يدرك المخرج المصري، يسري نصر الله، أن الأفلام المتوسطة الإنتاج مازالت تمتلك القدرة على المنافسة تجارياً، في ظل وجود أفلام تنتج بميزانيات ضخمة جداً، تصل إلى ملايين الدولارات.
ويؤكد نصر الله، في حديث خص به «زهرة الخليج»، على هامش مشاركته في مهرجان عمان السينمائي الدولي، أن السينما التجارية لم تكن يوماً من الأيام محصورةً في أفلام الأكشن، مطالباً بتذكر أفلام عاطف الطيب، وحسن الإمام، وأن العودة إلى تاريخ هذه الصناعات السينمائية يمنحنا مؤشراً إلى أن اجتماع عدد من العوامل، يعني نجاح الفيلم، بغض النظر عن المبلغ المرصود لإنتاجه.
ويؤكد مخرج المسلسل الشهير «منورة بأهلها» أن عدداً كبيراً من الأفلام، التي شاركت بمهرجانات عالمية، ونالت جوائز عدة، ووصفت بأنها «أفلام مهرجانات»، تصنف بنفس الوقت بكونها أفلاماً تجارية تعرض بدور السينما، ومنها على سبيل المثال فيلم «إن شاء الله ولد»، فهذه النوعية من الأفلام لم تصنع لفئة خاصة، وإنما لعامة الناس.
الأفلام الأصعب:
يقول المخرج المصري: إن الفكرة تكمن في أهمية السؤال عن الأفلام، التي لا تكون عالية التكلفة بشكل كبير، أو منخفضة التكلفة أيضاً، فأين مكانها اليوم في السينما؟.. موضحاً أن المشكلة تكمن في وجود رهبة لدى عدد كبير من صناع هذه الأفلام عند الإعلان عن قدرتهم على المنافسة بهذه الأفلام، رغم أنهم قادرون بالواقع على منافسة السينما الأميركية بهذه المشاريع، التي لا تتطلب خدعاً سينمائية ضخمة، أو تأثيرات صوتية وبصرية كبرى، لاسيما أنها ليست من نوعية الأكشن.
ويضرب نصر الله مثلاً ببعض الأفلام المتوسطة الإنتاج، التي شاهدها في السعودية، وكانت من إنتاج سينمائيين سعوديين شباب، أرادوا التكلم عن حياتهم وقصصهم، فقدموا أفكاراً رائعة تستحق الإشادة، متوقعاً أن تجد هذه النوعية من الأعمال مكاناً لها في المستقبل، أمام أفلام التمويلات الضخمة التي نراها.
ويختصر المخرج المصري حديثه بالتعبير عن قناعته التامة بأن تقديم فيلم «غالٍ» أسهل بكثير من صناعة آخر متوسط الميزانية، والأخير يظهر التحديث الحقيقي، ويشكل فرصة حقيقية لإظهار الطاقات والمواهب.
الفيلم العائلي:
وفق حديث المخرج الشهير، يختلف مفهوم الفيلم العائلي بين زمن وآخر، قائلاً إن تعريفه يعود لمنظومة الأخلاق التي تتحكم بالمجتمع، وسابقاً كانت أفلام، مثل: «عائلة زيزي»، و«خلي بالك من زوزو»، تصنف بأنها أفلام عائلية، بينما لم نعد اليوم قادرين على إنتاج هذه الأفلام للعائلة.
ويُرجع نصر الله الأمر إلى وجود حالة محافظة جداً، وبات هناك من يملي على العائلة ما يصح وما لا يصح، وأن المستوى المحافظ بات يتحكم في ما يمكن مشاهدته، واصفاً هذا الأمر بأنه غير سليم، وليس واقعياً.
تراجع الكوميديا المصرية:
لا يخفى على أحد وجود تراجع في مستوى الأفلام الكوميدية في مصر؛ إذا قورنت بتلك الأفلام الخالدة، التي قدمت في حقبة زمنية سابقة، وقد وجهنا سؤالاً حول هذا الأمر للمخرج يسري نصر الله، ففسر الأمر قائلاً: إنه يتعلق بأسماء الممثلين، الذين كانوا موجودين سابقاً.
ويقول: إننا لو نظرنا إلى عادل إمام وسمير غانم وفؤاد المهندس، وفكرنا في نجيب الريحاني، وأفلام المخرج فطين عبد الوهاب؛ لأدركنا عدم وجود نجم واحد، بل نجد أفلاماً تصنع بحالة من الممثلين الكبار، جميعهم يمتلكون القدرة على إضحاكنا، ويعملون معاً حتى نضحك من قلوبنا. أما اليوم، فقد باتت الأفلام تركز على نجم واحد، هو البطل والمسؤول عن كل المواقف، والإفيهات، ما أضعف هذه الأفلام، وأبعدها عن جوهرها الحقيقي وهو الكوميديا، واصفاً هذه الحالة بأنها ليست سينما.
ويكمل: إن وجود النجم الواحد سبب تراجع الكوميديا، ولا يمكن وصف أفلام عادل إمام بأنها من أفلام النجم الواحد، فقد كانت مليئة بالنجوم، ومنهم: لبلبة ويسرا وسعيد صالح وصلاح السعدني. أما النجم الواحد؛ فسيكون من الصعب عليه أن يقدم عملاً كوميدياً حقيقياً.
المسلسلات المعربة:
لا يمكن إغفال حالة تصاعد الأعمال العربية المستنسخة من نظيرتها التركية، التي باتت تعرف بالمسلسلات المعربة، وبدأت سطوتها على الشاشات مؤخراً، وغياب مصر عن إنتاج هذه النوعية من المسلسلات.
يقول المخرج المصري: إن هذه النوعية من المسلسلات لن تتسلل إلى مصر إطلاقاً، لسبب بسيط هو وجود عدد كبير من الكتاب المميزين في مصر، ورغبة صناع المسلسلات في طرح مواضيع اجتماعية جريئة مع وجود عدد كبير من القضايا والأفكار، التي نريد أن نعالجها من خلال النصوص الدرامية والمسلسلات، التي تبقى دائماً أفضل وسيلة للهروب من رقابة المجتمع.