خديجة الطنيجي: منتجات الحرفيات الإماراتيات تحظى بإقبال كبير
استحضرت الوالدة، خديجة الطنيجي، عبق الماضي الجميل، وحداثة الحاضر الزاهر؛ لإبداع أعمالها الحرفية التراثية، مستندةً إلى موهبتها التي ورثتها من والدتها، والنابعة من عمق ثقافتها ونشأتها؛ لتعزز - ضمن سيدات الإمارات - دور الأسر المنتجة في التنمية الاقتصادية، والحفاظ على التراث المحلي، من خلال تطويرها المنتجات التقليدية، التي تشتهر بها الأيادي الوطنية جيلاً بعد جيل؛ لتصبح قادرة على المنافسة، وتوسيع نطاق ترويجها في المعارض والمهرجانات التراثية محلياً ودولياً.. في حوارها مع مجلة «زهرة الخليج»، نطلع على مسيرتها الملهمة، وكيفية مساهمتها في صون الحرف التراثية، ونقلها إلى الأجيال:
متى بدأت علاقتك بصناعة المشغولات التراثية؟
بدأت علاقتي بالحرف اليدوية منذ الطفولة، عندما تعلمت من والدتي صناعة الدخون والسعفيات و«التلي»، إلى جانب الأكلات الشعبية، وصنع البهارات. مع الوقت، طورت مهاراتي، وتعلمت الحرف التقليدية المختلفة، التي أبدعتها المرأة الإماراتية على مر العصور. بعدها، بدأت صنع مشغولات لعائلتي، ومع تزايد الطلب من الجيران والمعارف، سوقت منتجاتي على نطاق محدود.
نقطة تحول
ما الذي ساعدكِ في توسيع نطاق تجارتكِ؟
كان مشروع الأسر المنتجة، الذي وجهت بإطلاقه سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات)، ويتبناه الاتحاد النسائي العام، نقطة تحول في حياة الحرفيات الإماراتيات، وأنا منهن؛ وذلك لتعزيز دور المرأة الإماراتية في التنمية الاقتصادية، ولتتمكن من دخول مجالات اقتصادية مختلفة، أبرزها التجارة وصناعة المنتجات المحلية، وعدد من المجالات الأخرى، وذلك بعدما خصص المشروع مواقع لعرض وبيع منتجاتها في المعارض والمهرجانات والاحتفالات التي تقام داخل الدولة. كما أتاح مشروع الأسر المنتجة، وبرامج: «صوغة»، و«مبدعة»، و«الغدير» للسيدات، فرصاً مهمة؛ لممارسة الأنشطة التجارية، حيث يتم إصدار رخص تجارية لهن، تمكنهن من المشاركة في الفعاليات، وتوفر لهن الدعم والمساندة لدخول سوق العمل.
هل واجهتِ تحديات، خلال هذه الفترة؟
رغم أنها كانت مرحلة جديدة بالنسبة لي، إلا أنني كنت أنسى كل تعبي ومشقتي؛ عندما أرى مشروعي «المرتعشة للمشغولات التراثية» يزدهر، ويجذب اهتمام الجمهور داخل الدولة وخارجها؛ فهذا النجاح كان بفضل جهود الاتحاد النسائي العام، الذي قام بتدريب وتأهيل الحرفيات، ووفر الدعم اللازم لمشاركتهن في المعارض والفعاليات.
ما الذي يدفعك إلى الاستمرار؟
وجدت شغفي وهوايتي في مجال المشغولات التراثية، وأفتخر كثيراً بأعمالي. وقد ساعدتني الصناعات التقليدية في تحسين دخل عائلتي، وعززت لديَّ الشعور بالاعتماد على النفس، وإقامة علاقات اجتماعية جميلة. وكان أكبر حافز حبي لإبراز تراث الإمارات، لأنه يدفعني دائماً إلى الاستمرار، وحضور المهرجانات والمعارض الوطنية. أيضاً، أحب المشاركة في المسابقات التراثية، وقد شاركت في مسابقة «أيام الشارقة»، وحصلت فيها على المركز الثاني، وتم تكريمي من قِبَل وزارة شؤون الرئاسة بعد مشاركتي في معرض التمور بأبوظبي. وبعد حصولي على «ترخيص مبدعة» من مجلس سيدات أعمال أبوظبي؛ أصبحت اسماً معروفاً في الفعاليات التراثية، وتتم دعوتي في الكثير من المناسبات، وقد تم اختياري من قِبَل دائرة الثقافة والسياحة ـ أبوظبي، للتعاون في إصدار كتاب عن الدخون، والعطور الإماراتية.
عبق التاريخ
كيف تقيّمين إقبال الجمهور على المنتجات التراثية حالياً.. مقارنة بالماضي؟
يتميز الشعب الإماراتي بتمسكه القوي بالتراث، وقد نبع هذا التمسك من قول المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه: «لا بد من الحفاظ على تراثنا؛ لأنه الأصل والجذور، وعلينا أن نتمسك بأصولنا، وجذورنا العميقة». الشعب الإماراتي محافظ على أبسط الصور التي تعكس تراثه، ومن بينها: الأكلات الشعبية، والأزياء التراثية، والدخون والعطور التي تحمل عبق التاريخ، لحفظ الهوية الإماراتية، وترسيخ أسسها في نفوس الأجيال المتعاقبة. لهذا سيظل الإقبال كبيراً على المنتجات التراثية للحرفيات الإماراتيات، اللاتي تفوح أعمالهن الفنية برائحة عبقة، يشمها الكبار فيحسون بالحنين إليه، ويشمها الصغار فيشعرون بالفخر والاعتزاز بماضيهم العريق، وعاداتهم الأصيلة، كما يمتد الإقبال ليشمل المقيمين، وزوار الدولة، الذين يرغبون في الاستمتاع بمنتجاتنا التراثية، ذات الجودة العالية، والسعر المناسب.
كيف تساهمين في نقل الحرف التراثية إلى الأجيال الجديدة؟
منذ سنوات عدة، أقدم الكثير من الدورات التدريبية، بالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية بالتراث، والقطاع الخاص والمدارس؛ للمساهمة في صون الحرف التراثية عن طريق نقلها إلى الأبناء جيلاً بعد جيل؛ لتحكي تاريخ الآباء والأجداد، تجسيداً لرؤية القيادة الرشيدة، التي قدمت كل الدعم؛ للحفاظ على الحرف التقليدية، المعززة للهوية الوطنية، وترسيخها في ثقافة المواطنين، حتى تدوم الروابط بين الماضي والحاضر والمستقبل.