هل سبق لك أن لاحظت ظاهرة غريبة؟.. عندما تفكرين بشدة في شراء هاتف جديد، فجأة تبدئين رؤية إعلانات عن هذا الهاتف في كل مكان تذهبين إليه، أو ربما عندما تفكرين في شراء سيارة معينة، يبدأ هذا النوع من السيارات بالظهور بشكل متكرر أمامك في الشارع.
هذه الظاهرة ليست صدفة، فهي نتيجة عملية عقلية مثيرة للاهتمام، تعرف باسم «نظام التنشيط الشبكي» (RAS).
يقول الخبراء: إن أدمغتنا معقدة بشكل لا يصدق، فيمكنها غربلة مليارات البيانات بطريقة ما، وفي أي وقت، وحتى لا نتعرض لقصر في الدائرة، يتعين علينا تنظيم هذه المعلومات، ويساعدنا «نظام التنشيط الشبكي» في ذلك.
ما «نظام التنشيط الشبكي»؟
يعد «نظام التنشيط الشبكي» (RAS) جزءاً من الدماغ، مسؤولاً عن تنظيم مستوى الوعي والانتباه. ويعمل هذا النظام كمرشح، فيسمح بمرور المعلومات، التي نعتبرها مهمة، أو ذات صلة بأهدافنا ورغباتنا، ويقمع المعلومات الأخرى، التي نعتبرها غير ذات صلة، أو غير مهمة لنا.
كيف يعمل «نظام التنشيط الشبكي»؟
عندما تفكرين في شيء ما بشكل متكرر، فإنك ترسلين إشارات قوية إلى «نظام التنشيط الشبكي». وهذا يؤدي إلى زيادة حساسية الدماغ تجاه أي معلومات تتعلق بهذا الشيء. وبالتالي، يصبح دماغك أكثر ميلاً إلى ملاحظة الأشياء التي تتوافق مع أفكارك، ورغباتك. بعبارةٍ أخرى، إن هذا النظام يأخذ ما تركزين عليه، ويصنع له مرشحاً، ثم ينخل البيانات، ويقدم فقط الأجزاء المهمة بالنسبة لكِ، وكل هذا يحدث دون أن تلاحظيه بالطبع، فـ«نظام التنشيط الشبكي» يبرمج نفسه للعمل لصالحكِ، دون أن تفعلي أي شيء بنشاط، إنه رائع جدًا.. أليس كذلك؟
ويبحث نظام (RAS) عن المعلومات، التي تثبت صحة معتقداتكِ، فهو يصفي العالم من خلال المعايير، التي تقدمينها أنتِ له، ومعتقداتكِ بالطبع هي ما يعمل على تشكيل تلك المعايير.
على سبيل المثال، عندما تفكرين في شراء سيارة معينة، يصبح دماغك أكثر حساسية تجاه السيارات من هذا النوع. وبالتالي، ستلاحظين هذه السيارة بشكل متكرر في الشارع، وعندما تتعلمين كلمة جديدة، تسمعينها أو تقرئينها في كل مكان، وعندما تخافين من شيء ما، يصبح دماغك أكثر حساسية تجاه أي شيء يرتبط بهذا الخوف. ومن الأمثلة الأخرى، إذا كنتِ تعتقدين أنكِ سيئة في إلقاء الخطب، فمن المحتمل أن تكوني كذلك، وإذا كنتِ تعتقدين أنكِ تعملين بكفاءة، فمن المرجح أن تكوني كذلك، حيث يساعدك نظام (RAS) على رؤية ما تريدين رؤيته، وبذلك يؤثر في أفعالكِ.
وبذلك يمكن أن تقومي بتدريب نظام (RAS)، الخاص بكِ، من خلال أخذ أفكارك اللاواعية، وربطها بأفكاركِ الواعية، أي ما يطلق عليه الخبراء «تحديد نيتك». وهذا يعني أنه إذا ركزتِ بجد على أهدافك، فإن نظام (RAS)، الخاص بك سيكشف عن الأشخاص والمعلومات والفرص، التي تساعدكِ على تحقيقها.
وفي حال كنتِ مهتمةً بالإيجابية، على سبيل المثال، ستصبحين أكثر وعياً بالإيجابية، وستسعين إليها، وإذا كنتِ تريدين حقاً أي شيء، وحددتِ نيتكِ في الحصول عليه، فستستمعين إلى المعلومات الصحيحة، التي تساعدكِ على القيام بذلك. وعندما تنظرين إلى الأمر بهذه الطريقة، فلا يبدو قانون الجذب غامضاً، وبمعنى أدق: ركزي على الأشياء السيئة، وستجلبين السلبية إلى حياتكِ. وركزي على الأشياء الجيدة وستأتي إليكِ، لأن عقلكِ يبحث عنها، وهذا ليس سحرًا، إنه «نظام التنشيط الشبكي»، الذي يؤثر في العالم الذي ترينه من حولكِ.
طرق لتدريب «نظام التنشيط الشبكي» الخاص بك للحصول على ما تريدينه:
أولاً: فكري في الهدف أو الموقف، الذي تريدين التأثير فيه:
الآن، فكري في التجربة، أو النتيجة التي تريدين الوصول إليها، في ما يتعلق بهذا الهدف/ الموقف.
قومي بإنشاء فيلم ذهني عن كيفية تصوركِ لهذا الهدف/الموقف في المستقبل، ولاحظي الأصوات والمحادثات والمرئيات، وتفاصيل هذا الفيلم الذهني، وقومي بتشغيله كثيراً في رأسك.
بالطبع، في الواقع هذه الأشياء ليست سهلة كما تبدو، لكن من خلالها يمكن تدريب «نظام التنشيط الشبكي»، الخاص بكِ، فالأمر يتعلق بتصور ما تريدينه، ثم السماح لعقلكِ الباطن والواعي بالعمل معاً؛ لتحقيق ذلك.
الفكرة هي: إذا كان بإمكانكِ سماع اسمكِ، وسط حشد من الآلاف؛ فهل يمكنكِ أيضاً ضبط عقلكِ؛ للتركيز وجذب الأشياء المهمة بالنسبة لكِ؟.. ولهذا السبب، احتفظي بقائمة أهدافك الكبيرة معكِ أينما ذهبتِ، واقرئيها كثيراً، حيث تتعين عليكِ إعادة التركيز باستمرار، وتذكير عقلكِ.. بما يهم، وما لا يهم.