روان القناص: خططوا لصيف ممتع ومثمر مع أبنائكم

«المراهقة هي الجسر الحساس، الذي يصل بين مرحلة الطفولة والنضج عند الإنسان، حيث يبدأ فيها الطفل اكتساب خواصه النفسية والعقلية، وقيمه وقناعاته الفكرية والاجتماعية. فهي مرحلة يكتشف فيها المراهق العالم بطريقة جديدة، كأنه يولد من جديد».. بهذه الكلمات، استهلت السعودية، روان القناص، الأخصائية النفسية المختص

«المراهقة هي الجسر الحساس، الذي يصل بين مرحلة الطفولة والنضج عند الإنسان، حيث يبدأ فيها الطفل اكتساب خواصه النفسية والعقلية، وقيمه وقناعاته الفكرية والاجتماعية. فهي مرحلة يكتشف فيها المراهق العالم بطريقة جديدة، كأنه يولد من جديد».. بهذه الكلمات، استهلت السعودية، روان القناص، الأخصائية النفسية المختصة بالمراهقين، حديثها عن المراهقة، في حوارها مع مجلة «زهرة الخليج». وأشارت القناص إلى أهمية إدراك الوالدين تغيرات وسلوكيات المراهق، ومساعدته على فهم دوافعه، وإدارة سلوكه بشكل إيجابي، بالإضافة إلى تقديم نصائح حول تخطيط الإجازة الصيفية للأبناء.. وفي ما يلي نص الحوار:

  • روان القناص: خططوا لصيف ممتع ومثمر مع أبنائكم

أخصائية نفسية مختصة بالمراهقين.. لماذا اخترتِ هذا المجال تحديداً؟

خلال طفولتي، كانت تراودني أفكار ومشاعر عدة، التي لم أستطع مشاركتها مع أصدقائي أو الأهل؛ لعلمي بأنهم لن يأخذوها على محمل الجد، وسيحاولون شغلي، وتشتيت انتباهي عن هذه الأفكار والمشاعر، فلماذا طفلة في هذا العمر تفكر في هذه الأفكار، وتسأل هذه الأسئلة؟!.. في المدرسة، تعرفت إلى المرشدة الطلابية، التي كانت تستمع لي وتحاورني، وكانت تدرك أن أفكاري ومشاعري لا تناسب عمري. ومع مرور الوقت، شعرت بأهمية وجودها في حياتي، وتمنيت أن أصبح مثلها، ما دفعني إلى الاهتمام بعلم النفس والإرشاد؛ فبدأت البحث والقراءة في هذا العلم، الذي أسرني بأسراره. بعد حصولي على بكالوريوس علم النفس، وماجستير الإرشاد النفسي، قررت التخصص في مجال المراهقين، لأصبح خبيرة بتصميم البرامج الإرشادية، وتقديم الاستشارات النفسية.

صدفة

لم تكتفي بكونك أخصائية نفسية، فأصدرت كتباً في مجال اختصاصكِ.. كيف حدثت هذه الخطوة؟

جاء كتابي الأول «وأنا ماذا سيحدث لي؟» (دليل المراهق لتجاوز طلاق والديه)، بمحض الصدفة، عندما التقيت ناشرة كتب أطفال؛ لبحث إمكانية العمل على سلسلة كتب خاصة بالمراهقين، فأخبرتني أن جمعية «مودة» تعمل على إنتاج مجموعة كتب عن الطلاق وآثاره (كتاب للأهل وقصص للأطفال)، وقالت: «ما رأيك أن تؤلفي كتاباً عن المراهقين؟»، أعجبتني الفكرة، التي لامست جانباً من قصتي الشخصية؛ كوني ابنة لوالدين منفصلين، وأتذكر كيف أنني في مرحلة المراهقة راودتني مشاعر وأفكار كثيرة، التي لم أتقن التعامل معها. أما كتابي الثاني «كيف حالي اليوم؟» (دليل المراهق للتعامل مع مشاعره)، فجاء نتيجة ملاحظتي عدم امتلاك العديد من الرجال المهارات اللازمة للتعبير عن مشاعرهم بطريقة صحية، ما يؤثر سلباً في حياتهم، وعلاقاتهم.

ما الرابط بين التعبير عن المشاعر، والأمراض «النفس جسدية»؟

عدم القدرة على التعبير عن المشاعر، بشكل صحي، يمكن أن يؤدي إلى تراكم الضغوط النفسية، والانفعالات السلبية، ما يزيد احتمال الإصابة بالأمراض «النفس جسدية». لذا، ألفت كتاباً حول كيفية التعامل مع الغضب والمشاعر الأخرى؛ لتعليم المراهقين كيفية التعبير عنها بطرق صحية.

ماذا عن التغيرات النفسية والعاطفية، التي يمر بها المراهق؟

يمر المـــراهق بتغيرات نفسية وعاطفية، لا يمكــنني حصرها في سطور عدة، لكن يمكنني القــــول بأن هناك تغيرات مشــــتركة بين المراهقين، كما أن هناك تغيرات تحدث تبعاً لجنس المراهق، ذكراً أو أنثى، وتكون حسب ظروفه الأسرية، ومدرسته، ومجتمعه، ووضعه الصحي، والعديد من المتغيرات. ويجب أن ندرك اختلاف المشاعر والأفكار بين الطفـــل والمراهــــق. ففي الطفولة، تعتمد الأفكار والمشاعر على غايات، مثل: «اللعب، والحلوى». لكن في مرحلة المراهقة، تصبح هناك صورة للجسد، ومفهوم للذات، والعديد من الأمور الجديدة، التي يحتاج معها المراهق إلى مهارات أو معرفة؛ للتكيف معها.

  • روان القناص: خططوا لصيف ممتع ومثمر مع أبنائكم

كيف يتعامل الأهل مع أبنائهم في مرحلة المراهقة؟

أتمنى أن يدرك الأهل أنهم بحاجة لبذل مجهود، ووقت، وطاقة، لبناء هذا المراهق، وتسليحه لمواجهة نفسه والمجتمع. وأن يعوا مراحل تطور ونضج عقلية أبنائهم فعلاً. فعندما يختلف مظهر الطفل؛ ويصبح أطول؛ فهذا لا يعني أنه أصبح ناضجاً. في الفترة من الـ12، وحتى الـ18، تكون لدى المراهق احتياجات مختلفة من التربية، والتوجيه، والدعم والحب. فالمراهقون يكونون بحاجة إلى تعلم مهارات الحياة، مثل: ماهية العلاقات وأساسياتها، وكيفية تكوينها، وسبل التعامل مع مشاكلها، وكذلك المشاعر، وكيفية التعامل معها، وطرق التعبير عنها، وغيرها من القيم والمهارات، التي تبني شخصية الفرد، وتساعده على تحقيق استقلاليته.

حالياً.. نحن في الإجازة الصيفية، ما نصيحتك للأهل لتخطيطها جيداً لأبنائهم؟

التخطيط لا يقتصر على السفر، أو الخروج من المنزل، بل يشمل ما يمكن فعله معاً كعائلة. ويمكن التركيز على تقوية مهارات الأبناء، مثل: تعلم لغة جديدة، أو تطوير مهارات حياتية. كما يجب إشراك الأبناء في اتخاذ القرارات حول الأنشطة الصيفية، فالمراهق بحاجة إلى حوارات وجلسات للتأمل والتفكير في مستقبله، وتوسيع مداركه، بما يناسب شخصيته، ليستغل هذه السنوات في أشياء تصقل مهاراته، وتُعده للجامعة، وللحياة. 

أنشطة صيفية.. لاحتواء أبنائكم

هناك أنشطة صيفية كثيرة، يمكنكم عن طريقها احتواء أبنائكم؛ والتخطيط بشكل جيد لصيف مثمر، يعود عليهم بالنفع، نفسياً وجسدياً، ومنها:

• القيم والمهارات: نركز على القيم والمهارات، التي يحتاج إليها أبناؤنا، ونضع خطة مناسبة لتنفيذ ذلك، ولنكن واقعيين مع أنفسنا، بما هو ممكن، وقابل للتحقق، نظراً للمعطيات الأخرى في حياتنا، ولنتذكر أنه توجد إجازات صيفية قادمة، لأعوام مديدة؛ لنحقق كل ما نريد في وقته المناسب.

• المراكز الصيفية: يجدر بي التطرق إلى المراكز الصيفية، التي قد يبذل الأهل مجهوداً كبيراً للبحث عنها، ويدفعون لأجلها مبالغ كبيرة، وربما لا تناسب أبناءهم، أو لا تكون الأنسب لاحتياجاتهم وقتها، فمن حق أبنائنا أن نشركهم في اتخاذ هذه القرارات، ومنها: الرياضة التي يرغبون في ممارستها، أو الفنون التي يودون الاطلاع عليها؛ لذا تأنوا وقارنوا بين البرامج المختلفة، واختاروا ما يناسب شخصية أبنائكم، ويناسبكم.

• بناء الذكريات: الإجازة الصيفية فرصة للاستمتاع مع أبنائكم، وبناء الذكريات معهم بأبسط الطرق والتفاصيل.، فلا تعقدوا الأمور، ولا تجهدوا أنفسكم، فكل ما يريده أبناؤكم هو راحتكم؛ لتتمكنوا من حبهم، وقبولهم كما هم.

• أيام مثالية: خططوا لصنع أيام مثالية لعائلاتكم، مثلاً: خططوا لليلة إيطالية بتزيين المنزل، وتحضير وجبات إيطالية معاً، أو ليوم مائي من المسدسات والبالونات واللعب، واكتشاف وتجربة مهارات جديدة معهم، ومحاولة تعلم لغة جديدة، أو أي أفكار أخرى تمثلكم، وتسعدكم مشاركتها مع أبنائكم.