الصداع المستمر، وآلام الرأس، التي قد تستمر لأيام أو أسابيع، تمنع الكثيرين من إنجاز الأهداف والمهام اليومية. وأحياناً، بسبب استخدام المسكنات الدوائية، بشكل مستمر، تفقد فاعليتها وتأثيرها في تخفيف الآلام. وفي هذه الحالة، يأتي دور البوتوكس لعلاج آلام الرأس المستمرة.
نعم، البوتوكس، أحد العلاجات الوقائية في تخفيف الصداع النصفي المزمن.. إليكِ كل ما تحتاجين لمعرفته حول هذا العلاج.
ما البوتوكس؟
يعد البوتوكس (سم البوتولينوم) سماً عصبياً، تنتجه بكتيريا «Clostridium Botulinum»، ويُستخدم في المقام الأول لأغراض تجميلية؛ لتقليل ظهور التجاعيد. لكن في أواخر الثمانينيات، بدأ الباحثون اكتشاف الفوائد العلاجية المحتملة للبوتوكس، لمختلف الحالات الطبية، بما في ذلك آلام الرأس المستمرة.
ومن الشخصيات الرئيسية في هذا المجال الدكتور أندرو بلومنفيلد، طبيب الأعصاب، الذي أجرى أبحاثاً مكثفة حول استخدام البوتوكس للصداع النصفي المزمن، وأظهرت الدراسات التي قام بها أن حقن البوتوكس تقلل، بشكل فعال، تكرار وشدة الصداع النصفي لدى بعض المرضى.
كيف يعالج البوتوكس الصداع المستمر؟
يعمل البوتوكس عن طريق منع إطلاق مواد كيميائية معينة في الدماغ تسبب تقلصات العضلات، وبالتالي تقليل تكرار وشدة الصداع.
وكشف الدكتور ويليام بايندر، جراح التجميل في «بيفرلي هيلز»، في أوائل التسعينيات، وبعد إثبات أبحاث الدكتور أندرو بلومنفيلد في فاعلية البوتوكس لعلاج الصداع، أن مرضاه الذين تلقوا حقن البوتوكس، لأغراض تجميلية، أبلغوا عن انخفاض في أعراض الصداع النصفي لديهم.
وأدت هذه الملاحظة إلى مزيد من البحث والتجارب السريرية حول فاعلية البوتوكس في علاج الصداع النصفي المزمن، والصداع الناتج عن التوتر. وفي عام 2010، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) على استخدام البوتوكس كعلاج للصداع النصفي المزمن لدى البالغين. ومنذ ذلك الحين، أصبح البوتوكس خياراً علاجياً، يستخدم على نطاق واسع للأفراد الذين لا يستجيبون بشكل جيد لأدوية الصداع النصفي الأخرى.
ومع مرور الوقت، أصبح علاج البوتوكس للصداع المستمر كبيراً، حيث عانى العديد من المرضى انخفاضاً في وتيرة وشدة أعراضها، وأظهرت الدراسات أن حقن البوتوكس تقلل، بشكل كبير، عدد أيام الصداع في الشهر، وتحسن نوعية الحياة للمرضى الذين يعانون الصداع النصفي المزمن.
وبالإضافة إلى ذلك، وجد أن البوتوكس جيد التحمل مع آثار جانبية ضئيلة، ما يجعله خيارًا شائعًا للمرضى، الذين لم يستجيبوا جيدًا للعلاجات الأخرى.
الآثار الجانبية لاستخدام البوتوكس في علاج الصداع:
على الرغم من أن البوتوكس أثبت فاعليته في علاج الصداع المستمر، إلا أن هناك بعض العيوب التي تجب مراعاتها:
- الصداع: أحد الآثار الجانبية الأكثر شيوعاً لعلاج البوتوكس، وقد يحدث بعد وقت قصير من الحقن، ويمكن أن يستمر لعدة أيام.
- ضعف العضلات: يعمل البوتوكس عن طريق حجب الإشارات العصبية في العضلات، ما قد يؤدي إلى ضعف العضلات في المنطقة المعالجة.
- الكدمات والتورم: الكدمات والتورم في موقع الحقن من الآثار الجانبية الشائعة لعلاج البوتوكس، وعادة تختفي في غضون أيام قليلة.
- الغثيان: قد يعاني بعض الأفراد الغثيان أو اضطراب المعدة بعد علاج البوتوكس، على الرغم من أن هذا التأثير الجانبي يكون خفيفاً، ومؤقتاً عادةً.
- آلام الرقبة: قد يعاني بعض الأفراد آلاماً أو تصلباً في الرقبة، وقد يكون ذلك نتيجة لضعف في عضلات الرقبة.
- ردود الفعل التحسسية: في حالات نادرة، قد يعاني الأفراد رد فعل تحسسياً للبوتوكس، مثل: الشرى أو الحكة أو صعوبة التنفس، ومن المهم طلب العناية الطبية عند حدوث ذلك.
- ارتفاع التكلفة: أحد عيوب علاج الصداع بالبوتوكس، هو ارتفاع تكلفة الحقنة، فقد تصل تكلفتها لما بين 300 إلى 600 دولار، وفقاً للجرعة الموصى بها من إدارة الغذاء والدواء الأميركية، التي تبلغ 155 وحدة.
ما المدة التي تستغرقها رؤية نتائج علاج البوتوكس للصداع؟
كان تأثير البوتوكس في علاج الصداع النصفي المزمن كبيراً، فقد وجد العديد من المرضى، الذين فشلوا في الاستجابة للعلاجات الأخرى، راحة مع حقن البوتوكس. وعادة، يتم إعطاء جرعة العلاج كل 12 أسبوعاً، وتتضمن كل جلسة حقناً متعددة في عضلات محددة بالرأس والرقبة، ويبدأ المرضى في رؤية التحسن في أعراض الصداع النصفي لديهم في غضون أسابيع قليلة بعد العلاج الأول.
وثبت أن البوتوكس يقلل تكرار نوبات الصداع النصفي بمعدل 8-9 أيام في الشهر، ما يؤدي إلى تحسن كبير في نوعية الحياة للعديد من المرضى.