باسم الحلبي: التقنيات الحديثة تجعلها أقلَّ ألماً وأكثر فاعلية
يواكب الطب التجميلي التقدم التكنولوجي المتسارع بشكل كبير؛ لذلك لم تعد عمليات التجميل مقتصرة على الضرورات الطبية فقط، فقد أصبحت جزءاً من الحياة العصرية، ويهدف البعض - من خلالها - إلى تحقيق تحسينات تجميلية دقيقة، تعزز مظهرهم الخارجي. وقد أصبح الرجال، إلى جانب النساء، من المترددين البارزين على عيادات التجميل، فيسعون وراء الابتكارات، التي تمنحهم نتائج سريعة وفعالة مع الحد الأدنى من التعافي. في هذا الإطار، التقت «زهرة الخليج» الدكتور باسم الحلبي، أحد أبرز جراحي التجميل على مستوى العالم، فقد اكتسب خبرته عبر سنوات من العمل في أميركا الجنوبية وأوروبا والشرق الأوسط؛ ليشاركنا رؤيته حول تطور مجال التجميل، وتغير احتياجات المرضى، وتقديمه نصائح ثمينة إلى الذين يفكرون في إجراء هذه العمليات؛ فكان هذا الحوار:
كيف بدأت رحلتك في عالم جراحة التجميل، وما الذي دفعك إلى اختياره تخصصاً؟
رحلتي في عالم جراحة التجميل بدأت من شغف مبكر؛ فقد كان هناك سؤال دائم يشغلني عن قدرة الأطباء على تغيير حياة الناس إلى الأفضل. تجربتي الأولى كانت في أحد المستشفيات مع والدي، وقتها شاهدت عملية جراحية عن قرب؛ فهذا الموقف زرع بداخلي حلم أن أصبح طبيباً. وقد عززت دراستي في بريطانيا هذا الحلم، لكن ما جعلني أركز على التجميل، تحديداً، هو القدرة على دمج الفن بالطب؛ فجراحة التجميل ليست مجرد إصلاح، فهي فن يتطلب دقة وتفكيراً إبداعياً، وهذا يتناسب تماماً مع ميولي نحو الفن والرسم والنحت.
شهرة واسعة
كيف حققت شهرتك الواسعة في هذا المجال؟
الشهرة لا تأتي من فراغ، فهي نتيجة سنوات من التعلم المستمر، والتجربة، والتفاني. في هذا المجال، لا يكفي أن تكون مجرد جراح؛ بل يجب أن تطلع دائماً على أحدث التطورات العلمية والتقنية؛ لذلك لا تأتي الشهرة إلا بالمثابرة والاهتمام بأدق التفاصيل، والحرص على تقديم نتائج تتخطى توقعات المرضى. كذلك، العمل في أماكن متعددة، ومنها: أميركا الجنوبية، وأوروبا، والشرق الأوسط، أتاح لي فرصة التعلم من الثقافات والاحتياجات التجميلية المختلفة؛ فهذا المزيج من التجارب ساعدني على بناء اسمي كجراح تجميل عالمي.
هل هناك تطورات جديدة في العلاجات غير الجراحية، توفر نتائج طبيعية، وطويلة الأمد؟
بالتأكيد، هناك تطور مذهل في العلاجات غير الجراحية. فالآن توجد منتجات أخرى غير الفيلر والبوتوكس تقوم على «التحفيز الحيوي» (Biostimulation)، حيث يتم تحفيز إنتاج الكولاجين بشكل طبيعي داخل البشرة؛ لتحسين مظهر الجلد مع مرور الوقت، وهذا يعني أن النتائج ليست مؤقتة، فهي تستمر لفترة أطول، وتبدو طبيعية أكثر. لكن الجديد في هذه العلاجات هو التركيز على النتائج التجميلية، التي لا تبدو «مصطنعة»، ما يمنح المرضى إحساساً بالثقة مع الاحتفاظ بجمالهم الطبيعي.
كيف ترى مستقبل جراحة التجميل في السنوات القادمة؟
يتمحور مستقبل جراحة التجميل حول التكامل بين التكنولوجيا والطب؛ لذلك سنشهد، في السنوات القادمة، استخداماً أكبر للتطور الطبي على مستوى الأجهزة أو المواد؛ لإعطاء نتائج أفضل للمرضى، وهناك، أيضاً، أبحاث حول استخدام الخلايا الجذعية؛ لإصلاح الأنسجة، وتجديد البشرة بشكل طبيعي، ما سيغير تماماً مفهوم الشيخوخة والعناية بالبشرة؛ فجراحة التجميل لن تكون فقط لعلاج مظهر خارجي، بل ستصبح جزءاً من الرعاية الصحية الشاملة، التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة بشكل عام.
تغير نوعي
ما الجراحات التجميلية الأكثر طلباً من النساء اليوم، وهل هناك اتجاهات جديدة؟
الجراحات التي تقبل عليها النساء تتغير حسب احتياجاتهن، لكن عملية «شفط الدهون» لا تزال في الصدارة. ومع زيادة الوعي بأهمية التوازن الصحي، تهتم النساء بشكل متزايد بجراحات «نحت الجسم»، التي تستهدف تحسين الشكل العام للجسم بطريقة طبيعية، بالإضافة إلى عمليات شد الوجه، التي تركز على تحقيق مظهر شبابي، دون اللجوء إلى حلول جذرية. هذه التقنية الجديدة في هذه الجراحات تسمح بشفط الدهون الدقيقة، لإعادة توزيعها بشكل متناغم، يعزز النتائج الجمالية.
هل هناك تغير في نوعية العمليات المطلوبة بمرور الوقت؟
نعم، فخلال جائحة «كورونا»، تحديداً، لاحظنا تغيرات كبيرة؛ فالعديد من المرضى بدؤوا يطلبون جراحات بسيطة وغير جراحية، يمكنهم إجراؤها دون الحاجة إلى البقاء في المستشفى لفترات طويلة. بالإضافة إلى ذلك، بسبب ازدياد العمل عن بُعد، بات الكثيرون يهتمون بمظهرهم خلال اجتماعات الفيديو، ما دفعهم إلى التركيز على تجميل الوجه، كعمليات تجميل الأنف، وشد الجفون.
ما الذي تغير في رغبات النساء.. في ما يتعلق بالتجميل؟
هناك نساء يحببن المبالغة في طبيعة العمليات التجميلية، ويطلبن الفيلر والبوتوكس بشكل لافت. لكن، مع مرور الوقت، أصبحت المريضات يحببن فقط العمليات الخفيفة، التي تُظهر جمالهن بشكل طبيعي.
بين الرجال والنساء
هل يزداد عدد الرجال، الذين يقبلون على عمليات التجميل؟
بالتأكيد؛ فخلال السنوات الأخيرة، لاحظنا ارتفاعاً كبيراً في عدد الرجال المقبلين على عمليات التجميل، خاصةً أولئك الذين يعملون في الإعلام، أو على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فالرجال اليوم يطلبون عمليات، مثل: نحت الفك وتجميل الأنف؛ لتحقيق مظهر حاد ومتناسق. ومع ظهور التقنيات التي تتيح التعافي السريع والنتائج الطبيعية، أصبح الرجال أكثر راحة في طلب مثل هذه العمليات، دون الحاجة إلى تغيير نمط حياتهم اليومي. ووفقاً للإحصاءات الأخيرة، يُجري الرجال حوالي 60% من عمليات التجميل، الآن.
هل أصبحت عمليات التجميل، اليوم، موضة أكثر منها حاجة طبية، وكيف تتعامل مع هذه التوجهات؟
لا يمكن إنكار أن عمليات التجميل أصبحت جزءاً من الثقافة العصرية لدى العديدين؛ فيلجأ البعض إليها لتحسين مظهرهم؛ بناءً على معايير الجمال الحديثة، وليس لحاجة طبية. هنا يأتي دور الطبيب في توجيه المرضى بالشكل الصحيح. وأحياناً، يكون الحل بتقديم استشارات نفسية واجتماعية، تساعدهم على تقبل مظهرهم، كما أن الشفافية مع المرضى أساسية؛ ويجب أن يعرف المريض ما إذا كان حقاً بحاجة إلى العملية أم لا.
كيف توازن بين رغبات المرضى، وبين تقديم النصيحة الطبية السليمة؛ لتحقيق نتائج صحية وجمالية؟
التوازن يبدأ من الاستماع بعناية لرغبات المرضى، وأحاول، دائماً، أن أفهم الصورة التي يريدون تحقيقها، ثم أقوم بتقديم تحليلي الطبي الشخصي، مع الأخذ بعين الاعتبار العوامل الصحية والنفسية. أحياناً، تكون العملية المطلوبة غير مناسبة، أو تؤدي إلى نتائج غير مرغوبة على المدى الطويل، في هذه الحالة أشرح للمريض الخيارات الأفضل؛ بناءً على معطيات طبية بحتة، مع تقديم حلول بديلة، تحقق له المظهر الذي يرغب فيه، بطريقة آمنة وجميلة.
كيف تحافظ النساء على جمالهن الطبيعي، للتقدم في العمر بشكل صحي وجميل، دون اللجوء إلى الجراحة؟
يكون ذلك بالتركيز على الوقاية والرعاية اليومية، وتجب العناية بالبشرة باستخدام واقي الشمس، وترطيب الجلد، والابتعاد عن التدخين، والعادات غير الصحية. كذلك، للتغذية السليمة، وممارسة الرياضة بانتظام، تأثير كبير أيضاً في مظهر الجلد. كما يلعب الاهتمام بالصحة النفسية دوراً أساسياً في الحفاظ على شباب البشرة؛ فالتوتر والقلق يمكن أن يسرعا عملية الشيخوخة.
ما نصائحك لمن يفكرون في إجراء عمليات تجميلية، ليكون قرارهم مدروساً بعناية؟
أهم نصيحة، هي يجب التأكد من كفاءة الطبيب، والمركز الطبي الذي يتم اختياره، ويجب أن يكون القرار قائماً على حاجة حقيقية، وليس لمجرد الرغبة في مواكبة الموضة، كما أن إجراء الأبحاث، والاطلاع على تجارب الآخرين، والحصول على استشارات من أطباء متخصصين، تساعد في اتخاذ قرار واعٍ ومدروس. ويجب العلم بأن الجراحات التجميلية ليست حلاً سحرياً، فهي لا تخلو من المخاطر، ومن الضروري أن يكون المريض مستعداً، عقلياً ونفسياً، قبل اتخاذ القرار.