راوية وميثة وسارة وميرة: «الفيلم» رسالة عن تمكين المرأة ودورها المجتمعي
في عالم السينما، الذي يعكس قصصاً مستوحاة من الواقع، تَبْرزُ أعمال فنية، تعبر - بصدق - عن روح المجتمع، وتحاكي تفاصيل الحياة اليومية بأسلوب يجذب القلوب، ويثير الضحك. فيلم «العيد عيدين» أحد هذه الأعمال المتميزة، ليس فقط بما يحمله من طابع كوميدي عائلي، لكن لأنه يجسد رؤية نسائية إماراتية خالصة.
الفيلم، الذي يصور حياة عائلة سعودية - إماراتية، خلال عطلة العيد، يأخذنا في رحلة مليئة بالمواقف الطريفة، والفوضى المضحكة، مبرزاً روح الأسرة، ومعنى الانتماء. ووراء هذا العمل، الذي تم تصويره في مواقع مختلفة بأبوظبي، تقف أربع نساء إماراتيات، يقدمن جزءاً من شخصياتهن وإبداعاتهن، هن: ميثة العوضي (المخرجة)، وميرة المدفع (البطلة)، وسارة الصايغ (كاتبة السيناريو)، وراوية عبدالله (المنتجة).. التقت «زهرة الخليج» هؤلاء النساء المبدعات؛ فتحدثن عن الرؤية التي حملنها؛ لتقديم هذا العمل الفريد، وعن التحديات التي واجهنها للنجاح في عالم السينما:
ميثة العوضي: السينما الإماراتية تنافس خليجياً وعربياً
في حديثها عن فيلمها الجديد «العيد عيدين»، تؤكد ميثة العوضي، المخرجة الإماراتية المتميزة، التي شاركت أفلامها، رسمياً، في أكثر من 40 مهرجاناً حول العالم، أن المرأة الإماراتية حققت العديد من الإنجازات؛ بفضل دعم القيادة الرشيدة، التي آمنت بدورها شريكاً رئيسياً في مسيرة التنمية. وتفتخر بكونها جزءاً من السينما الإماراتية، التي أثبتت قدرتها على منافسة الأعمال الخليجية والعربية، فتقول: «فخورة جداً؛ كوني جزءاً من السينما الإماراتية؛ التي أثبتت قدرتها على منافسة الأعمال السينمائية الخليجية والعربية». وتضيف: «فيلم (العيد عيدين) كان بالنسبة لي المشروع (الحلم)، حيث شارك في تحقيقه فريق رائع، ولا ننسى الجهود التي بذلتها شركة (إيمج نيشن أبوظبي) لإنتاج هذا العمل».
وعن التحديات، التي واجهتها كامرأة في صناعة السينما، تقول ميثة: إن التحدي الأكبر كان توقع البعض عدم قدرتها على التعامل مع المعدات، والتحرك بحرية في موقع التصوير، لكنها أثبتت العكس بعملها الدؤوب، وشغفها الكبير، موضحة: «كنت أرتدي العباية، وأحمل أكثر من 10 قطع من المعدات، وأركض في مواقع التصوير؛ لالتقاط المشاهد المختلفة والمميزة، وفي الجانب العملي لم أواجه أي تحديات، لكن كوني مخرجة أفلام فهذا تحدٍّ في حد ذاته».
وتشير ميثة إلى أن العمل على فيلم «العيد عيدين» مع فريق من النساء الإماراتيات كان تجربة مميزة، حيث ساد الاحترام والدعم المتبادل بين الجميع، ما وفر بيئة عمل مثمرة ومبدعة، مؤكدة: «شعرت بالتمكين والفخر؛ لكوني بين هؤلاء النساء الملهمات والموهوبات والطموحات، ولأنه أول مشروع روائي طويل لنا جميعاً، واستندت علاقتنا في موقع التصوير على الاحترام والدعم والتشجيع والثقة بقدراتنا». وأكدت أن الفيلم يتميز عن أفلامها السابقة بنصه الكوميدي، فهو أول فيلم كوميدي طويل من إخراجها.
وحول الرسالة التي ترغب ميثة في إيصالها من خلال هذا الفيلم، توضح: «رسالتي هي تقديم رؤية مختلفة للعائلة الخليجية، وعرض علاقاتنا بطريقة تعكس تشابهنا، وارتباطنا بالمجتمعات الأخرى، ما يسمح بالتواصل مع الآخرين على مستوى العالم، ويظهر لهم أننا جميعاً متشابهون، مع بعض الاختلافات البسيطة». وتعتبر ميثة العوضي يوم المرأة الإماراتية فرصة للاحتفاء بإنجازات المرأة، وتقديم الشكر إلى القيادة الحكيمة، لدعم وتمكين المرأة الإماراتية، وجعلها دائماً في الصفوف الأمامية.
سارة الصايغ: أفضل القصص تأتي من التجارب الشخصية
أكدت الكاتبة، سارة الصايغ، أن تجربة كتابة سيناريو يجمع بين الكوميديا والحياة العائلية، كانت ممتعة وسهلة، خاصة أن الحياة العائلية مليئة بالمواقف الطريفة، التي يمكن تجسيدها بشكل واقعي. وبفضل دعم زملائها في «إيمج نيشن أبوظبي»، تلقت سارة الكثير من الإرشادات والملاحظات، التي ساعدتها في تحسين نص الفيلم. وأنه بعد عامين من العمل الدؤوب، وصلت مسودة النص إلى مرحلة مقنعة، بعدها جرى البحث عن مخرج للفيلم. تقول: «بدأت مغامرتي مع (العيد عيدين) عام 2018؛ عندما قرأت أحد النصوص القصيرة المشاركة ضمن برنامج (الكتابة السينمائية)، التابع لاستديو (الفيلم العربي)، وخلال عملي في (إيمج نيشن أبوظبي) كنت مسؤولة عن إيجاد النصوص، التي يمكن تطويرها، أو إنتاجها. وكان النص القصير المضحك الذي كتبته ساجدة المعلمي (إحدى المشاركات بالبرنامج) ملهماً لي؛ لقربه من واقع حياتي العائلية. فمثلاً، بعض المشاجرات التي كانت تحدث بين الأطفال، هي نفسها التي كانت تحدث معي أيام طفولتي».
وعن تعاونها مع المخرجة ميثة العوضي، والمنتجة راوية عبدالله، أكدت سارة الصايغ أن التجربة كانت ممتعة ومثمرة، وأنها شعرت بتناغم كبير في الأفكار، والرؤية النهائية للفيلم، فسادت روح التعاون والتفاهم، مضيفة: «كنت محظوظة بالعمل معهما في هذا المشروع، وأعتقد أن هذا التفاهم سينعكس بشكل واضح على الشاشة؛ عند عرض الفيلم».
وتطمح سارة، من خلال فيلمها «العيد عيدين»، إلى إيصال رسالة إلى النساء الإماراتيات، مفادها أنهن قويات، وقادرات على تحقيق المستحيل، وأن أصواتهن مهمة في جميع المجالات، التي يخترن الانخراط فيها، ومنها: الأمومة، والحياة المهنية. كما تؤكد أنها محظوظة بوجود قيادة حكيمة تدعم المرأة الإماراتية في جميع خياراتها. وأيضاً، ترى سارة أن إسهام المرأة الإماراتية في صناعة السينما أمر أساسي؛ لتمثيلٍ متوازنٍ للسرد في المنطقة، وتدرك أن أفضل القصص تأتي من التجارب الشخصية، وأن المرأة الإماراتية قادرة على تحقيق النجاح في مختلف المجالات، بما في ذلك صناعة السينما.
ميرة المدفع: أجسد دوراً يمثل أولوياتنا الثقافية
ميرة المدفع، الممثلة الإماراتية، التي تحمل درجة الماجستير في الإخراج السينمائي من معهد الفيلم الأميركي، تلعب دور امرأة إماراتية متزوجة من رجل سعودي، وهي ممتنة لاختيارها لأداء شخصية الأم، التي تحاول الموازنة بين استقلاليتها وأحلامها وبين عائلتها. وترى ميرة أن هذا الدور يمثل كثيرات من نساء جيلها، خاصة جيل الألفية، وأن كل قرار تتخذه شخصية «مها» ينبع من القلب، فتقول: «ممتنة جدًا لاختياري؛ لأكون جزءًا من هذا العمل، ضمن فريق من الفنانين المحترفين، ودائمًا أنا متحمسة للعب الأدوار الصعبة، وفخورة أيضًا لأنني جسدت دوراً مهماً، يمثل سلوكياتنا، وأولوياتنا الثقافية».
وتابعت: «الشخصية التي أؤديها قوية الإرادة وصريحة، وتكون في بداية الفيلم معتمدة على الآخرين، لكنها لاحقاً تتعلم الموازنة بين أحلامها الشخصية ومسؤولياتها كأم. هذا التحول يجسد قوة ومرونة المرأة الإماراتية، ويسلط الضوء على أهمية المثابرة، والاعتماد على الذات، ويؤكد أن متابعة الطموحات الشخصية مع رعاية الأسرة تحدٍّ يمكن تحقيقه».
وعبرت ميرة عن فخرها بالعمل مع فريق من الإماراتيات الموهوبات، مشيرة إلى أن الطاقة الإيجابية، والروح الملهمة بينهن، صنعتا جواً من التعاطف، والمساهمة الفعالة في الكوميديا العائلية المؤثرة. وأكدت أن النساء اللواتي عملن على الفيلم استخدمن قصصاً من حياتهن الشخصية؛ لإضفاء الصدق على العمل، وأضافت: «لقد صنعن طاقة إيجابية رائعة، وفرت جواً من التعاطف، الذي كان مفيدًا في مساهمة الجميع بهذه الكوميديا العائلية المؤثرة. وكانت هناك روح ملهمة بين النساء، وهذه المرة الأولى التي أعمل فيها مع نساء كثيرات، يلعبن أدوارًا أساسية في موقع التصوير».
ميرة، التي عُرضت أفلامها في «مهرجان كان السينمائي»، تتطلع إلى مغامرات فنية جديدة، في كل مشروع تعمل عليه. وتعبر عن التزامها بمشاركة تجاربها؛ لتحقيق تأثير إيجابي في عالمنا، وتؤكد: «أريد أن يعرف العالم أن لدينا جميعًا قصصاً فريدة لنشاركها. ومن خلال هذه القصص، يمكننا تعزيز التواصل في عالمنا، لذلك سأستمر في مشاركة تجاربي؛ لتحقيق تأثير إيجابي في عالمنا».
وترى ميرة أن المرأة الإماراتية تنحت مسارات من الإلهام، وتضيء العالم بقدراتها غير المحدودة، مضيفة: «الإماراتيات يحملن قصص ماضينا، ووعود الغد».
راوية عبدالله: مشاريعي الإنتاجية تضيء على قصص النساء الملهمات
في تجربة إنتاجها فيلم «العيد عيدين»، وجدت راوية عبدالله، المنتجة والمخرجة، التي أثرت أعمالها المشهد السينمائي الإماراتي، بمشاركتها في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية بأفلامها القصيرة، نفسها أمام فرصة فريدة؛ للتعبير عن قوة وإبداع المرأة الإماراتية. تقول: «هذا الفيلم لم يكن مجرد عمل فني، بل كان رسالة قوية عن تمكين المرأة، وتسليط الضوء على قصصها، وأدوارها المجتمعية المهمة. العمل مع فريق موهوب ومتحمس، أضفى على الإنتاج طابعاً خاصاً»، وتؤكد أنها فخورة بما حققته، وتتطلع إلى المزيد من المشاريع، التي تبرز إمكانيات المرأة الإماراتية، وتسهم في تقديم صورة إيجابية عنها محلياً ودولياً. وتوضح أن فيلم «العيد عيدين» تميز بجوانب عدة، عن غيره من أعمالها السابقة، مثل: «سحابة أمل»، و«خط تماس»، فهو يستهدف جمهورًا أوسع، ويحتفل بروح العيد، بينما كانت أعمالها السابقة موجهة إلى المهرجانات السينمائية، بقصص أكثر تعقيدًا وعمقًا. وتبين: «إضافة إلى ذلك، اعتمد الفيلم على أسلوب فني بسيط وجاذب، وتميز بميزانية كبيرة وإنتاج ضخم، ما أتاح لي العمل مع فريق كبير، والتفاعل المباشر مع الجمهور».
وترى راوية أن دورها كامرأة إماراتية في تعزيز الصناعة السينمائية، يتجسد في مشاريعها الإنتاجية، التي تسلط الضوء على قصص النساء الملهمات، وتدعم المواهب النسائية، وتبني شراكات لدعم دورهن الفعال في هذه الصناعة. وأشارت إلى أنها تؤمن بأن الميزانية، ونجومية الفنان، تلعبان دورًا مهمًا في العمل السينمائي، فالميزانية الكبيرة تجذب النجوم الكبار، فيما شهرة الفنان، وقدرته على جذب الجمهور، تجعلانه أحيانًا يختار الأدوار الرئيسية.
وفي يوم المرأة الإماراتية، تشجع راوية الجيل القادم من النساء على الاستمرار في التعلم، والتطوير الذاتي، وابتكار مهارات جديدة، ليكنَّ رائدات في مجالاتهن الخاصة، ومنها الإنتاج السينمائي، فتقول: «أنتن سفيرات لقيم التسامح والتعايش، فساهمن في نشر رسالة السلام والتفاهم بين الثقافات والأجيال المختلفة. وكنَّ فخرًا للوطن، وملهمات للأجيال القادمة بتفانيكن وابتكاراتكن، ومستعدات لتحقيق أحلامكن، لتصبحن فخرًا لدولتكن، ومجتمعكن».