صالحة غابش: برامجنا تحقق أهدافاً وطنية وإنسانية
صالحة غابش، وجه مشرق في المشهد الثقافي الإماراتي، ونموذج للقيادة الثقافية المبدعة والملتزمة، فهي كاتبة وشاعرة، ورئيسة المكتب الثقافي، التابع للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة. تعمل صالحة غابش بتفانٍ؛ لإبراز الثقافة الإماراتية، وتعزيز حضورها، محلياً وخليجياً. ولا يمكن زيارة جناح المكتب الثقافي في معارض الكتب المختلفة دون ملاحظة وجودها المميز، فهي دائماً محاطة بالأديبات والمبدعات، وتعكس - بفكرها، ورؤيتها - كيف يمكن للمبدع أن يكون قائداً لمؤسسة ثقافية، بإبداعه، وقدرته على تحويل الأفكار إلى مبادرات ملموسة.. في هذا الحوار، تفتح لنا صالحة غابش نافذة على دور المكتب الثقافي، وأبرز الجوائز التي يطرحها، وأهميتها في تعزيز حضور المرأة بالمشهد الأدبي، وأيضاً أهمية الجمع بين الإبداع والإدارة في قيادة المؤسسات الثقافية:
ما الدور الذي تقومين به في المكتب الثقافي، التابع للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة؟
أشغل منصب رئيسة المكتب الثقافي، التابع للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، برئاسة قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي. ويعمل المكتب، بتكامل تام، مع المؤسسات الثقافية الأخرى بالشارقة (عاصمة الثقافة العربية)، في أجواء مشجعة على العمل الثقافي. كما نقوم بوضع خطط سنوية، تشمل برامج ومبادرات ثقافية، تحقق أهدافاً استراتيجية ووطنية وإنسانية. وتتنوع برامجنا بين الجانب الأدبي، من خلال دعم أديبات يمثلن وجهاً راسخاً في المشهد الثقافي الإماراتي، بالإضافة إلى تنظيم الملتقى الثقافي السنوي، وصالون الشارقة الثقافي الذي يستضيف شخصيات ثقافية وفنية متميزة. ونشارك، أيضاً، في فعاليات مهمة كمعرض الشارقة الدولي للكتاب، ونصدر كتباً ومؤلفات تُثري الجانب الثقافي. كذلك، لدينا جائزة الشارقة لإبداعات المرأة الخليجية، التي نظمت منها - حتى الآن - ست دورات، وتستهدف مبدعات دول مجلس التعاون الخليجي. بجانب حضور المكتب الثقافي بعض الأنشطة الثقافية خارج الدولة.
إبداع.. وإدارة
هل يجب أن يكون قائد العمل الثقافي على علاقة بهذا المجال، كأن يكون كاتباً مثلك، أم تكفي معرفته بعلم الإدارة؟
تتوجب على قائد العمل الثقافي الموازنة بين الجانبين؛ فيجب أن تكون لديه علاقة بالوسط الثقافي، والمقومات والعناصر الثقافية التي يشتغل عليها، وفي الوقت ذاته يجب أن تكون لديه ثقافة إدارية، بجانب الإبداع والفكر والاختصاصات الأخرى، أو على الأقل تكون لديه معلومات كافية عنها، يستطيع من خلالها أن يستوعب المفاهيم الثقافية، ودلالاتها. كما يجب أن يجيد إدارة الحوارات الثقافية، وكيف يضع المحاور، واختيار الشخصيات؛ لتغطية موضوع معين. وأهمية الجانب الإداري تكمن في أن هذه الأمور كلها بحاجة إلى تنظيم وتنسيق وإقامة علاقات بين المؤسسة، والمثقفين والمفكرين في المجتمع؛ لهذا يفضل أن يكون إنسان مبدعاً، بجانب المعرفة الإدارية، فالمبدعون قد يجدون أنفسهم أحياناً بعيدين عن الواقع، ويساعد فهمهم للإدارة في توجيه عملية الإبداع بشكل أكثر فاعلية.
هل يمكن أن نرى فروعاً للمكتب الثقافي خارج إمارة الشارقة؟
في كل إمارة توجد مؤسسات ثقافية خاصة، وكل مؤسسة منها تقوم بأداء دورها على أكمل وجه، ولكل مؤسسة استراتيجيتها، وعلى رأسها وزارة الثقافة، التي تُعنى بالثقافة الإماراتية ومبدعيها وفكرها، ليكون لها صوتها عربياً وعالمياً، وبأكثر من طريقة، كالترجمة، والمشاركات الخارجية للمبدعين. ويتجسد دور المكتب الثقافي في التعاون مع هذه المؤسسات، وتبادل الفعاليات معها؛ لتعزيز المشهد الثقافي. ويأتي امتداد عملنا إلى خارج الشارقة من خلال عقد الاتفاقيات مع مؤسسات مختلفة، بهدف نقل الثقافة الإماراتية، وإبرازها خارج الحدود.
فعاليات ثقافية
ما الذي يميز جائزة الشارقة لإبداعات المرأة الخليجية؟
تتميز الجائزة بأنها خاصة بالمرأة الخليجية، فهناك جوائز كثيرة محلية وعربية، لكنها موجهة إلى الجنسين. وهذه ليست الجائزة الأولى لنا، فمنذ سنوات أطلقنا جائزة للمرأة الإماراتية، وأخرى للعربية. وخصصنا هذه الجائزة للمرأة الخليجية؛ لأن هذه المنطقة ثرية بثقافتها وثقافة أبنائها وبناتها وفكرهم. وفي منطقة الخليج، ما زال الكثيرون يعتقدون أنه لا يوجد دور للمرأة؛ لذا يجب أن نتحرك بشكل أكبر. نحن لا نحتاج إلى دليل على دخول المرأة المجالات كافة، لكنني أعتقد أننا في هذه المرحلة يجب أن نعبر عن ذواتنا نحن، ونغوص في ثقافتنا، ونتعمق في إبداعاتنا، لإثرائها بتجارب مستمرة. ومن أهداف الجائزة تشجيع المرأة على دخول المجالات الأدبية، وأن تكون متسلحة بالأدوات اللازمة؛ لتكون مبدعة، من خلال حقل الدراسات الأدبية، الذي تبدع فيه المرأة الناقدة، سواء في المسرح، أو الشعر، أو الرواية. نحن سعداء بأننا أصحاب أول جائزة للمرأة على مستوى الخليج، وتسعدنا استضافة الفائزات في الإمارات على أرض الشارقة لتكريمهن، ليدركن مدى الاهتمام بإبداعات المرأة، في الشارقة خاصة، والإمارات عامة.
على أي الفعاليات الثقافية يكثر إقبال الجمهور؟
من الصعب تحديد ذلك بشكل دقيق؛ فأحياناً نجد حضوراً جماهيرياً كبيراً بأمسية شعرية، وأحياناً نفاجأ بقلة الحضور. كما أن المكان يشكل فارقاً، فبُعد المكان يكون سبباً في عدم حضور الجميع. وأحياناً يكون الشاعر، أو الكاتب، جاذباً للجمهور؛ مثلما يحدث عند استضافة كبار شعراء العالم العربي. بينما نجد ربع هذا العدد عند استضافتنا شاعراً جيداً وذا لغة راقية، لكنه يفتقر إلى الشهرة. ويحظى المسرح بإقبال أكبر؛ لما يتمتع به من أجواء فنية مختلفة، فيكون أكثر جاذبية كفعالية ثقافية. وكنا في فترة سابقة لا نجد حضوراً له، وبمرور الوقت ازداد الجمهور. أما اللقاءات الشعرية، والندوات الثقافية، فيحضرها فقط المهتمون، الذين يحبون الاستماع والتحليل والتحاور، خاصة عندما تكون الندوة ذات أبعاد نخبوية فكرية، لأن لها حضورها الخاص. وكذلك الشعر الفصيح له متذوقوه، وعالمه الفريد، وجمهوره الخاص.