«لا يمكننا التحكم في الماضي، لكننا نستطيع التأثير في المستقبل. نحن الجيل الأول، الذي يشعر بتأثير أفعالنا في الناس والكوكب، وقد نكون الجيل الأخير، الذي يملك القدرة على فعل شيء ما حيال ذلك». من هذا المنطلق، وإسهاماً منا في التوعية بأهمية الاستدامة، والحفاظ على مواردنا للمستقبل؛ ارتأينا أن نعرّف بالـ17 هدفاً، التي حددتها الأمم المتحدة؛ للحفاظ على كوكبنا، وجعله أكثر صحة وسعادة، والإجابة على سؤال: أين نحن اليوم من تحقيق هذه الأهداف؟

  • أهداف التنمية المستدامة.. خطواتٌ نحو عالمٍ أفضل

تخيلوا عالماً مليئاً بالمدن النظيفة، والغابات المورقة، والمحيطات النابضة بالحياة.. عالماً تتوفر فيه الفرص للجميع، ونعيش فيه بسلام مع الطبيعة.. هذا هو بالضبط حلم أهداف التنمية المستدامة، وهي خطة جريئة، وضعها العالم بأكمله؛ لجعل كوكبنا أفضل بحلول عام 2030.. فهل تدركون ماهية هذه الأهداف، وكيف يمكنكم المساهمة في تحقيقها؟

أهداف التنمية المستدامة، المعروفة أيضًا باسم الأهداف العالمية، هي 17 هدفًا طموحًا، حددتها الأمم المتحدة عام 2015؛ بهدف إنهاء الفقر، وحماية كوكب الأرض، وضمان ازدهار الجميع. وتشمل هذه الأهداف مجموعة واسعة من القضايا، مثل: مكافحة تغير المناخ، وتعزيز التعليم، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وحماية البيئة. وتُعد دولة الإمارات العربية المتحدة رائدة في مجال التنمية المستدامة، حيث التزمت بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال العديد من المبادرات والسياسات الوطنية، كما أنها تساهم بشكل فعال في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، وحماية البيئة، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.

- لكن، ما علاقتنا نحن كأفراد بهذه الأهداف؟ 

كل خطوة، ولو كانت صغيرة، يتخذها أي فرد منا، تساهم في تحقيق التغيير. وكل خيار نتخذه، من شراء منتج محلي، إلى إعادة تدوير زجاجة بلاستيكية، وإطفاء الإنارة في المنزل، وإغلاق صنبور الماء، يمكنه أن يُحدث فرقاً في التقدم خطوة على خريطة أهداف التنمية المستدامة، فهي بمثابة دعوة لنكون أكثر وعياً بالبيئة، ونتعاون معاً لبناء مستقبل أفضل للجميع، وأكثر استدامة. ولعل الأهم، أيضاً، أن نسهم في توعية من حولنا بهذه الأهداف. لكن، قبل التطرق إلى شرح كل هدف، لا بد لنا أن نجيب على هذا السؤال البديهي: ماذا يعني مصطلح «الاستدامة»؟

ببساطة، يعني هذا المصطلح تلبية احتياجاتنا الحالية، دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها. ولتحقيق ذلك؛ كان لا بد من وضع آلية تساعدنا في مهمتنا تلك، على أمل أن تتمكن البشرية من معالجة التحديات الأكثر إلحاحاً، التي تواجهها.. فلنبدأ إذن بالهدف رقم (1): «القضاء على الفقر».

الهدف (1):  القضاء على الفقر بكل أوجهه

يعرف الفقر المدقع بأنه العيش على أقل من 2.15 دولار للشخص الواحد في اليوم، لكن الفقر لا يعني نقصاً في المدخول فحسب، وإنما أيضاً في التعليم، والغذاء، والصحة، والمأوى، وحرية الاختيار، والأمان، والحياة الكريمة. 

كان القضاء على الفقر المدقع الهدف الأول والرئيسي في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، لكن جائحة «COVID-19» أدت إلى عكس مسار التقدم، فواجه العالم انتكاسة كبيرة في هذا المسار، شكلت خسارة هائلة، تعادل محو ما يقارب الثلاث سنوات من التقدم المحرز في التخفيف من حدة الفقر.

وبحسب التقديرات، زاد عدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 2.15 دولار في اليوم بنحو 90 مليون شخص، مقارنة بالتنبؤات السابقة. وإذا استمرت الأمور على هذا النحو، فإن ما يقرب من 575 مليون شخص (أي ما يعادل 7% من سكان العالم) سيجدون أنفسهم عالقين في دائرة الفقر المدقع، بحلول عام 2030.

ولم يقتصر التأثير السلبي على «الوباء» فقط، بل كشفت الأحداث عن تباطؤ عام في جهود القضاء على الفقر. ويزداد الوضع سوءًا مع عودة الجوع إلى مستوياته في عام 2005، وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكلٍ مستمر في العديد من البلدان. ويُشكل هذا التحدي المزدوج، المتمثل في الفقر والأمن الغذائي، قلقاً عالمياً بالغاً.

- لماذا يجب أن نهتم بالوضع الاقتصادي للآخرين؟

في عالمٍ مترابطٍ، لا ينفصل مصيرنا عن الآخرين، وهذا يعني أن ازدهارنا ورفاهيتنا، يعتمدان على ازدهار ورفاهية جميع أفراد المجتمع. وهناك أسباب عدة، تحتم علينا الاهتمام بالوضع الاقتصادي للآخرين، والمساهمة في تحسينه. 

1 -  الفقر يُعيق النمو الاقتصادي للجميع، فالشعوب الفقيرة تُعاني نقص القدرة الشرائية، ما يُقلل الطلب على السلع والخدمات، ويُعيق الاستثمار.

2 - يُهدد الفقر التماسك الاجتماعي؛ لأن عدم المساواة المتزايد يؤدي إلى الغضب والاستياء، ما قد يُؤدي - بدَوْره - إلى اضطراباتٍ اجتماعيةٍ، وصراعاتٍ. 

  • أهداف التنمية المستدامة.. خطواتٌ نحو عالمٍ أفضل

- كيف يمكننا كأفراد أن نحدث فرقاً في محاربة الفقر؟ 

إن القضاء على الفقر مسؤولية اجتماعية، تتطلب مشاركة الجميع، أفراداً ومجتمعات وحكومات ومنظمات، ونحن - كأفراد - قادرون على إحداث فرق في مكافحة الفقر، من خلال اتباع بعض الخطوات، منها: 

-المشاركة في صنع السياسات التي تحدُّ من الفقر.

- التطوع؛ لخدمة المجتمع.

- التبرع ودعم المنظمات التي تساعد المحتاجين. 

- المشاركة في حملات التوعية حول قضايا الفقر، وتشجيع الآخرين على المساهمة، أيضاً، في مكافحته. 

- تثقيف الذات حول الفقر.

- مواصلة تطوير المهارات والتعلم؛ لأن ذلك يساعد في الحصول على وظيفة أفضل.

- معاملة الآخرين معاملة حسنة، بغض النظر عن وضعهم الاقتصادي. 

- كيف أصبحت دولة الإمارات نموذجًا يُحتذى في القضاء على الفقر؟

تمكنت دولة الإمارات - من خلال سياساتها المتزنة، واستثماراتها المدروسة - من تحقيق قفزات هائلة في مكافحة الفقر محلياً وعالمياً، حتى أصبحت نموذجاً يحتذى من قِبَل العديد من الدول حول العالم، بعدما كتبت قصة نجاح ملهمة في هذا المجال. 

هذا الإنجاز، الذي حققته الإمارات يعود إلى عوامل عدة، منها: إيلاء التعليم اهتماماً كبيراً؛ ما ساهم في بناء رأسمال بشري مؤهل، وقادر على المساهمة في تنمية الاقتصاد، وتوفير فرص العمل، كما اهتمت بقطاع التوظيف، حيث إنها تضمن فرص عمل متنامية، وسوق توظيف مناسباً للجميع، مع حماية حقوق العمال، فضلاً عن تشجيعها الابتكار وريادة الأعمال، وتوفيرها بيئة استثمارية جاذبة للشركات العالمية، ما يوفر فرص عمل مجزية، تساعد على الحد من الفقر، وتحسين مستوى عيش السكان. كذلك، تؤمن دولة الإمارات بأهمية التضامن الاجتماعي، فهي تشجع على التعاون بين أفراد المجتمع لمساعدة المحتاجين، وتوجد في الدولة مبادرات وبرامج عدة، تعزز التضامن الاجتماعي، وتساهم في القضاء على الفقر. 

ولم تقتصر جهود الإمارات على مكافحة الفقر محلياً، بل تعدته إلى العالم أجمع. فالإمارات، اليوم، من رواد العمل الإنساني ومساندة المحتاجين في أنحاء العالم، من خلال برامجها ومبادراتها المتنوعة، التي تقدمها عبر مختلف المؤسسات الخيرية والإنسانية، مثل: هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وصندوق أبوظبي للتنمية، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، ومبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية. وتقدم هذه المؤسسات برامج ومبادرات متنوعة؛ لمساعدة المحتاجين في مختلف المجالات: الصحية، والتعليمية، والاقتصادية، والتنموية، في كل أنحاء العالم.