تعتبر «Delvaux» أقدم دار للسلع الجلدية الفاخرة في العالم. تأسست هذه الدار في بروكسل عام 1829، على يد تشارلز ديلفو، وظلت هذه في الطليعة لما يقرب من قرنين من الزمان، بفضل براعتها، وحرفيتها، وجودة ابتكاراتها المتميزة. وفي آخرة مجموعاتها، التي تجمع الفن بالموضة، تعاونت مع الفنان البلجيكي كاسبر بوسمانز، في شراكة أثمرت أعمالاً فنية متكاملة، ونابضة بالحياة.. لمعرفة المزيد عن مجموعة «Mutualism»، تحاور «زهرة الخليج» الفنان البلجيكي، الذي تتسم أعماله بالرسومات المشرقة، والمفعمة بالحيوية، والهادفة في الوقت عينه.

  • كاسبر بوسمانز

* كيف بدأ تعاونك مع «DELVAUX»؟

- قبل أكثر من عام بقليل، تعرّف الرئيس التنفيذي لشركة «Delvaux»، جان مارك لوبيير، على عملي أثناء عرضي الفردي بمعرض «WIELS» في بروكسل. لقد انجذب إلى تفسيراتي لعلم الشعارات، أو الطريقة التي استخدمت بها الأسلوب الشعاري؛ للحديث عن الهوية المعاصرة. وقد طلب مني بلطف زيارة الاستوديو، وكان اللقاء ممتعاً للغاية.

* ما القاسم المشترك بينكما؟

- إننا نتشارك في نهج نقدي مماثل تجاه التاريخ، وقد وجدنا أرضية مشتركة شعرية؛ فأرى كل معرض، أو مشروع، أقوم به بمثابة حلقة من قصة تتطور على مدار مسيرتي المهنية. باختصار، يمكننا القول بأنني، و«DELVAUX»، نتعامل مع الزمن أو نفكر فيه.

* ما مصادر الإلهام الأساسية وراء مجموعة «Mutualism»؟

- أردت جمع سلسلة من الحكايات، التي يمكننا أن نستند إليها في هذه المجموعة. «التبادلية» (Mutualism) نسخة من التفاعل حيث يستفيد كلٌّ من الكيانين من الآخر، مثل: «DELVAUX»، والاستوديو الخاص بي. لقد جمعت حكايات توضح، أو تشير إلى هذا النقل المفيد للطرفين. يمكنك أن تجد رسوماً توضيحية للكلاب والبشر، فهي علاقة تفاعلية نعرفها جيداً، ولنجم البحر ذي الأرجل الخمس، والمرجان. وأيضاً، هناك قصص أكثر ارتباطاً بشكل غير مباشر، تتعلق بتصادم الهويات، مثل: الحكاية الرائعة لحلم «Kostbera»، في ملحمة «Volsungs»، حيث تحكي حلمها لزوجها، الذي يرفض البشائر التي تراها فيه، وهي قصص عن الروابط القوية، والعلاقات الدافئة، والنضال من أجل الحب والهوية.

* ما جوانب تراث «DELVAUX»، وحرفيتها التي ألهمتك خلال هذا التعاون؟

- كان من دواعي سروري الجلوس على طاولة المصمم لأكثر من عام، حيث كان هناك مصدر لا ينضب من المعرفة حول المواد والبناء الذي ألهمني بشكل كبير. لقد عملنا، معاً، مع إحدى أقدم شركات نسج الـ«Aubusson» في العالم، وقمنا بصنع مينا «الغيلوشي»، وترصيع الجلود، بالإضافة إلى التطريز. إن رؤية وتطوير الاختبارات بكل هذه المواد في شركات متخصصة للغاية، ونادرة، أمران مهمان للغاية. أحاول، دائماً، العمل مع شركات (تديرها عائلة) ذات جذور بلجيكية؛ لأن الحفاظ على المعرفة والخبرة أمر بالغ الأهمية.

  • كاسبر بوسمانز و«Delvaux».. تعاون يثمر حقائب مشبعة بالفن

* هل اختلف التبادل الإبداعي مع «DELVAUX» عن تعاوناتك السابقة، أو مشاريعك الفردية؟

- يختلف العمل على أشياء ذات هدف وغرض، بشكل كبير، عن الأشياء الفنية المستقلة، فهناك جانبان وجدت نفسي أهتم بهما: الأول: أن صاحبات الحقائب سيلمسنها، وسيستخدمنها، فقد قدمت لي الحقائب جودة لمسية مختلفة في عملي. ويبدو أن مجرد معرفة أن الناس سيستخدمون الأشياء محبب، ومثير للانتباه بطريقة ما. الثاني: أن الحاجة للحقائب أجبرتني على العمل بالتعاون مع فريق التصميم والإنتاج بأكمله، وبدا الأمر كأنه جهد جماعي لصنع شيء «شعري»، ولكنه مفيد.

* أخبرنا بالمزيد عن الخامات، التي اخترتها لهذه المجموعة، وعن أهميتها!

- في بعض الحالات، كان من المنطقي تبسيط الخامات، بسبب الجودة اللمسية التي تحدثنا عنها، فعلى سبيل المثال، تم تصنيع «Brilliant Mini Talisman» من جلد ذكرني بدفاتر الرسم، التي أتعامل معها يومياً.

* تتناول المجموعة موضوعات الهوية والثقافة والمجتمع.. كيف تنعكس هذه الموضوعات على القطع؟

- يمكنك أن ترى المجموعة كأنها مناظر طبيعية خلال العصور الوسطى في بلجيكا، كمدنِ تفصلها الجداول، وتتنافس وتتعاون من خلال هوياتها المختلفة. يمر النهر من حلم «كوستبيرا» بين مدن سمّت نفسها على اسم مؤسسيها الأسطوريين، أو الحياة البرية المحلية، أو أبطالها ونجومها وفتياتها.

* ما الذي يجعل «Tempête Chimera»، و«Cool Box Stargazer»، والقطع الأخرى في المجموعة مميزة؟

- ترتدي «Tempête Chimera» معطفاً، تم نسجه يدوياً بالـ«Aubusson»، بواسطة شركة تنتج المنسوجات منذ أكثر من 300 عام. ويعد «Cool Box Stargazer» إحدى القطع المفضلة لديَّ؛ لأنه مرصع بعين «أبو بريص» (سحلية صغيرة) مطلية بالمينا، لم أستطع منع نفسي من رش المجموعة بأعين «أبو بريص»؛ لأنها مصنوعة للرؤية الليلية، والنظر إلى القمر.

  • كاسبر بوسمانز و«Delvaux».. تعاون يثمر حقائب مشبعة بالفن

* ما التحديات، التي واجهتها أثناء دمج التقنيات القديمة بالتصاميم الحديثة؟

- التحدي هو منع الأعمال من الحنين إلى الماضي؛ فالحديث عن التاريخ يمكن أن ينتهي بسرعة إلى القومية، أو ببساطة السطحية، ومن المهم بالنسبة لي أن أبقي القصص حية، وذات صلة باليوم. لكن الحكايات الأسطورية المثيرة من أوائل العصور الوسطى حول النساء القويات والذكيات، لا تزال قادرة على تحريكنا وتعليمنا شيئاً اليوم. خلال عرضنا وحديثنا العام في دبي، تأثرت بالمحادثات المفصلة، التي أجريناها حول علم النفس، وديناميكيات الأسرة، فكل شيء متاح في التاريخ والطبيعة والأساطير. ومن المهم أن نتقبل تعقيد ما يكمن خلفنا، ويواجهنا اليوم وفي المستقبل، إذ يمكننا - بكل الموارد المتاحة لنا اليوم - إعادة كتابة تاريخ ذي صلة بنا، والمساهمة في تفسيرنا للكتب، والآثار الثقافية للمستقبل.

* كيف يمكنك تعريف «التبادلية».. في سياق الفن والتصميم؟

- ربما يكون هذا السؤال موجهاً إلى مؤرخ فني، لقد رويت بعض القصص لفريق التصميم، وبدأت الرقص معهم، لكن هناك بعض الملاحظات الجانبية الممتعة. بسبب عرضنا في دبي، كان بإمكاني عقد بضعة اجتماعات في مؤسسة «جميل للفنون»؛ للتحضير لعمل فني جديد، تم تكليفنا به، وسنعرضه هذا الخريف، ويبدو أن الشبكة المعقدة من الخيوط بين الفن والتصميم تجيب على السؤال أيضاً.

* كيف يمكن لتعاونك مع «DELVAUX» أن يؤثر في مشهد الفن والموضة الأوسع؟

- آمل أن تستمر «DELVAUX» في تضمين المحادثات الفنية بممارساتها، لاسيما أن جان مارك لوبيير واظب على القول بأن تعاوننا يتجاوز (1+1=2)، فقد حدث شيء خاص؛ لأننا أجرينا محادثة صريحة ومنفتحة؛ جعلت تعاوننا أو تبادلنا للآراء (1+1=3).

* ما النصيحة، التي تقدمها إلى الفنانين الشباب؟

- نصيحتي، هي: اصنع نسختك الخاصة من التاريخ، وارجع إلى المصادر الأولى، واقرأها بنفسك. فالآن جاء دورك لترجمة ماضينا.