سارة التويم مصممة أزياء سعودية، برزت في عالم الموضة بتصاميمها الفريدة، التي تمزج التراث السعودي بالأناقة العالمية. شغفها بالأزياء بدأ منذ طفولتها، مستلهمةً من والدتها، التي كانت تصمم وتنفذ ملابسها الخاصة؛ لتتعمق - في ما بعد - في هذا المجال بدراسة التصميم. وتتفرد سارة بتقديم فساتين أنيقة، تجمع بين البساطة والرقي، وبإحيائها القصات الفيكتورية بلمسات عصرية تناسب ذوق المرأة السعودية، كما تسعى دائماً بتصاميمها إلى تمكين المرأة السعودية، والاحتفاء بجمالها وقوتها، وتعمل على دعم ورعاية المواهب الشابة في المملكة؛ لتبني مستقبلاً مشرقاً للأزياء السعودية..
في حوارها مع «زهرة الخليج»، تشاركنا المصممة السعودية تفاصيل رحلتها الإبداعية:
ما الذي دفعك إلى اختيار تصميم الأزياء مجالاً مهنياً، وكيف بدأت رحلتك فيه؟
منذ طفولتي، كنت أعيش في بيئة مشبعة بالفنون والتصميم، فقد كانت والدتي تصمم وتنفذ ملابسها الخاصة. تلك اللحظات المبكرة أثرت فيّ بشكل كبير، وأيقظت شغفي بالأزياء والتصميم. كما كنت، دائماً، مهتمة بتفاصيل الملابس وكيفية تنفيذها، فبدأت أولاً بتصميم ملابسي الخاصة، وتجربة الأقمشة والقصات المختلفة، ما سمح لي بتطوير أسلوبي الشخصي مع مرور الوقت. بعد حصولي على البكالوريوس، قررت دخول مجال تصميم الأزياء بشكل مهني، ودرست في الجامعة الكندية بالسعودية؛ لأطور مهاراتي التقنية والإبداعية. ومن هنا، بدأت رحلتي الحقيقية في عالم الموضة، وحولت رؤيتي وأفكاري إلى تصاميم ملموسة، تعكس شخصيتي واهتماماتي.
أسلوب خاص
صفي لنا أسلوبك في تصميم الأزياء، والعناصر التي تميز تصاميمك!
أسلوبي في تصميم الأزياء يتمحور حول البساطة الممزوجة بالتميز، أو «السهل الممتنع»؛ فأحب أن تكون القطع التي أصممها بسيطة في مظهرها، وغنية في تفاصيلها، لتترك انطباعاً مميزاً دون تعقيدات زائدة. وأركز كثيراً على الرقي والأناقة، مع مواكبة أحدث الصيحات العالمية. كما تتميز تصاميمي بإدخال التراث المحلي فيها، لأنني أعتز به، وأحاول إبرازه من خلالها، وكذلك العناصر العصرية التي تلائم ذوق المرأة السعودية؛ فهذا المزيج يجعل تصاميمي فريدة، لأنها تحترم الجذور التقليدية، وتواكب تطور عالم الأزياء.
أحييت الأقمشة والقصات الفيكتورية في مجموعاتك، فما الذي جذبك إلى هذا العصر تحديداً؟
الطابع الفيكتوري يأسرني بجماله وأناقة تفاصيله؛ فهو يجسد الرومانسية والفخامة، وهاتان الميزتان تلامسان قلبي كمصممة. وقد وجدت أن الأزياء الفيكتورية، رغم مرور الزمن، لا تزال تحمل الكثير من القوة والجاذبية، فرأيت أن هذا الطابع يمكن أن ينسجم بشكل رائع مع ذوق المرأة السعودية. أعشق الأقمشة الفاخرة ذات الملمس الغني، والقصات المعقدة التي تعكس الحرفية العالية، لكنني أضيف دائماً لمسات معاصرة؛ لجعل هذه التصاميم أكثر ملاءمة للمرأة العصرية، التي تبحث عن الفخامة والحداثة.
لاحظنا اهتمامك بالفساتين المؤلفة من قطعتين.. ما الذي يجذبك إلى هذا النمط؟
الفساتين المؤلفة من قطعتين تمنحني مساحة أكبر للتعبير عن الإبداع والتفرد، فهي تسمح بإضفاء طابع شخصي على كل قطعة، وتجعل الإطلالة قابلة للتعديل والتنسيق حسب رغبة كل امرأة. كما أرى أن هذا النوع من الفساتين يعزز الطابع المميز لكل امرأة؛ لأنه يوفر لها مرونة تنسيق القطع بأسلوب يناسب ذوقها الخاص، مع الحفاظ على الطابع الأنيق. وهذا النمط من الأزياء، أيضاً، يعكس مفهوم التعددية في الأناقة، فيمكن ارتداء القطع بطرق مختلفة تلائم كل المناسبات، ما يضفي لمسة من التميز على الإطلالة.
أثر الثقافة السعودية
كيف تؤثر الثقافة السعودية في تصاميمك، وهل هناك عناصر معينة تعكس تلك الهوية؟
الثقافة السعودية تمثل جزءاً كبيراً من هويتي كمصممة، وأجد نفسي دائماً أستلهم منها الكثير. فالأزياء، برأيي، وسيلة للتعبير عن الهوية الثقافية، ولهذا السبب أحاول إبراز التراث السعودي في تصاميمي بطريقة معاصرة. وقد أطلقت مجموعات عدة، مستوحاة من التراث السعودي، فركزت على إبراز جمال الأقمشة التقليدية، والتفاصيل الحرفية التي تعكس الحرف اليدوية الموروثة من خمس مناطق في المملكة. هذه التصاميم لا تعبر فقط عن جمال المرأة السعودية، بل تحتفي بتراثها وثقافتها الغنية على الساحة العالمية، وهي رسالة أعتز بها، وأحاول إيصالها من خلال أعمالي.
ما التحديات التي تواجهينها في تصميم الأزياء الراقية، وكيف تتعاملين معها؟
تصميم الأزياء الراقية يتطلب دقة عالية في التنفيذ، واهتماماً كبيراً بالتفاصيل، وهما أمران يضيفان تحديات عدة. أحد أكبر التحديات التي أواجهها هو تحقيق التوازن بين الراحة والجمال، فالمرأة العصرية تبحث عن تصاميم تجمع بين الأناقة والراحة في آنٍ، وهذا يقتضي الحرص على اختيار الخامات بعناية، ومراعاة التفاصيل الصغيرة، التي تضمن جودة عالية، وتمنح مظهراً راقياً، ومريحاً في الوقت نفسه. أتعامل مع التحديات بحرص شديد، بالابتكار المستمر، وتقديم قطع تعبر عن هويتي، وتواكب احتياجات المرأة العصرية.
كيف توازنين بين الحفاظ على هويتك الثقافية والابتكار؟
الحفاظ على الهوية الثقافية مع الابتكار هو أحد أهدافي الرئيسية كمصممة؛ فأنا أدرك أهمية الابتكار ومواكبة التطورات في عالم الموضة. ولتحقيق هذا التوازن، أدرس الأزياء التقليدية بعمق، وأبحث عن طرق لتقديمها بأشكال جديدة ومعاصرة. وأهدف، دائماً، إلى احترام الجوهر التقليدي، وإضفاء لمسات حديثة ومعاصرة.
ما الرسالة التي ترغبين في إيصالها، من خلال تصاميمك؟
رسالتي هي الاحتفاء بجمال وقوة المرأة السعودية؛ لأن الأزياء وسيلة للتعبير عن الهوية الفردية والجماعية، ولهذا أحرص على أن تعكس تصاميمي جمال المرأة السعودية وقوتها، وتُبرز مكانتها في المجتمع. كما أطمح أن يعرف العالم كيف يمكن للأزياء أن تعكس هوية المرأة السعودية بشكل خاص، والعربية بشكل عام، وتكون وسيلة لتعزيز تمكينها في المجالات كافة.
مشاريع.. وطموحات
هل هناك مشاريع أو مجموعات جديدة، تعملين عليها؟
في الوقت الحالي، أعمل على مجموعة عبايات جديدة، مستوحاة من التراث الفني السعودي. وسأستخدم تقنيات التطريز التقليدية، وأقمشة فاخرة؛ لتقديم إطلالات راقية، ولافتة للنظر. كما أخطط لإطلاق مشروع مهم مع مصممين شباب؛ لدعم ورعاية المواهب الناشئة والمصممات في المملكة؛ فهذا النوع من المشاريع ضروري؛ لدفع عجلة التطور في مجال الأزياء السعودية، وتمكين جيل جديد من المصممات، والمبدعين.
كيف ترين مستقبل الأزياء في السعودية، وما طموحاتك الشخصية؟
مع التغيرات والتطورات الكبيرة التي تشهدها المملكة، أرى أن مستقبل الأزياء في السعودية واعد للغاية؛ فنحن نعيش فترة تشهد فيها صناعة الأزياء نهضة كبيرة، ويتم دعم المواهب الشابة، وتقديمها للعالم. كما أعتقد أن المزيد من المصممين السعوديين سيبرزون على الساحة العالمية في السنوات القادمة، وهذا شيء يُشعرني بالفخر. على الصعيد الشخصي، طموحي أن أكون رائدة في هذا المجال، وأن أساهم في تعزيز الهوية الثقافية السعودية عالمياً.
ما نصائحك للشابات السعوديات، الراغبات في دخول عالم تصميم الأزياء؟
أنصحهن بالاستمرار في تطوير مهاراتهن، والاستفادة من التراث الثقافي الغني الذي نمتلكه. كما يجب عليهن أن يؤمنّ بقدراتهن الإبداعية، ويواصلن التعلم والاستلهام مما حولهن، وأن يكنّ على اطلاع دائم بالتطورات العالمية في مجال الموضة، ويسعين دائماً للابتكار والتفرد في تصاميمهن.
حتى الآن.. ما أبرز إنجازاتك كمصممة سعودية؟
أحد أبرز إنجازاتي كان مجموعةً أطلقتها خلال أسبوع البحر الأحمر للأزياء، ولاقت استحساناً لافتاً؛ فهذه المجموعة مستوحاة من جمال البحر الأحمر، وكنوزه الثمينة، وقد شعرت بفخر كبير لرؤية تصاميمي تبرز عالمياً، كما أنني فخورة بمساهماتي في دعم وتمكين المصممات السعوديات الموهوبات.