الرفق بالحيوان أحد مظاهر الإنسانية، ووجه من وجوه الرحمة والإحسان، وهو خلق إنساني رفيع، حثت عليه كل الشرائع الإلهية والقوانين الوضعية، وجُبِل عليه الإنسان، الذي وُهب العقل، وتميز به عن سائر الكائنات. لذلك، يُعتبر الرفق بالحيوان مقياساً لتقدم الأمم، ورقي الشعوب والحضارات، فالحيوان غير قادر على التعبير عن آلامه، ويتوجب على الإنسان العاقل فهمه، والإنصات إليه معنوياً.

  • الرفق بالحيوان.. خُلق رفيع جُبِل عليه الإنسان

مرهف الحس، ويحمي الضعيف، ويعين اللهيف، ويرفق بالكائن الحي، إنساناً أو حيواناً.. إنها خصال الإنسان النقي المشاعر، صاحب القلب الرحيم، الذي يتعامل مع الحيوان برفق ورحمة، ويحترم حقوقه، بل ويحسن إليه، حتى إن لم تأتِ منه منفعة مادية أو مصلحة اجتماعية، فالدافع إلى ذلك أخلاقي محض، يتمثل في رفع الظلم والأذى والضرر عن كائن حي ذي كبد رطبة، يحس ويشعر ويتألم، وإن لم يكن له لسان يتكلم به ويشكو.

الرحمة الحقيقية تشمل جميع الكائنات، من البشر والحيوان. ومن المؤسف أن البعض ينتقدون مساعدة الحيوانات؛ بحجة أن البشر أولى بالمساعدة، لكنَّ هذا الرأي يفتقر إلى الإنسانية؛ لأن الحيوانات خُلقت لخدمتنا، ومن واجبنا الرفق بها.

تجربة مشبعة بالخير والعطاء

قدم سهيل عبدالله، مؤسس وشريك في مركز «بيور لايف» للعلاج البيطري، نموذجاً ملهماً للإنسانية والعطاء المجتمعي، انطلق من دولة الإمارات، بعدما قاده حبه الشديد لرعاية الحيوانات إلى افتتاح عيادة بيطرية، لا تهدف إلى الربح فقط، بل تتبنى مبادئ إنسانية، تراعي أعلى درجات الرفق بالحيوان. عرض سهيل الفكرة على صديقه، وافتتحا عيادة «بيور لايف» مخصصَيْن جزءاً من الأرباح لرعاية الحيوانات. تلك التجربة المشبعة بالخير والعطاء دفعت مجلة «زهرة الخليج» إلى مقابلة سهيل، لمعرفة دوافعه الإنسانية، وأبرز التجارب التي عايشها، وأثرت بالإيجاب في حياته.

أعرب سهيل، في بداية حديثه، عن فخره بافتتاح مشروعه في الإمارات، حيث يسود الأمن والأمان، ويتآلف الطير والحيوان مع الإنسان. وأوضح أن هدفهم الأساسي هو الرفق بالحيوان ورعايته، مشيراً إلى مبادئهم الصارمة، ومنها: عدم استخدام «إبرة الرحمة» إلا في الحالات المستعصية، وعدم استخدام الهرمونات المسببة للأورام، وتقديم خصومات إلى الأشخاص الذين يعالجون القطط الضالة، وفي بعض الحالات يقدمون إعفاء كاملاً من التكاليف.

  • الرفق بالحيوان.. خُلق رفيع جُبِل عليه الإنسان

وأكد أنه، خلال مسيرته الناجحة، قام بتوسيع العيادة؛ فافتتح 3 أفرع بإمارات الدولة، والتقى أشخاصاً كثيرين، ممن لديهم فائض كبير من الرحمة، وغيرهم ممن قلّت لديهم هذه الرحمة، أو انعدمت. وسرد لنا بعضاً من هذه القصص، قائلاً: «كانت هناك حالة حرجة بشكل كبير لقط، ونسبة موته تتخطى ال90 %، ويحتاج إلى علاج باهظ التكلفة لمدة 3 أشهر. والمفارقة أن منقذ هذا القط شخص من أصحاب الدخل المحدود، لكنه أقدم على علاجه، ولم يتحمل فكرة أن يشاهده وهو يموت، فكان سبباً في إنقاذ روحه من الموت المحقق. وقد قدمنا إليه تسهيلات في الدفع، إلى جانب خصومات كبيرة على الخدمة التي نقدمها. هذا الشخص يجعلنا، دائماً، نشعر بالأمان، فهذا موقفه مع حيوان، فما بالك بعطفه على البشر. وفي إحدى المرات، جاءت إلينا امرأة لديها قط أعمى، وكانت تريد إعطاءه (إبرة الرحمة)، لكننا رفضنا، ومع إصرارها الشديد، طلبت منها أن تتركه لنا لنرعاه، وبالفعل اعتنينا به في العيادة مع غيره من القطط، التي جاءت بقصص مشابهة، ولم نتحمل التخلي عنها».

وأبدى سهيل عبد الله سعادته ورضاه بما يقدمه من جهود لرعاية الحيوانات الأليفة، خاصة القطط، وأوضح أن تأثير ذلك عظيم في الحياة الشخصية، وأضاف: «العطاء، بصفة عامة، يمنح الإنسان السعادة، فما بالك بالعطف على الحيوانات، تلك الكائنات الضعيفة، التي لا تستطيع التعبير عن آلامها واحتياجاتها. كما أنه يمنح البركة. وقد حضرني موقف حدث معي، ففي إحدى المرات طلبت مني سيدة إماراتية أن أرعى 75 قطة في حديقة عامة، أثناء غيابها خلال شهر رمضان الفضيل لأداء العمرة. بالطبع، وافقت على الفَوْر، وكنت يومياً أذهب قرب المغرب؛ عندما تهدأ حدة الحرارة، وأضع لها الطعام، وأرجع إلى البيت بعد المغرب، وأفطر مع أسرتي. في هذا الشهر، حلت البركة في صحتي ومالي بشكل لا يصدق، ووقتها استشعرت المعنى الحقيقي للبركة. لهذا أنصح جميع الناس بالصدقة في كل صورها، سواء على الإنسان أو الحيوان، فكلاهما روح يجب الحفاظ عليها».

  • الرفق بالحيوان.. خُلق رفيع جُبِل عليه الإنسان

رعاية الحيوانات صيفاً

وفي لقاء لمجلة «زهرة الخليج» مع الطبيب البيطري طلحة شفيق، من عيادة «أموري» البيطرية، قدم إلينا بعض النصائح؛ للتعامل الصحيح مع الحيوانات الأليفة، وفهم احتياجاتها، ولغاتها السرية:

ما سبل حماية الحيوانات، أثناء ارتفاع حرارة الصيف؟

- تسهيل وصولها إلى الظل والماء البارد في جميع الأوقات.

- الحد من ممارسة الرياضة، خلال الأوقات الأكثر حرارة في اليوم.

- عدم ترك الحيوانات أبداً في السيارات المتوقفة.

- التحقق من درجة حرارة الرصيف قبل المشي؛ لتجنب الحروق.

- مراقبة علامات «ضربة الشمس»، ومنها: اللهاث المفرط، وسيلان اللعاب، والضعف. وفي حالة الطوارئ، يجب أخذ الحيوان إلى منطقة باردة مظللة، وصب الماء على رأسه، وطلب الرعاية البيطرية؛ إذا لزم الأمر.

ما طرق رعاية الحيوانات، والعناية بها، في المنزل؟

- توفير بيئة مريحة وآمنة، وكذلك الفراش والمأوى المناسبين.

- وضع نظام غذائي متوازن، وفقاً لاحتياجاتها الغذائية، ومنها المياه النظيفة.

- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والتفاعل مع الحيوانات، والأشخاص الآخرين.

- إظهار المودة، واستخدام التعزيز الإيجابي في التدريب، وإعطاء الأولوية لصحتها من خلال الفحوص البيطرية المنتظمة، بما في ذلك: اللقاحات، والتخلص من الديدان.

  • الرفق بالحيوان.. خُلق رفيع جُبِل عليه الإنسان

ما وسائل تعزيز السلوكيات الإيجابية في التعامل مع الحيوانات، انطلاقاً من الدور الإيجابي للحيوانات، وأهميتها في حياة الإنسان، ودورها في الحفاظ على التوازن البيئي؟

- تسليط الضوء على دور الحيوانات في النظم البيئية والتنوع البيولوجي، من خلال الحملات التثقيفية.

- عرض فوائد الحيوانات العلاجية في مجال الرعاية الصحية والدعم العاطفي.

- تشجيع ملكية الحيوانات الأليفة المسؤولة والمعاملة الإنسانية، من خلال ورش العمل والأدلة.

- دعم التشريعات التي تحمي الحيوانات وبيئاتها.

- التعاون مع منظمات الحفاظ على البيئة؛ للتأكيد على الأدوار الحاسمة للحياة البرية.

- تعزيز التعاطف والاحترام، من خلال التوعية المجتمعية، والبرامج المدرسية.

مساعدة الأشخاص على فهم لغة جسد الحيوانات الأليفة أمر بالغ الأهمية؛ لتحسين التواصل، وتعزيز العلاقات الأفضل.. حدثنا عن بعض أسرار اللغات السرية للحيوانات الأليفة!

- من هذه الأسرار:

- الكلب يضع مخالبه على قدم صاحبه؛ لقضاء مزيد من الوقت، أو عند الشعور بالتهديد.

- الأرنب يضرب أرجله بالأرض؛ للتحذير والاستياء.

- القط يومض عينيه ببطء أثناء الحديث؛ للإنصات، وإظهار الثقة.

- رجوع أذني الحصان إلى الخلف دليل على الغضب.

- السلحفاة تخفي أعضاءها داخل الصدفة؛ عند الشعور بالخطر.