ليست عصبية..!
أعرف أنها، دوماً، تبدو كقط مقوس الظهر.. كأنها واقفة على الحافة، لا تنتظر إلا دفعة واحدة؛ كي تسقط.. تصرخ كثيراً.. تتوتر كثيراً.. كلمة واحدة تكفي؛ كي تشعل فتيلها.. لم تكن هكذا.. لكنهم عندما أساؤوا فهم حساسيتها.. مزقوا قشرتها الهشة.. تجاهلوا نعومة بتلاتها؛ حتى سقطت؛ فلم يبقَ لهم إلا أشواكها! من يلوم الشوك؟!
ليست سوداوية..!
على العكس.. كانت تعشق الألوان.. قلبها الأخضر كان يرتع في جنة أحلامه.. يمسك فرشاة ألوانه.. يرسم بحراً فيروزياً ذا شاطئ ذهبي، تظلله سماء زرقاء، تتنافس في إنارته شمس وقمر ونجوم.. حورياته الفضيات يلبسن أطواق الزهر الأحمر على شعورهن الكستنائية.. لكنَّ أحدهم مزق لوحتها، سكب لها ألوانها، ومزق بقية الورق!
ليست شاحبة..!
يوماً ما كانوا يحسدونها على حمرة وجنتَيْها؛ عندما يصبغها حماسها.. شعلته المتقدة كانت تكفي دوماً لتتأجج ملامحها ببريق حيوي.. لكنهم أجهضوا حماسها.. تركوها مقيدة لما يزعمون أنه واقعٌ عليها احترام أغلاله.. واليوم، عندما انطفأت شعلة وجهها، الذي صار شاحباً، يقولون إنها فقط بحاجة إلى بعض الفيتامينات!
ليست انطوائية..!
يوماً ما كان لها قلب دافئ، يجيد التمشية على أرصفة القلوب.. يمنح هذا زهرة.. وذاك ضمادة.. وذلك دواء!.. ضحكتها الرنانة كان لها ذاك السحر، الذي يكفي عزفه؛ لترقص على لحنه القلوب.. لكن الخذلان صفعها!.. الغدر أدماها.. مرة تلو مرة؛ حتى فقدت صوتها.. ضحكتها صارت فجأة دون صوت.. سكت اللحن، وتوقف الرقص!
ليست مستهترة..!
بل عفوية! خنقوها كثيراً منذ صغرها بالسير في حذاء ضيق؛ كي يصغر حجم قدمها، زاعمين أن القدم الصغيرة من علامات جمال المرأة.. صارت لها قدم صغيرة حقاً، لكنها ما كانت تراها جميلة بل مؤلمة.. حتى السير عليها صار يخزها.. صغرت قدمها لكن.. كبر هذا الوجع في قلبها.. لهذا كتبت هذه اللافتة العريضة على جبينها: «جمالي في رأسي»، ثم صارت تسير حافية القدمين، دون حذاء!
ليست ازدواجية..!
يدعونها «جوزائية»!.. متقلبة المزاج!.. لا يعرفون أنها دفعت ضريبةَ تطرف عاطفتها باهظةً؛ فصارت تسير على الخط الفاصل بين المشاعر بحذرِ مَنْ تخشى الوقوع في الهاوية!
من يلوم الشوك؛ لو قسا على الأيدي، التي تمتد لتخدش أوراق أزهاره؟!.. هن لسن غريبات متصنعات متكلفات.. هن فقط يقاومن؛ كي لا تنطفئَ جذوتهن، ويضعنَ في وسط الطريق.