نسمع، دائماً، عن التعلق، وأن هناك من يتعلقون ببعض الأشخاص، خلال العلاقات العاطفية أو الأسرية، وهناك نظرية تحمل اسم «نظرية التعلق».
وتُعَد هذه النظرية حجر الأساس في فهم التطور البشري، حيث تقدم رؤى حول كيفية تشكيل العلاقات المبكرة لحياتنا، وتفترض أن الروابط التي تتشكل بين الأطفال ومقدمي الرعاية لها تأثيرات عميقة، تؤثر على النمو العاطفي والعلاقات والسلوك في مرحلة البلوغ.
وفي حين أن هناك أنماطَ تعلقٍ آمنة، تقول النظرية إن هناك أنواعاً أخرى، هي: تعلق مقلق، وتعلق متجنب، وتعلق غير منظم، وكلٌّ منها يكشف عن أنماط مختلفة من التفاعل مع الآخرين.
لذا، فإن فهم الفروق الدقيقة في «نظرية التعلق» أمر ضروري؛ لأي شخص حريص على الخوض في تعقيدات الروابط البشرية.. هنا، نرصد بعض الحقائق عن هذه النظرية.
ما «نظرية التعلق»؟
تشرح نظرية التعلق كيف يشكل البشر روابط عاطفية، وقد طورها الطبيب والمحلل النفسي البريطاني جون بولبي، وتركز على العلاقات بين مقدمي الرعاية والأطفال، حيث يساعد فهم هذه الروابط في تفسير السلوكيات خلال مرحلة البلوغ.
وقد قدم جون بولبي هذه النظرية في الخمسينيات، لتقوم بعدها عالمة النفس الأميركية، ماري أينسورث، بتوسيع عمل بولبي، من خلال دراستها الموقف الغريب.
ووفقاً للنظرية، تتشكل أنماط التعلق الآمن عندما يكون مقدمو الرعاية متجاوبين وموثوقين، بينما يتطور التعلق القلق من الرعاية غير المتسقة. أما التعلق التجنبي، فينشأ عندما يكون مقدمو الرعاية غير متاحين عاطفياً، وأخيراً ينتج التعلق غير المنظم عن الإساءة أو الصدمة.
لماذا يعد التعلق مهماً؟
يؤثر التعلق في التطور العاطفي والعلاقات المستقبلية، حيث يميل الأطفال المرتبطون بشكل آمن إلى إقامة علاقات أكثر صحة، وتنظيم عاطفي أفضل.
ومن المرجح أن يستكشف الأطفال المرتبطون بشكل آمن بيئتهم بثقة، بينما قد يعاني الأفراد المرتبطون بشكل قلق من احترام الذات والثقة.
أما الأشخاص المرتبطون بشكل تجنبي، فغالباً ما يواجهون صعوبة في العلاقة الحميمة، فيما يؤدي التعلق غير المنظم إلى سلوكيات غير منتظمة، ومشاكل عاطفية.
ويؤثر التعلق المبكر في نمو الدماغ والاستجابة للتوتر، ويمكن أن تنتقل أنماط التعلق عبر الأجيال.
كيف تتشكل أنماط التعلق؟
تتشكل أنماط التعلق بناءً على التفاعلات المبكرة مع مقدمي الرعاية، ويلعب الاتساق والتوافر العاطفي والاستجابة أدواراً حاسمة.
على سبيل المثال: تؤدي الرعاية المتسقة إلى التعلق الآمن. أما الرعاية غير المتسقة، فتؤدي إلى القلق لدى الأطفال، ويساهم مقدمو الرعاية غير المتاحين عاطفياً في التعلق المتجنب، في حين تؤدي التجارب المؤلمة إلى التعلق غير المنظم.
ومن المهم معرفة أن الصحة العقلية للوالدين تؤثر في نمط التعلق، كما يمكن أن تؤثر العوامل الثقافية على سلوكيات التعلق.
تأثير التعلق على مرحلة البلوغ:
تستمر أنماط التعلق في التأثير على الأفراد حتى مرحلة البلوغ؛ فهي تؤثر في العلاقات الرومانسية، والصداقات، وحتى ديناميكيات العمل.
ويميل البالغون المرتبطون بشكل آمن إلى إقامة علاقات مستقرة قائمة على الثقة. لكن، قد يعاني البالغون المرتبطون بقلق من الغيرة والاعتماد.
وغالباً يكافح البالغون المرتبطون بتجنب الالتزام، وقد يؤدي التعلق غير المنظم لدى البالغين إلى علاقات فوضوية، وعدم استقرار عاطفي.