم، لكنني تعاونت مع جهات مختلفة؛ لتعليم التصوير والخط، كمؤسسة الشارقة للفنون. أما برنامج الخط العربي، فهو البرنامج الأول من نوعه في العالم، وقد عرض في ثلاثين حلقة، لثلاثين خطاطاً، ليسوا جميعهم خطاطين محترفين، وليسوا جميعاً رجالاً، فقد كانت الفئات متنوعة عمرياً، بين الأطفال والشباب والكبار. من أكبر الخطاطين الذين استضفتهم، عمراً وقدراً، الأستاذ محمد مندي».

واختتم عبد الله الأستاد، قائلاً: «أجمل الأمور التي أنجزتها في حياتي البرنامج الإذاعي، الذي قدمته في مجال الخط، فقد كان عبارة عن برنامج قصير، يعرض كفواصل بين البرامج الكبيرة، وكان من إعدادي وتقديمي، وكنت أعرض فيه الخط الزمني للخط العربي، من ماهية الخط، حتى الخط الحر، بأسلوب مبسط باللغة العربية الفصحى. وأرى أن هذا من أجمل الأمور التي أنجزتها في حياتي».