غدير أبو شمط: الذكاء الاصطناعي في التعليم «سلاح ذو حدَّين»
في عالم، يتسابق به الجميع نحو المستقبل، نحتاج إلى قادة تربويين، يتمتعون برؤية ثاقبة، وطموح لا يَكِلُّ، وقدرة على التكيف مع التغيرات المتسارعة، وشغف بالتعليم.. غدير أبو شمط، مديرة مدرسة جيمس الخليج الدولية، والنائب الأول لرئيس شؤون التعليم في مجموعة جيمس للتعليم، من هؤلاء القادة، فقد ارتبط اسمها بالنجاح والتميز في عالم التعليم لأكثر من 17 عاماً. ورغم أن دخولها مجال التدريس حدث بالصدفة، إلا أنها وجدت فيه شغفها، فتسلحت بشهادات علمية في مجال القيادة التعليمية من أرقى الجامعات؛ لتسهم في بناء أجيال قوية، ومتوازنة، وقادرة على مواجهة المستقبل.. في حوارنا معها، نعرف أكثر عن رؤيتها لمستقبل التعليم، وأسرار قيادتها الناجحة، والتحديات التي تواجه الطلاب والمعلمين، ودور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تحسين العملية التعليمية:
هل تغيرت طبيعة التعلم والتدريس في عصرنا الحالي؟
بالتأكيد، فقد أحدثت التكنولوجيا تحولاً جذرياً في التعليم، فأصبح الوصول إلى المعلومات أسهل وأكثر مرونة، ما يمكن الطلاب من تخصيص تجربتهم التعليمية. وقد ظهرت بيئات تعليمية تفاعلية بفضل التقنيات الرقمية، مثل: التعلم عن بُعْد، والتعليم الهجين، ما وسع فرص التعلم لتشمل الجميع.
بيئة تعليم مرنة
كيف توفر المدارس للطلاب بيئة تعليمية مرنة وقابلة للتكيف، في ظل المتغيرات الحالية؟
يتم ذلك بتوفير بنية تحتية تكنولوجية متطورة، وتقديم دعم تقني مستمر، بالإضافة إلى تدريب المعلمين على استخدام الأدوات التكنولوجية بشكل فعّال. ويمكن، أيضاً، إشراك الطلاب في تصميم المناهج؛ لتشجيعهم على المشاركة النشطة، وتحفيزهم على الشعور بالمسؤولية، والاندماج في عملية التعلم.
هل تغير دور المعلم في ظل التقدم التكنولوجي؟
مع التقدم السريع للتكنولوجيا، تحول دور المعلم من مجرد ناقل للمعلومات إلى ميسر ومرشد في عملية التعلم. ولمواكبة هذه التغيرات، أصبح من الضروري أن يمتلك المعلم مجموعة من المهارات الأساسية، أبرزها: القدرة على استخدام الأدوات التكنولوجية بفاعلية، وتصميم تجارب تعليمية تفاعلية وشخصية. كما يتطلب الأمر تطوير مهارات التفكير النقدي، وحل المشكلات، إضافة إلى القدرة على تحفيز الطلاب، وتشجيعهم على الاستقلالية في تعلمهم.
كيف يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التعليم؟
التطبيقات المحتملة للذكاء الاصطناعي في التعليم لا حصر لها، إذ يمكن من خلاله تطوير أدوات تقييم ذكية، تكشف عن نقاط القوة والضعف لدى الطلاب بدقة أكبر، ما يساعد المعلمين على تقديم الدعم المناسب إلى كل طالب. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دوراً حيوياً في توفير الدعم للطلاب ذوي الهمم بتقديم شرح مفصل للمفاهيم الصعبة، وتوفير تمارين مخصصة. ومع ذلك، يجب التعامل مع الذكاء الاصطناعي بحذر، فرغم أنه يقدم فرصاً هائلة لتحسين التعليم، إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليه كلياً.
ما المهارات الأساسية، التي يجب أن يتزود بها الطلاب؛ لمواجهة متطلبات المستقبل؟
لم يعد دور التعليم مقتصراً على نقل المعرفة، بل تعداه إلى صقل شخصية الطالب، وتزويده بالمهارات اللازمة للنجاح في عالم الأعمال، لاسيما في وقتنا الحالي. وهنا، نركز على تطوير مهارات القرن الواحد والعشرين، التي تتمثل في: التفكير الإبداعي والنقدي، وحل المشكلات، والاتصال الفعال، والتعاون مع الآخرين، والإبداع لدى الطالب، فضلاً عن تطوير مهاراته الرقمية، وتدريبه على المرونة وإدارة الوقت والتنظيم الذاتي، والمهارات القيادية، في مواجهة التحديات المتغيرة. هذه المهارات ستمكن الطلاب من أن يكونوا منتجين ومساهمين فاعلين في المجتمع. ويجب أن يكون الطلبة قادرين على التعلم المستمر، وتطوير مهاراتهم بمرور الوقت؛ لمواكبة تطورات العصر.
دور مكمل
كيف تضمن المدارس أن تكون التكنولوجيا في التعليم مكملة لدور المعلم البشري، وليست بديلًا عنه؟
يمكن تحقيق ذلك بتوجيه استخدام التكنولوجيا لدعم العملية التعليمية، وليس لاستبدال المعلم؛ فيجب أن تكون التكنولوجيا أداة تعزز التفاعل البشري، وتجعل التعليم أكثر ثراءً. ومن الضروري، أيضاً، تدريب المعلمين على استخدام هذه الأدوات بفاعلية.
ما النصيحة التي تقدمينها إلى الجيل الجديد من القادة التربويين؟
نصيحتي لهم، هي أن يتحلوا بالمرونة والتكيف مع التغيرات في التعليم، وأن يستفيدوا من التكنولوجيا لتحسين العملية التعليمية. وعليهم أن يكونوا قادة ملهمين، يعملون بروح الفريق؛ لتحقيق الأهداف التعليمية، وتحفيز الطلاب على التميز.
الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة يرتبط بتوفير التعليم الجيد للجميع.. كيف حققت الإمارات هذا الهدف، وما المبادرات التي تقومون بها في هذا المجال؟
شهد النظام التعليمي في الإمارات قفزة نوعية، في العقدين الماضيين، من خلال تحسين جودة التعليم، وتوفير بيئة تعليمية حديثة ومتطورة، تضم أحدث التقنيات والأساليب التعليمية، وتطبق معايير تعليمية عالمية. بالإضافة إلى ذلك، تم توجيه استثمارات ضخمة؛ لتطوير البنية التحتية التعليمية، وتوفير برامج تدريبية متقدمة للمعلمين، مع تعزيز التوجه نحو التعليم الشامل والمستدام. وفي مدارسنا، نحرص على توفير فرص تعليمية متساوية لجميع الطلاب، كما نطور برامج تعليمية، تعتمد على التكنولوجيا الحديثة. وكذلك، نعزز الشراكات مع المؤسسات التعليمية العالمية؛ لتبادل الخبرات والمعرفة، بما يدعم تحقيق أهداف التعليم الشامل والمستدام.
دروس مُستخلصة
كيف دخلت مجال التعليم، وهل تطورت رؤيتك له؟
دخلت التعليم صدفة، لكنه أصبح شغفي بعد أول سنة من التدريس؛ فقد شعرت بأنني في المكان الصحيح، وتطورت رؤيتي بمرور الوقت؛ لأركز على التعليم الشامل، وتمكين الطلاب بالمهارات اللازمة لبناء شخصياتهم. وهدفي هو تلبية احتياجات الطلاب المتنوعة، وتمكينهم بالمهارات الأساسية، وغرس القيم والأخلاق التي تساهم في بناء شخصياتهم في المستقبل؛ فالتحصيل الأكاديمي وحده لا يكفي؛ لأن الشخصية المتزنة والقوية سبيل النجاح.
ما أبرز الدروس التي استخلصتها، خلال مسيرتك المهنية؟
تعلمت أن التكيف مع التغيرات هو مفتاح النجاح، وأن الصبر وسرعة اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب يكونان حاسمين. بالإضافة إلى ذلك، أدركت أهمية تحقيق التوازن بين العمل والاستماع إلى الطلبة، الذين يلعبون دوراً جوهرياً في تطوير المدرسة والتعليم، فأنا أتعلم من الطلبة بشكل مستمر. والأهم من ذلك، أدركت أن التعليم لا يقتصر فقط على نقل المعرفة، بل يشمل أيضاً بناء علاقات إيجابية مع الطلبة، وتحفيزهم على إبراز إمكاناتهم الكاملة.
ما المعايير، التي ينبغي على الآباء مراعاتها عند اختيار مَدْرسة أبنائهم؟
يجب على الآباء مراعاة جودة التعليم والمناهج الدراسية، وهذا يعني التأكد من أن المدرسة تقدم تعليماً عالي الجودة بمناهج دراسية متطورة وشاملة، كما عليهم التأكد من أن المعلمين مؤهلون وذوو خبرة. ومن المهم، أيضاً، أن تكون البيئة المدرسية محفزة وداعمة للطلاب من الناحية الأكاديمية والنفسية. ومن المعايير المهمة عند اختيار المدرسة المناسبة، وجود نظام تواصل فعال مع أولياء الأمور. ويجب أن توفر المدرسة فرصاً للأنشطة، التي تساعد في تنمية المهارات الشخصية والاجتماعية لدى الطلاب، وبناء شخصياتهم. وآخر هذه المعايير أن تكون المدرسة مجهزة ببنية تحتية متطورة، ومرافق تعليمية شاملة تدعم العملية التعليمية.