في الرابع والعشرين من سبتمبر عام 1974، ظهرت إلسا بيريتي لأول مرة في «.Tiffany & Co»، وبيعت مجموعاتها في اليوم نفسه. واصطفت طوابير العملاء التي لا نهاية لها في أنحاء شارع «فيفث أفينيو». وكان وصول مصممة المجوهرات الإيطالية إلى «تيفاني» إيذاناً بثورة في عالم تصميم المجوهرات. فقد أغرت مجموعاتها العالم ببساطتها الأنيقة. وباعتبارها حرفية ماهرة، استكشفت بيريتي الطبيعة بفطنة عالم ورؤية نحات، رغم أن لقبها المفضل كان «حِرَفية»، فهي التي قالت ذات يوم إن تصاميمها كانت تمليها الفطرة السليمة، وقالت أيضاً: «بالنسبة لي، إن الخطوط الجيدة والشكل الجيد لا تتأثر بمرور الزمن».
وبالفعل، لا تتأثر روعة تصاميمها بالزمن، ويؤكد ذلك أنتوني ليدرو، الرئيس التنفيذي لشركة «تيفاني آند كو»، قائلاً: «كانت إلسا من أكثر المصممين المحبوبين والمهمين لدينا على مدار 50 عاماً. ولا تزال تصاميمها حديثة كما كانت دائماً، وهي شهادة حقيقية على رؤيتها الفنية وعبقريتها».
من إلسا بيريتي؟
ولدت إلسا في إيطاليا، وتلقت تعليمها في روما وسويسرا، ثم عادت - في النهاية - إلى روما؛ للحصول على شهادة في التصميم الداخلي. وبحلول عام 1969، كانت قد أثبتت نفسها كعارضة أزياء في نيويورك وبرشلونة، كما بدأت في تصميم مجوهراتها الخاصة. واستخدم مصمم الأزياء الأميركي، جورجيو دي سانت أنجلو، بعض قطعها في عرض أزياء حقق نجاحاً فورياً. وخلال هذا الوقت، التقت المصمم الأسطوري هالستون، الذي أصبح صديقها القديم، ومتعاونها الدائم.
في أوائل الثمانينيات، تم توسيع مجموعاتها لـ«تيفاني»؛ لتشمل: تصاميم الخزف، والكريستال، والفضة الإسترلينية. ومثل مجوهراتها، حظيت هذه التصاميم بالثناء؛ لشكلها السلس، وجودتها الملموسة. وأعرب صديقها القديم، ويليام تشاني، رئيس مجلس إدارة «تيفاني آند كو»، من 1984 إلى 2003، عن وجهة نظره بأن «إلسا بيريتي، من خلال عبقريتها الجمالية، وسعيها الدؤوب إلى تحقيق الكمال في التصميم، اكتسبت الاعتراف بأنها مصممة المجوهرات الأكثر احتراماً، ونجاحاً، في العالم».
عام 1999، وتقديراً لمسيرتها المهنية الرائعة، أنشأت «تيفاني» أستاذية إلسا بيريتي في تصميم المجوهرات بمعهد الأزياء والتكنولوجيا (FIT)، في مدينة نيويورك، وهي أول أستاذية في تاريخ المعهد الموقر. وفي 2001، مُنحت المصممة درجة الدكتوراه الفخرية في الفنون الجميلة من معهد الأزياء والتكنولوجيا. وفي تكريم آخر، تم تصنيف علبة مجوهرات إلسا بيريتي بمتجر الدار الرئيسي في الجادة الخامسة كمَعْلم من معالم «تيفاني».
كما حصلت بيريتي على جوائز أخرى، بما في ذلك: جائزة كوتي للمجوهرات عام 1971، تليها جائزة زميل رئيس كلية رود آيلاند للتصميم عام 1981. وعام 1996، أطلق عليها مجلس مصممي الأزياء في أميركا لقب مصممة الإكسسوارات لهذا العام. كما حصلت إلسا بيريتي على جائزة ليوناردو دافنشي المرموقة للإنجاز مدى الحياة لتصميم المجوهرات والأزياء عام 2019، وتم تقديمها خلال حدث بينالي فلورنسا.
وعُرفت إلسا بالتزامها بحماية البيئة، ومحاربة الفقر، والدفاع عن حقوق الإنسان، ودعم الفنون والثقافة. وأنشأت مؤسسة ناندو وإلسا بيريتي في 2000؛ تخليداً لذكرى والدها، وكانت أثمن إبداعات إلسا. وطوال حياتها، كرست إلسا بيريتي نفسها للعطاء للعالم، الذي استمدت منه الكثير من الإلهام. وبعيداً عن وفاتها عن عمر يناهز الـ80 عاماً في 2021، فإن العمل الجاري للمؤسسة يضمن أن كرمها سيستمر أثره في العديدين بعد وفاتها.
إنجازات إلسا بيريتي
طوال تاريخ الدار، الحافل بالتعاون مع المصممين والفنانين، تميزت إلسا بيريتي باستثنائيتها. فكان التقاء العقول بين «تيفاني آند كو»، والمصممة، حدثاً إبداعياً أحدث ثورة أبدية في تصميم المجوهرات وغيرها، ما أسفر عن بعض القطع الأكثر احتراماً وقابلية للتحصيل في القطاع. وأنتج شغف بيريتي بالطبيعة والأشكال العضوية، بجانب حساسيتها ومهارتها الفريدة، مجموعات مبدعة. وتم الاحتفاء بتصاميمها، بما في ذلك أساور: «Bone، وOpen Heart، وBean، وMesh، وSnake»، بجميع أنحاء العالم. وأحدثت تصاميمها تحولاً تاريخياً؛ فلم تعد النساء ينتظرن أن تُهدى إليهن المجوهرات، بل أصبحن يشترينها لأنفسهن.
ولم تلتزم إلسا بالوضع الراهن، بل أعادت تعريفه، فقد أعادت اختراع عقد الألماس، من خلال مجموعتها «Diamonds by the Yard»، ما ألهم النساء ارتداء الألماس طوال اليوم، وفي كل المناسبات. وقد تم اعتبار هذه المجموعة الرائدة سبباً في إضفاء الطابع الديمقراطي على الألماس، وقد كانت مطلوبة بشدة منذ لحظة إصدارها.
أما تاريخياً، فقد مثلت بيريتي ما معدله 10% من مبيعات «تيفاني» العالمية. وتوجد تصاميمها ضمن مجموعات دائمة في المتاحف الرائدة بالعالم، بما في ذلك: متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، والمتحف البريطاني في لندن، ومتحف الفنون الجميلة في بوسطن، ومتحف الفنون الجميلة في هيوستن.
تصاميم احتفالية
وبمناسبة الذكرى الخمسين، ستطلق «تيفاني آند كو»، لأول مرة، إبداعات خاصة، خلال الفترة الممتدة من 2024 إلى 2025، حيث ستعيد إصدار بعض أكثر التصاميم رواجاً مع أحجار كريمة استثنائية، ومقاييس جريئة. وستشمل الأنماط: خواتم «بون آند سبليت» الجديدة، المستوحاة من سوار بيريتي الأسطوري، بالإضافة إلى أساور «بون» النادرة، المرصّعة بالألماس، والياقوت بأسلوب «بافيه»، وأحجار الكابوشون الفريدة المنحوتة يدوياً. وستظهر، أيضاً، في المجموعة أنماط شبكية «ميش» محدودة مع أحجار التنزانيت والروبيليت والزمرد والألماس وخواتم كابوشون الفريدة، وخواتم «فانسي كولور» الجريئة. وتتوفر تصاميمها الشهيرة: «أوبن هارت»، و«ستارفش»، و«بين»، و«سكوربيون»، و«أمابولا»، مع الألماس المرصّع بأسلوب «بافيه»، إلى جانب أقراط: «سنيك»، و«هاي تايد» بأطوال مثيرة، و«دايموندز باي ذا يارد» الجريئة.