تشير الدراسات، المحلية والعالمية، إلى أنه رغم تنامي أعداد المصابين بسرطان الثدي، فهناك تقدم ملحوظ في نسبة الشفاء. وتأتي دولة الإمارات في مقدمة الدول التي تسجل نجاحات متراكمة في مكافحة سرطان الثدي، بسبب تنامي الوعي المجتمعي بأهمية الفحص المبكر، والالتزام بالعلاج، إلى جانب الدعم النفسي للمرضى، وعائلاتهم، وذلك نتيجة جهود متكاملة من جمعيات ومؤسسات المجتمع الإماراتي، ومن بينها جمعية أصدقاء مرضى السرطان.

برنامج شامل.. وشراكة مجتمعية:

تستند جمعية أصدقاء مرضى السرطان، بإمارة الشارقة، في مكافحتها لمرض السرطان، إلى استراتيجية شاملة تقوم على عدة محاور، منها: العمل الدؤوب والمتواصل للتوعية والتثقيف المجتمعي عبر الفعاليات المختلفة، وتوفير الدعم المادي والنفسي للمرضى وأهاليهم، والمناصرة المحلية والعالمية. وفي هذا السياق، تطلق جمعية أصدقاء مرضى السرطان حملة «القافلة الوردية» السنوية، التي تنظمها بمناسبة «الشهر العالمي للتوعية بسرطان الثدي».

ومنذ انطلاقتها، حققت «القافلة الوردية» حالة مستمرة من التفاعل مع كافة المكونات الإماراتية، وترجمت رؤيتها حول كون مرض السرطان قضية مجتمعية عامة، يحتاج إلى التكاتف والتعاون لمكافحته، والحد من انتشاره، من خلال برنامجها المتكامل، الذي يشمل: ورش العمل، والأنشطة الترفيهية، التي جمعت المواطنين والمقيمين، من جميع الفئات العمرية في إمارة الشارقة ودولة الإمارات؛ لمواجهة هذا المرض الذي يكلف الحكومات والمجتمعات ميزانيات باهظة.

  • حملة «القافلة الوردية».. الجميع مدعوون إلى الكشف المبكر

عيادات ثابتة.. ومتنقلة:

تشمل «القافلة الوردية»، هذا العام، 8 عيادات ثابتة، و100 عيادة متنقلة، وتقدم العيادات الثابتة المنتشرة في إمارة الشارقة، وكافة إمارات الدولة، مجموعة متنوعة من الفحوص الطبية المجانية؛ للكشف المبكر عن سرطان الثدي، منها: الفحوص السريرية والإشعاعية (الماموغرام)، والتصوير بالأمواج الصوتية، اعتباراً من 11 وحتى 30 أكتوبر الحالي، من الساعة الرابعة حتى الساعة العاشرة مساءً.

وفي الوقت، الذي تشير فيه الدراسات إلى أن سرطان الثدي يمثل 36.7% من إجمالي حالات السرطان بين الإناث، ويبلغ «معدل الإصابات الخام» 28.6 حالة من كل 100 ألف فرد، ويُجمع الأطباء على أن «النصيحة الذهبية»، التي يمكن أن تقدم للنساء في هذا المجال، هي «الكشف المبكر»؛ لأنه - وبحسب آرائهم العلمية - يشكل هذا عاملاً حاسماً في رفع معدلات الشفاء، وهو ما تقدمه «القافلة الوردية» مجاناً إلى كل من يتقدم للفحص والكشف في عياداتها.

ورغم زيادة فرصة الشفاء نتيجة تقدم العلوم وأدوات الكشف، إلا أن هناك ما يقارب الـ50% من النساء في دولة الإمارات، لا يخضعن للفحص، إما بسبب عدم ارتياحهن لفكرة الفحص، أو نتيجة عدم وجود تاريخ عائلي للإصابة، مع العلم بأن 10% فقط من الإصابات بسرطان الثدي مرتبطة بالتاريخ العائلي.

دعوة إلى الكشف.. بلا استثناء:

وحول رؤية وأهداف «القافلة الوردية»، تقول عائشة الملا، مديرة جمعية أصدقاء مرضى السرطان: «هناك الكثير من المسؤوليات، الملقاة على عاتق المنظمات والجمعيات والمؤسسات المجتمعية. لكن المسؤولية عن صحة المجتمع وصون الحياة تتخذ أبعاداً كبيرة من حيث الجهد ومستوى الشراكة والتعاون. وقد نجحت الحملة، في هذا السياق، في استنهاض وحشد جهد مجتمعي شامل، يتجلى بعدد المشاركين والمتطوعين في الحملة، ومساحات تغطية العيادات الثابتة والمتنقلة، وحيوية الفعاليات والفئات الاجتماعية المستهدفة».

وتتابع الملا، خلال مسيرة حملة «القافلة الوردية»: «شهدنا تنامي استجابة المجتمع للفحص المبكر، وشهدنا أيضاً تنامي أعداد الشركاء والمتطوعين والمساهمين في إنجاحها. ومع ذلك، نحرص على توجيه دعوتنا للجميع؛ للمشاركة والفحص والاستفادة مما تقدمه عيادات الحملة، وأطباؤها ومعداتها الحديثة. نريد للوعي والحرص على الحياة والوقاية من المرض أن يشمل الجميع دون استثناء، دون أن يتخلف ولو فرداً واحداً؛ لأن الإصابة الواحدة ومعاناتها لا تتوقف عند حدود الفرد، بل تمتد إلى أسرته ومحيطه وأصدقائه، وتترك آثاراً صعبة في نفسياتهم».

  • حملة «القافلة الوردية».. الجميع مدعوون إلى الكشف المبكر

وعي متنامٍ.. ومنجزات تتضاعف:

وتوضح مديرة جمعية أصدقاء مرضى السرطان أنه، في أكتوبر الماضي، نجحت حملة تعزيز الوعي بسرطان الثدي، التابعة للقافلة الوردية، في توسيع نطاق وصول المبادرة إلى أفراد المجتمع، فقدمت 3679 فحصاً طبياً سريرياً، وأجرت 515 فحص «ماموغرام»، إلى جانب توزيع 175 قسيمة لفحوص الأمواج فوق الصوتية، و543 قسيمة أخرى لفحوص «الماموغرام». وبينت أن هذه الحملة جسدت قيم التعاون والتطوع في المجتمع الإماراتي، حيث قدم فريق مكون من 193 متطوعاً 1530 ساعة تطوع، بالإضافة إلى 8060 ساعة عمل، قدمها الفريق الطبي.

شركاء المسيرة:

وتعزيزاً لعناصر النجاح، تحرص حملة «القافلة الوردية» على بناء شبكة علاقات في القطاعين العام والخاص؛ لدعم أهدافها، وتتيح «جمعية أصدقاء مرضى السرطان» للمؤسسات والشركات في القطاعين فرصة المساهمة في رعاية جهودها لمكافحة سرطان الثدي، من خلال حجز واحد، أو أكثر من أربع خدمات، تقدمها «القافلة الوردية» طوال الحملة، وتشمل: «العيادة المتنقلة»، و«اليوم الصحي»، و«المحاضرات التوعوية».

وتدعم هذه الشراكات نجاح الفعاليات، إذ ستشهد منطقة «الجادة في الشارقة»، من 4 إلى 6 أكتوبر، فعاليات مجتمعية من الساعة الرابعة حتى العاشرة مساءً، بهدف التشجيع على إجراء فحوص الكشف المبكر عن السرطان، والتوعية حول الوقاية منه، وكيفية إجراء الفحص الذاتي والطبي بشكل دوري، إلى جانب مجموعة متنوعة من الفعاليات الترفيهية، والرياضية، للأطفال واليافعين.