«حيث لا يوجد قانون، لا توجد حرية».. جون لوك. تختلف درجة الحرية، التي يتمتع بها الأفراد من مجتمع إلى آخر، تبعاً لخصوصية كل مجتمع وطبيعته. ففي المجتمعات التقليدية، بما في ذلك مجتمعنا الإماراتي، تبدو حريتنا الفردية مقيدة بدرجةٍ ما، بعوامل مجتمعية، ودينية، وقِيَمية، وهي عوامل تشكل وتحدد نطاق الحرية لدينا.

في رأيي الشخصي، ومن واقع القيم التي نشأت عليها، فإننا نتمتع بحرية فردية، ضمن إطار منضبط، يتماشى مع تقاليدنا ومبادئنا. هذه الحرية، وإن كانت محدودة إلى حدٍّ ما، إلا أنها تكفل وتحترم، ضمن الحدود التي رسمتها قيمنا الأصيلة، الموروثة عن أجدادنا، التي تعزز تماسكنا الاجتماعي، وتضفي طابعاً خاصاً على حياتنا.

إن كل فرد يطمح إلى إحداث تغيير مع نمو وعيه، وتنامي رؤيته لمفهوم الحرية، وعملية التغيير ليست مستحيلة، لكنها تتطلب توازناً دقيقاً بين الحفاظ على هويتنا الثقافية، وبين التطلع إلى التطور والتحديث. في بعض الأحيان، قد نشعر بتحديات ناتجة عن محاولة التوفيق بين ما نطمح إليه كأفراد، وبين ما يتوقعه منا المجتمع. لكننا نتعلم أن ننظر إلى هذه التحديات كفرص للنمو الشخصي، والجماعي.

في مجتمعنا، نحن نسير وفق قيم راسخة حددت من خلال تجارب أجيال سابقة، وهذا لا يعني أننا لا نملك حرية، بل يعني أننا نمارس هذه الحرية ضمن إطار يحترم ويعزز هويتنا ووحدتنا الوطنية. هناك من يتمكنون من إحداث تغييرات إيجابية داخل المجتمع، بفضل صبرهم، وإصرارهم على التقدم والتطور، من خلال منظومة حرية فردية منضبطة، وهؤلاء الأفراد يسهمون في إثراء مجتمعنا، وتطوره.

نحن نرث ما أفرزته مجتمعاتنا من قيم ومفاهيم، وهذا الإرث هو مصدر قوتنا وثباتنا؛ فحرية الفرد في هذا السياق تعني القدرة على اتخاذ قرارات تتماشى مع مبادئنا وقيمنا، دون التضحية بهويتنا. والتعبير عن الرأي والأفكار بحرية جزء من حقوق الفرد في البناء المجتمعي، وتحقيق حرية الفرد في المجتمع الإماراتي يتطلب شجاعة وحكمة في مواجهة التحديات، مع الحرص على تحقيق أعلى درجات التوازن بين الأصالة والتحديث. نحن نفخر بقيمنا وتقاليدنا، التي تشكل أساس هويتنا، ونسعى دائماً نحو التطور بما ينسجم مع هذه القيم. والانطلاقة تأتي من أن نعي أن حرية الفرد هنا ليست مجرد مطلب فردي، بل هي جزء من نسيج مجتمع متماسك ومتوازن.