محمد الحمادي: «المقيظ» يروي حكايات الترحال والأجداد

في ظل تطور الحياة، وتغير مفاهيم السياحة والترحال، لا يزال أبناء الإمارات يعشقون السفر أثناء موسم الحر؛ لقضاء فصل الصيف في الوجهات والمقاصد السياحية داخل الدولة. ورغم أن مظاهر السفر والترحال قد اختلفت، الآن، عما كانت عليه في الماضي، فإن تلك العادات الراسخة، التي خلفها الأجداد، ستظل حية في النفوس، ومت

في ظل تطور الحياة، وتغير مفاهيم السياحة والترحال، لا يزال أبناء الإمارات يعشقون السفر أثناء موسم الحر؛ لقضاء فصل الصيف في الوجهات والمقاصد السياحية داخل الدولة. ورغم أن مظاهر السفر والترحال قد اختلفت، الآن، عما كانت عليه في الماضي، فإن تلك العادات الراسخة، التي خلفها الأجداد، ستظل حية في النفوس، ومتجسدةً في تراثٍ ينبض بالحنين، وتاريخ لا يغادر القلوب والعقول. وفي حياتنا الحديثة، يحتل موسم «المقيظ» مكانة مهمة في ذاكرة ونفوس كبار المواطنين، الذين يرون أن فصل الصيف كان دائماً موسماً سياحياً، وكلمة «القيظ» تعني «المصيف» في لهجة سكان الإمارات، وفقاً للوالد محمد الحمادي، الذي سرد لمجلة «زهرة الخليج» تفاصيل السياحة والترحال في الماضي.. وتالياً نص الحوار:

  • محمد الحمادي: «المقيظ» يروي حكايات الترحال والأجداد

حدثنا عن طبيعة السياحة والترحال.. قديماً!

السياحة والترحال جزء أصيل من تراث دولة الإمارات، والماضي القريب والبعيد يؤكدان أن الترحال جزء من حياة الإنسان في هذه المنطقة، فهو تاريخ ينبض بالحياة، وتراث محفوظ في القلوب. 

تعايش

كيف تحفز رؤية المزارات والمقاصد السياحية الشوق؛ لمعرفة تفاصيل «المقيظ» لدى جيل الشباب؟

 «المقيظ» كان رحلة سياحية يقوم بها أهل الإمارات؛ لتبديل مكان الإقامة صيفاً، كنوع من التعايش مع حرارة الصيف الحارقة. كانت هذه الرحلة السنوية تأخذ سكان الساحل عبر الصحارى إلى المزارع، أو الأودية ذات الظلال الوارفة، أو قمم الجبال العالية. وابتكر الأجداد «المقيظ»، للاستجمام بعيداً عن القيظ، وشدة حرارته. ومع بداية فصل الصيف، كانت تبدأ رحلة البحث عن البرودة والماء العذب والظلال والثمار اليانعة، وأحياناً إلى بعض الدول المجاورة. ومع التطور والرفاهية، اللذين تنعم بهما دولة الإمارات؛ انحسرت رحلات «المقيظ»؛ بفضل وسائل الراحة والتبريد الحديثة، التي خففت وطأة حرارة الصيف.

سابقاً.. أين كانت توجد المصايف؟

المصايف في الإمارات من أجمل المقاصد السياحية منذ قرن تقريباً، حيث تُشدُّ الرحال إلى مناطق وجودها، مثل: واحات منطقة الظفرة، ومدينة العين، ومصفوت، وحتا، والخوانيج، ومناطق الشارقة، والمناطق الجبلية في رأس الخيمة، مثل: خت وغليلة والحيل ومعيريض وشعم، بالإضافة إلى: دبا ومسافي في المنطقة الشرقية، وصولاً إلى رؤوس الجبال. أما اليوم، فيفضل الناس زيارة الوجهات العصرية، والمقاصد السياحية، والشواطئ، التي تزخر بها الإمارات، وباتت مقصداً للمواطنين والمقيمين والسياح.

  • محمد الحمادي: «المقيظ» يروي حكايات الترحال والأجداد

الرعيل الأول

هل ما زلت تشعر بالحنين إلى مظاهر موسم الصيف السابقة؟

بالطبع، لا تزال ذاكرة الرعيل الأول من الإماراتيين مثقلة بتراث السياحة والترحال؛ فقدوم فصل الصيف ينعش ذكرياتهم، ويحيي الشوق إلى تلك المواسم السياحية والترفيهية والسفر والترحال. وعلى الرغم من التقدم التكنولوجي وتطور وسائل الترفيه وتنوعها في الدولة، يظل الصيف جزءاً أصيلاً من تراثهم، وثقافتهم العميقة.

من كان يقود هذه الرحلات حينها؟

برز، قديماً، أشخاص من مختلف إمارات الدولة، امتهنوا الأسفار والرحلات، وكانت لديهم خبرة بالطرق والدروب، وعَلِمُوا كيف يتصرفون أثناء انقطاع السبل، وكانوا يعرفون طرقاً جديدة، تختلف عن طرق القوافل القديمة.

تلك الرحلات تزامنت مع موسم الغوص.. هل تتذكر مشاهد من طفولتك عن هذه الأجواء؟

 كنت أسافر مع والدي في بداية موسم الغوص، الذي يبدأ في يونيو، ويستمر حتى نهاية سبتمبر. كانت السفن تمخر عباب الخليج؛ بحثاً عن اللؤلؤ في رحلة طويلة، تقودها إلى موانئ الدولة؛ للتزود بالطعام والشراب، أو للتجارة.

هل كانت هذه الرحلات تقتصر على الغوص؛ بحثاً عن اللؤلؤ؟

لا، فقد كانت هناك رحلات بحرية لصيد السمك، ولأغراض اقتصادية. وبالإضافة إلى رحلات الغوص داخل الخليج العربي، امتهن الكثير من أهل الإمارات التجارة مع دول كثيرة في شرق أفريقيا والهند، حتى أصبح السفر جزءاً من ثقافتهم.في وقتنا الحالي، تبوأت دولة الإمارات مركزاً متقدماً، ليس في السياحة الإقليمية فحسب، وإنما في خارطة السياحة العالمية.. 

  • محمد الحمادي: «المقيظ» يروي حكايات الترحال والأجداد

كيف ترى هذا التطور؟

انتعشت السياحة الداخلية خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت الإمارات مقصداً للأشخاص، الذين يأتون من دول العالم المختلفة؛ للاطلاع على المعالم التراثية والطبيعية الرائعة، التي تحتضنها دولتنا. هذا النمو الرائد في القطاع السياحي المحلي، اعتمد - بصورة أساسية - على الاستثمارات المحلية، حيث تم توظيف استثمارات هائلة في البنية التحتية للسياحة، من قِبَل القطاعَيْن العام والخاص على حدٍّ سواء، وقد أتاحت تلك الاستثمارات إقامة مرافق مهمة، لم يكن بالإمكان أن يتطور القطاع السياحي من دونها، وتزامن ذلك مع التطور الكبير، الذي لحق بشركات الطيران المحلية، التي تكتسب - يوماً بعد آخر - طابعاً عالمياً مميزاً، وأصبحت قادرة على ربط الجهات الأربع للكرة الأرضية، ما أتاح استقطاب أعداد كبيرة من السياح، من بقاع العالم المختلفة.