ماتيلد لوران، خبيرة عطور بارزة، ومبتكرة عطور من الطراز الأول، فقد كانت أول من أطلق تجربة حسية غامرة؛ للتعريف بعطر جديد، وصنعت عطر «Baiser Volé» الرائع لدار «كارتييه» عام 2009. حديثاً، قدمت مجموعة «Les Bases à Parfumer»، القائمة على زيت «بيريغرينا» النادر، الذي أعيد اكتشافه ورعايته في منطقة العلا بالسعودية، والذي يتميز بخاصيةٍ فريدة.. في هذا الحوار الخاص، نتعرف إلى ماتيلد، ورحلتها في عالم العطور:

  • ماتيلد لوران: أبث الحياة في كل عطر لجلب الفرح والنور

كيف تصفين رحلتك مع «كارتييه»؟

 كان لقائي مع «كارتييه» رائعاً ومبنياً على الثقة والارتقاء والابتكار، ما أتاح لي حرية ابتكار أشياء كثيرة، والوصول إلى ما هو أبعد من صناعة العطور. «كارتييه» تمثل الفن الفاخر، الذي يجمع بين الجمال والإنسانية، ما ساعدني على الارتقاء بتجربتي، وابتكار عطور عالية الجودة، تتماشى مع معايير العلامة.

عطر.. دون إزعاج

من أين استقيت الإلهام في مجموعة «Les Bases à Perfumer»؟

المجموعة تعبر عن الابتكار والجرأة في تقديم منتجات جديدة. وتمثل الأساسات غير المعطرة حلاً للمشكلة الشائعة في تداخل الروائح، ما يتيح للمستخدمين تخصيص العطر وفق رغباتهم. كما يمكنهم مزج العطر المركّز مع الكريم أو الزيت؛ للحصول على تجربة عطرية فريدة ومتنوعة.

  • ماتيلد لوران: أبث الحياة في كل عطر لجلب الفرح والنور

ما أهمية تركيز العطر، وإمكانية التحكم في قوته؟

يمكن استخدام الكريم، أو الزيت، كأساس للعطر، ما يسمح بتعديل قوة العطر حسب الحاجة. وهذا يوفر حرية استخدام العطر خفيفاً ودقيقاً، أو قوياً وواضحاً، حسب المناسبة والمزاج. عندما تذهبين إلى المسرح أو المطعم، تريدين أن تكوني معطرة دون إزعاج لمن حولك. لذلك يمكنك أن تستخدمي مثلاً قطرة واحدة من مركز «Le Gou de Parfums» في الكريم، ولا تضعي عطراً بعدها، فهو يعطر جسمك بالكامل، وهذا ما أردت أن أبتكره. أما الزيت، فيمكنك به تعطير شعرك، ووجهك، ويديك، وأي شيء تريدينه. ولأنني أحب أن أجمع الناس بالعطور؛ فأعتقد أن هذا هو الجزء الذي يجب أن نلعبه في دار كبيرة فاخرة مثل «كارتييه»، فنحن في عصر الشرح والإظهار والوقوف من أجل الجمال الراقي، وأيضاً العيش معاً، واحترام الآخرين، وكانت هذه هي الحال دائماً. عندما انضممت إلى «كارتييه»، قمت بصنع عطر «Baiser Volé»، وقد أردت آنذاك أن أصنع عطراً للذين يحبون الزهور، ولا يحبون العطور المنمقة، بل يحبون الزهور في بيئتها الطبيعية، فمتعة الزهرة عندما نشتمها في باقة زهور، أو في الطبيعة، تكون رائعة، ورقيقة، ومنعشة للغاية، وتجلب الأمل، والفرح، والنور.. إنها الحياة.

  • ماتيلد لوران: أبث الحياة في كل عطر لجلب الفرح والنور

ما قصّة زيت «بيريغرينا»، المكون الخاص والفريد في «Les Bases à Parfumer»؟

«مورينغا بيريغرينا» زيت معروف عنه منذ القدم أنه كان مخصصاً للملوك، ومعروف كذلك بخصائصه الفريدة؛ فهذا الزيت لا تنتهي صلاحيته، ويأتي من شجرة تنمو بمكان لا يستطيع أي نبات آخر النمو فيه، كما تتمتع بقدرة العيش في ظروف قاسية، واستثنائية، وهذا هو سر طول عمرها وقوتها. والشيء اللافت، أيضاً، أن هذا الزيت ليست له رائحة على الإطلاق، ما يجعله مثالياً للاستخدام مع العطور. وقد أذهلني؛ لأنني كنت بحاجة إليه، لصنع نسخة غير كحولية من عطورنا، لذا أستخدمه منذ ما يقرب من أربع سنوات.

..وكيف عثرتم عليه؟

تم اكتشافه في العلا، بفضل جهود عالمة النبات، إليزابيث دودين، وقد تم انتدابها؛ لعمل أبحاث، فوجدت هذه الشجرة، وقالت: إننا وجدنا «مورينغا بيريغرينا» في العلا. بعد ذلك، قررت زراعتها لإنشاء بعض المزارع، واستغلال بذورها في صنع هذا الزيت. وقد تحدثت عن هذا الكنز المذهل مع مؤرخة العطور المشهورة عالمياً إليزابيث دي فيدو. وبما أن «كارتييه» صائغة الملوك، فقد قررنا بدء هذا المشروع، ومساعدة إليزابيث دودين، والمصنع الصغير الذي أنشأته مع نساء العلا اللاتي يدرن هذا النشاط وكل شيء، وقررنا أن نساعد ونعطي وننقل خبرتنا.

  • ماتيلد لوران: أبث الحياة في كل عطر لجلب الفرح والنور

ما النصائح، التي تقدمينها حول طريقة استخدام هذه المجموعة؟

المجموعة تتيح لك تخصيص تجربتك العطرية بالكامل، فيمكنك استخدام الزيت أثناء الاستحمام، أو وضعه على البشرة، أو الشعر. كما يمكنك مزج العطر مع الكريم أو الزيت؛ لتحقيق تأثير مختلف. والهدف هو أن يتكيف كل مستخدم مع المجموعة بطريقة تناسبه. وما أحبه في هذه المجموعة، هو أن كل امرأة، وكل رجل، ستكون لديهم القدرة على التكيف معها.

هدية قيمة

هكذا تقدمون أيضاً هدية قيمة إلى الرجال الشرقيين، بزيوت وكريمات بلا رائحة!

لأنه لا يتم تقديم كريمات الجسم وزيوت الجسم إلى الرجال؛ فأجد أنه من غير المنصف أن ننسى الذين لا يحبون العطور. لذا، فإن هذا الاتجاه موجود بالفعل، أيضاً، للذين يحبون «كارتييه»، ولا يستخدمون عطورنا، أو لديهم العود الشخصي جداً، فالعديد من العائلات لديها تراثها القديم منذ أجيال، وتستخدم عوداً خاصاً جداً، وتمزجه أحياناً بكمية صغيرة، في شكل زيت، أو غيره، وعندما يكون لديك عود نبيل، فإنك لا ترغب في الحصول على كريم رخيص مع عطر لا يعجبك؛ لهذا صنعنا هذه المجموعة بعد فهم عميق للثقافات المختلفة الخاصة بالعطور.

كيف تعاملتم مع الاستدامة عند ابتكار هذه المجموعة؟

صممنا المجموعة بتركيبة أبسط، وأكثر خضرة، باستخدام مواد طبيعية بنسبة 100%، لتكون أقرب إلى حماية الأرض، مثل زيت «بيريغرينا» النقي، ونسعى إلى تقديم بدائل للكحول، والحد من الأثر البيئي.

  • ماتيلد لوران: أبث الحياة في كل عطر لجلب الفرح والنور

ما الذي تودين أن يتذكره محبو العطور من إبداعاتك؟

أحب هذا السؤال، وآمل أن يذكرها الناس كعطور تنبض بالحياة والطبيعة، وتحمل متعة الشم، لأن ما أسعى إليه، هو بث الحياة في كل زجاجة عطر لجلب الأمل والفرح والنور، ولا أتبع الصيحات التي ظهرت مؤخراً، لأنها في رأيي ليست ممتعة؛ لأن القليل من الناس يستمتعون بالعطور القوية. باختصار، أحاول أن أكون صانعة عطور الحياة، لأن العيش يعني التنفس، وإذا لم تتنفس، فأنت لا تعيش، وإذا لم تتنفس، فلن تشم. 

  • ماتيلد لوران: أبث الحياة في كل عطر لجلب الفرح والنور

كنتِ أول من ابتكر عطوراً حسية متعددة وملهمة.. كيف حدث هذا الأمر؟

بكل تواضع وشفافية، كنت أول صانع عطور يعمل في تسعة أبعاد: الحواس الخمس، والأبعاد الثلاثة، والزمن، منذ أن عملت مع «غيرلان» سابقاً، ولاحقاً عندما انضممت إلى «كارتييه». لقد ابتكرت، على سبيل المثال، ما نسميه «الرائحة»؛ فالروائح أدوات شمية لاكتشاف العطور، حيث يمكنك شم العطر، والاستماع إلى صوتي، وأنا أحدثك عن هذا العطر، وكيف صنعته، وما تشمه، كما ابتكرت أفلاماً وطرقاً لشم عطورنا في متجرنا. وابتكرت، أيضاً منذ سبع سنوات، أول كائن يشم حاسة الشم، ونسميه باللغة الإنجليزية «جسم طائر غير معروف» (UFO)؛ لذلك قمت بصنع كائنات ذات رائحة مجهولة الهوية عام 2017، وكانت أول فكرة جديدة تم عرضها خلال «FIAP» (معرض الفن المعاصر في باريس)، وتم عرضها في قصر طوكيو. مرت سبع سنوات، منذ أن بدأنا إنشاء تجربة غامرة بحاسة الشم، إذا جاز التعبير. ونقلنا هذه التجربة، أيضاً، إلى متحف اللوفر بأبوظبي، خلال عام 2017، في المعرض المؤقت الأول «10 آلاف عام من الرفاهية»، وكنا أول من أظهر أن العطر ليس مجرد منتج، بل هو فن نقدم من خلاله ما لا يتوقعه الناس.

  • ماتيلد لوران: أبث الحياة في كل عطر لجلب الفرح والنور

هل أنت ممن يفكرون، دائماً، خارج الصندوق؟

نعم، فمن أجل العطر والمتعة والإنسانية؛ أسعى إلى صنع عطور جديدة، تحسن حياتنا، وتجعل العالم أجمل، في مهمة تهدف إلى تحقيق السلام، والعيش المشترك.