هناك مفهوم خاطئ شائع، مفاده أن الازدهار في الحياة يعني تحقيق نجاحات كبيرة، مثل: الحصول على وظيفة رفيعة المستوى، أو شراء سيارة فاخرة، أو الانتقال إلى هذا القصر الواقع على التل.
لكن في واقع الأمر، ووفقاً لعلم النفس، فإن الانتصارات اليومية الصغيرة، والإنجازات الشخصية، هي التي تشير حقاً إلى أنكِ مزدهرة، أي يتعلق الأمر بإيجاد السلام داخل نفسكِ، وإجراء اتصالات ذات معنى، والنمو المستمر كفرد.
هنا، نشارككِ بعض العلامات، التي تظهر أنكِ تزدهرين بهدوء في الحياة، وستجدين أنها ليست إنجازاتٍ كبيرة، وإنما مؤشرات هادئة للنمو الشخصي والرضا.
تمارسين اليقظة الذهنية:
«الماضي تاريخ، والمستقبل لغز، واليوم هدية ولهذا نسميه الحاضر».. هذا القول يلخص جوهر اليقظة الذهنية، إذ إنها تدور حول الانخراط الكامل في اللحظة الحالية، كما تتعلق بالتخلي عن الندم على الماضي، والقلق بشأن المستقبل. ويشير علم النفس إلى أنه إذا كنتِ تمارسين اليقظة الذهنية، فمن المرجح أن تكوني مزدهرةً بهدوء في الحياة، لأنه عندما تركزين على هنا والآن، تصبحين أكثر انسجاماً مع عواطفكِ وأفكاركِ وأحاسيسكِ. ومن المرجح أن تتخذي قراراتٍ مدروسة، بدلاً من الرد بشكلٍ متهور.
علاوةً على ذلك، إن اليقظة الذهنية تبقيك ثابتة، وتساعدك على تقدير متعة الحياة البسيطة، وتشجعك على الامتنان بما لديك الآن، بدلاً من السعي المستمر للحصول على الأكثر.
وتذكري أن النجاح الحقيقي لا يتعلق، دائمًا، بالصخب والإنجاز المستمر، فأحياناً يتعلق بسعادتنا بالأشياء الصغيرة.
راضية بما لديكِ:
يقولون: «السعادة ليست أن تمتلك ما تريد، بل أن تريد ما تملك»، وفي عالمنا الحديث، نتعرض باستمرار لوابل من الرسائل، التي تخبرنا بأننا بحاجة إلى المزيد من المال والممتلكات والنجاح، لنكون سعداء.
ووفقاً لعلم النفس، العكس هو الصحيح في كثير من الأحيان، حيث إن الرضا إحدى العلامات المهمة، التي تدل على أنكِ تزدهرين بهدوء في الحياة. أي يتعلق الأمر بتقدير ما لديكِ الآن، وعدم السعي المستمر للحصول على المزيد. لذا، إذا وجدتِ نفسك تشعرين بالامتنان لما لديكِ، ولست مدفوعةً برغبةٍ مستمرة في الحصول على المزيد، فهذه علامة قوية على أنكِ مزدهرة في الحياة، أي أنكِ وجدتِ السلام في الوقت الحاضر، ولا تطاردين باستمرار الأشياء التي قد تجلب لكِ السعادة، أو لا تجلبها.
تفهمين طبيعة المعاناة:
المعاناة جزء من الحياة، وهذا لا يعني أن الحياة مليئة بالبؤس، بل يعني أن الألم والانزعاج لا مفر منهما في تجربتنا الإنسانية. وعندما تفهمين طبيعة المعاناة وتتقبلينها، فإنك تتعلمين التغلب على تحديات الحياة بشكل أكثر فاعلية، وبقدر أكبر من المرونة. وتشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين واجهوا الشدائد، وتعلموا التأقلم هم في الأغلب أولئك الذين يزدهرون بهدوء في الحياة، إذ طوروا مرونة عاطفية، وفهموا أن النكسات ليست دائمة، لكنها جزء من الرحلة. كما أن احتضان المعاناة يسمح بتنمية التعاطف مع نفسك والآخرين، ويساعدك على إدراك أنك لست وحدك في صراعاتك، الأمر الذي يمكن أن يكون مريحاً.
أنتِ أقل تفاعلاً:
الحياة مليئة بالتقلبات والمنعطفات غير المتوقعة، وعندما لا تسير الأمور كما هو مخطط لها، فمن السهل أن يكون رد الفعل متهوراً، وغالباً يكون ذلك بالغضب أو الإحباط أو القلق.
وإحدى العلامات الأكثر أهمية على أنكِ تزدهرين بهدوء في الحياة، هي أنكِ أصبحتِ أقل تفاعلاً. وهنا تلعب اليقظة الذهنية دوراً حاسماً، فمن خلال كونك حاضرة وواعية، يمكنك أن تلاحظي عواطفك دون الانجراف فيها، ويمكن أن تلاحظي اندفاع الغضب أو القلق، وأن تتوقفي لتختاري الطريقة التي تريدين أن تتفاعلي بها.
وعادةً يميل الأفراد، الذين يتمتعون بمستويات أعلى من الوعي الذهني، إلى أن يكونوا أقل تفاعلاً، أي من المرجح أن يديروا عواطفهم بشكل بناء، بدلاً من السماح لعواطفهم بالتحكم فيهم.