الفنون الشعبية الإماراتية.. تراث يحمل روح الأجداد وقيم الأصالة

يشكل التراث منبع الهوية الثقافية لأي أمة، فهو يمثل خلاصة التجارب الإنسانية، التي تعكس تطور المجتمع ونموه على مر العصور. وفي دولة الإمارات، يشكل التراث الشعبي - بمختلف أشكاله - صورة حية للهوية الوطنية، التي تتوارثها الأجيال بكل فخر واعتزاز، ويعكس بعمق روح الأجداد، وعزيمتهم التي لا تلين. وتتجسد ملامح

يشكل التراث منبع الهوية الثقافية لأي أمة، فهو يمثل خلاصة التجارب الإنسانية، التي تعكس تطور المجتمع ونموه على مر العصور. وفي دولة الإمارات، يشكل التراث الشعبي - بمختلف أشكاله - صورة حية للهوية الوطنية، التي تتوارثها الأجيال بكل فخر واعتزاز، ويعكس بعمق روح الأجداد، وعزيمتهم التي لا تلين. وتتجسد ملامح هذا التراث الغني في الفنون الشعبية، التي توارثها الإماراتيون عبر العصور، والتي تحمل في طياتها حكايات الزمن القديم، وتفاصيل الحياة الإماراتية الأصيلة. وقد تنوعت هذه الفنون باختلاف البيئات التي عاش فيها السكان، فتشكلت في صور متعددة، كالأغاني والشعر، فسجلت جوانب مختلفة من الحياة الإماراتية.

تنقسم الفنون الشعبية الإماراتية إلى أربعة أقسام، بحسب بيئاتها المختلفة: البحرية والبدوية والسهلية والجبلية، ولكل بيئة فنونها التي تختلف عن الأخرى، وتتنوع بين فنون تُؤدى دون إيقاع، وأخرى بأدوات موسيقية تقليدية. ويصعب الفصل بينها بشكل دقيق؛ فهي فنون تُؤدى بشكل جماعي، وفي مناسبات عدة؛ لمواكبة العادات والتقاليد والمناسبات الوطنية والخاصة، كما تتصل بالفنون العربية الأصيلة، التي نشأت على أرض الخليج والجزيرة العربية، ونتجت عن الوجدان الجمعي التعبيري العربي لأبناء هذه المنطقة منذ سنوات، واستمرت حتى أيامنا هذه.

  • الفنون الشعبية الإماراتية.. تراث يحمل روح الأجداد وقيم الأصالة

وتتنوع الفنون الشعبية في الإمارات تبعاً لتنوع البيئات والسكان، فنجد لكل بيئة، ولكل مجموعة، نوعاً من الفنون والملامح الحياتية، وأشكالاً وأدوات مستمدة من البيئة. والفن الشعبي، عموماً، هو أكثر ألوان التراث الشعبي رسوخاً في الذاكرة، وأكثرها ارتباطاً بالمشاعر والوجدان.

تستعرض مجلة «زهرة الخليج»، في هذا التقرير، أهم الفنون والأهازيج الشعبية في الإمارات، التي يُؤدى بعضها في إطار محدود، والآخر في معظم المناسبات، ومنها: «العيالة»، و«الحربية».

«الرزفة».. فن يلامس الهوية الوطنية 

«الرزفة» فن تقليدي أصيل، يجمع بين الأداء والشعر، ويمتد عميقاً في تراث دولة الإمارات وثقافتها. ولا تزال أغاني «الرزفة» محفوظة في ذاكرة الثقافة الإماراتية منذ سنوات عدة، فهي تمنح المؤدين اليوم شعوراً بأصالة الهوية، والفخر بأصولهم. يبدأ أداء «الرزفة»، الفن الذي أدرجته «اليونسكو» ضمن قائمة التراث، بمجموعة صغيرة من الأفراد، في صفين، وسرعان ما يزداد عددهم. ويتحرك الصفان في تراصّ جميل، ويتناوبان إنشاد شطر من الشعر بالتبادل. وتمنح «الرزفة» جواً من التلاحم المجتمعي، وشعوراً بالانتماء والهوية المشتركة بين من يؤدونها، خاصة في الحفلات الاجتماعية، والمناسبات الوطنية، والفعاليات الكبيرة.

الأهازيج.. كلمات من الذاكرة الشعبية 

لون آخر من الفنون المرتبطة بالهزج والترداد، وهو «التغرودة». وتستمد الفنون والأهازيج الشعبية كلماتها من الذاكرة الشعبية مباشرة، حيث يستلهم كل فن أصيل لشعب من الشعوب قيمته، وجذوره التاريخية والفنية، من الحياة الاجتماعية، التي يعيشها هذا الشعب.

«العيالة».. رمز الكرامة والشرف 

من أكثر العروض الفنية انتشاراً في الدولة، وهي أداء فني ثقافي تقليدي، يتضمن فقرات من فنون الأداء الشعبي والشعر والإنشاد والطبول، وتعقد أثناء حفلات الزفاف، والمناسبات الوطنية، والاحتفالات الأخرى، إضافة إلى أدائها خلال مراسم الترحيب بالملوك، ورؤساء الدول. وتعكس «العيالة» الإرث الثقافي الثري لدولة الإمارات، وروح المروءة والشهامة، التي تتميز بها حياة البادية، كما تعلي قيم الكرامة والشرف. وأصبح هذا الفن رمزاً لهوية دولة الإمارات ووحدتها؛ لأنه يجسد التراث والقيم الأصيلة للثقافة الإماراتية.

«الحربية».. ملامح من الأصالة البدوية

هي «رزفة» أهل البادية في المناطق الصحراوية، وتشبه «العيالة»، لكنها تقوم على جملة لحنية واحدة موزونة، ولم يكن يصاحب «الحربية» إيقاع أو آلة موسيقية في الماضي. لكن في حاضرنا، يتم إدخال بعض الآلات الموسيقية إليها. أما أهازيج وأشعار «الحربية»، فغالباً تتسم بالطابع الحماسي، وقد أدخل عليها، لاحقاً، بعض قصائد الغزل.

«الرمسة».. فن أصيل

من الفنون الأصيلة، التي ارتبطت بسكان مناطق: العريبي، والحديبة، والغب، وشمل، والرمس في إمارة رأس الخيمة منذ القدم. وهذا الفن عبارة عن غناء ورزفة، فهو يشبه «العيالة»، ويستعرض معاني الشجاعة والرجولة.

  • الفنون الشعبية الإماراتية.. تراث يحمل روح الأجداد وقيم الأصالة

فن «الأهل» 

هو من الفنون العريقة في المنطقة، وتوجد علاقة وثيقة بين فنَي: «الأهل»، و«العيالة»؛ فـ«الأهل» يتطلب من مؤديه رصيداً كبيراً محفوظاً من الشعر الشعبي، بحيث يجلس بعض أعضاء فرقة «العيالة» - من هواة فن «الأهل»، ويشاركهم بعض الحضور من عاشقي الفن القديم - في حلقة صغيرة، ويبدأ كل واحد منهم بإلقاء قصيدته، وعقب كل بيت يرد عليه زملاؤه، بقولهم: «أهله» بمد اللام؛ فينطقها «أهلاه»؛ لهذا سمي فن «الأهل» أو «الأهله». ومن خصائص هذا الفن أن أداءه لا تصاحبه أي آلة موسيقية؛ فهو ليــس غناء أو نظمــاً ملحناً، وإنما مجــرد إلقاء قصائد شعرية نبطية في صورة مطارحة شعرية، وبهذا فإن فـــــن «الأهله» يعد واحداً من أشكال أو أقسام الأدب الشعبي الخليجي.

دور فعال

حققـــت فرق الفنون الشعبية التقليدية الإماراتية نجاحاً مرموقاً في المهرجانات العربية والدولية التي شاركت فيها، كما أسهمت بدور فعال ومباشر في نشر الاهتمام بالفنون الشعبية الإماراتية، بإتاحة الفرصة للمهتمين بهـــــا لاســـتلهام موضــــــوعــــــاتها الفنية، وتصميــــم اللوحات الحية المعبرة عنها، في الحفلات والمهرجانات، التي تقام خلال الأعياد الوطنية، وغيرها، وهذا أمر له أهمية كبيرة في تأكيد روح الانتماء الوطني، لدى الجيل الجديد، للاعتزاز بتراثهم.