تستلزم مسارات الرعاية الشخصية، لإعادة التأهيل، تصميم عملية إعادة التأهيل؛ وفقًا لاحتياجات الفرد وأهدافه وظروفه المحددة. وعلى عكس أساليب إعادة التأهيل التقليدية، التي غالباً تتبع بروتوكولاً موحداً لجميع المرضى، الذين يعانون حالة معينة، وتتبنى مسارات الرعاية الشخصية منهجيات شخصية ومرنة، ويتم تصميمها انطلاقاً من الإيمان بأن رحلة كل مريض نحو التعافي فريدة، وتتطلب خطة شخصية لتحسين النتائج.
وحول هذا الموضوع، تحدث الدكتور خالد أنور استشاري الطب الطبيعي وإعادة التأهيل، وكاتيا لوبيز مدير العمليات السريرية بالإنابة في أمانة للرعاية الصحية.
وأوضح الدكتور خالد أنور أن مسارات الرعاية الشخصية لإعادة التأهيل، تمنح الأولوية لاستمرارية الرعاية والتعاون المتعدد التخصصات، بما يضمن الانتقال السلس بين المراحل المختلفة لإعادة التأهيل، والتنسيق بين مقدمي الرعاية الصحية، ومقدمي الخدمات المجتمعية. ومن خلال تمكين المرضى من المشاركة في رحلة إعادة تأهيلهم، وعبر توفير الدعم الشخصي الذي يلبي احتياجاتهم الشاملة، تعمل مسارات الرعاية الشخصية على تعزيز إيجابية النتائج واستدامتها، مقارنة بالمنهجيات التقليدية، المصممة وفق نموذج موحد يناسب الجميع.
وتطرق الدكتور أنور إلى مثال، هو مريض يعاني إصابة في النخاع الشوكي عرضته للشلل، وأكد ضرورة مراعاة عدة عوامل عن تصميم منهجية إعادة تأهيله الشخصية، إذ يتعين أن تشمل: تقييم شدة الإصابة، ودراسة تأثيرها على وظائفه الحركية، والأمراض والمضاعفات الطبية المصاحبة لها، إلى جانب العوامل النفسية والعاطفية للمريض، والسياق الاجتماعي، والظروف المحيطة بإصابته، مؤكداً أن دمج هذه العوامل، في خطة ومسار الرعاية الشخصية، يمكّن مقدمي الرعاية من تلبية احتياجاته الصحية المعقدة، ويقوده إلى تحقيق الاستقلال الوظيفي، وتحسين جودة حياته.
وأضاف الدكتور أنور أن تطبيق مسارات الرعاية الشخصية، بشكل فعال، أمر يستدعي تبني منهجية تجمع عدداً من المتخصصين في تقديم الرعاية الصحية، ويتعين أن تعتمد على عدد من الاستراتيجيات، وهي: التقييم والتوثيق الموحد، والتعاون بين عدد من فرق الرعاية متعددة التخصصات، والمنهجية التي تركز على المريض، وتقديم التدريب والتثقيف إلى مقدمي الرعاية، ومراقبة الجودة وضمان النتائج، وتلقي الدعم من أدوات تكنولوجية، فضلاً عن تلقي الآراء والاستمرار في التحسين. وتسعى هذه الاستراتيجيات، بالمجمل، لتحقيق عدد من الفوائد بالنسبة للمريض، من بينها: تعزيز استقلاليته الوظيفية، وتحسين جودة حياته، والقدرة على إدارة مرضه المزمن، بما يقود في نهاية المطاف إلى تعزيز كفاءة عملية إعادة التأهيل، وتقليص تكاليف الرعاية الصحية.
وأشار الدكتور أنور إلى 10 مقوّمات رئيسية، لمسارات الرعاية الشخصية في عملية إعادة التأهيل، هي:
- التقييم الشامل: إجراء تقييم شامل للتاريخ الطبي للمريض، وحالته الوظيفية واحتياجاته النفسية والاجتماعية وأهدافه؛ لتحديد نقاط القوة والتحديات والتفضيلات الفردية.
- تحديد الأهداف: التعاون مع المريض، ومقدمي الرعاية؛ لوضع أهداف واقعية لعملية إعادة تأهيل على أن تكون ملائمة لقيمه وأولوياته وتطلعاته.
- التعاون بين تخصصات عدة: مشاركة فريق رعاية متعدد التخصصات في تقديم الرعاية الصحية للمريض، بمن في ذلك: الأطباء وكوادر التمريض والمعالجون الطبيعيون والأخصائيون الاجتماعيون وأخصائيو طب النفس، لتطوير وتنفيذ خطط الرعاية الشخصية.
- التدخلات المخصصة: يتم تصميم التدخلات المخصصة، واستراتيجيات العلاج، بناءً على احتياجات المريض الفريدة، وقدراته، وإمكانات إعادة التأهيل.
- تثقيف المرضى: توفير التعليم والمعلومات؛ لتمكين المرضى، ومقدمي الرعاية، من المشاركة بكفاءة في عملية الرعاية، واتخاذ قرارات مدروسة، وإدارة صحتهم بفاعلية.
- تنسيق الرعاية: تنسيق الرعاية، عبر مختلف الإعدادات والتخصصات؛ لضمان الانتقال بين مراحل إعادة التأهيل بكل سلاسة، واستمرارية الرعاية، وتكامل الخدمات.
- المراقبة والتقييم: تقييم تقدم المريض بانتظام، ومراقبة النتائج، وتعديل خطط الرعاية حسب الحاجة؛ لتحسين نتائج إعادة التأهيل، وتحقيق الأهداف المرجوة.
- الدعم النفسي والاجتماعي: يتم بمعالجة الجوانب العاطفية والاجتماعية والنفسية للتعافي، من خلال تقديم المشورة النفسية والموارد؛ لتعزيز مهارات التأقلم والمرونة.
- التكامل المجتمعي: تسهيل إعادة اندماج المريض في المجتمع، من خلال إعادة التأهيل المهني، وبرامج إعادة الدمج الاجتماعي، وخدمات الدعم المصممة خصيصاً لتلبية احتياجاته، ودعم اهتماماته الفردية.
- المتابعة واستمرارية الرعاية: تقديم الدعم المستمر والمتابعة والمراقبة بعد الخروج؛ لضمان استدامة التقدم الذي أحرزه المريض، والوقاية من الانتكاسات، ومعالجة أي احتياجات أو تحديات مستمرة.
الإطار الاستراتيجي لخدمات إعادة التأهيل الشخصية:
قالت كاتيا لوبيز: «حرصت (أمانة للرعاية الصحية) على تأسيس بنية رعاية متطورة، تدعم مسارات تقديم المنهجيات الشخصية في عمليات إعادة التأهيل، وتتيح هذه المنهجية لفرق الرعاية من مختلف التخصصات التعاون والتكاتف؛ لتحسين تجربة المرضى، وتطوير خطط علاجية، مصممة وفقاً لاحتياجات كل مريض على حدة».
وأوضحت أن تصميم وتنفيذ مسارات الرعاية الشخصية في «أمانة للرعاية الصحية»، يعتبر ثمرة للتعاون الوثيق بين مختلف التخصصات، ويشمل: المشرفين على الحالات، والأطباء، وكوادر التمريض والمعالجين الطبيعيين وأخصائيي التغذية، والمعنيين بتجارب المرضى، إذ يتعاونون معاً، بدءاً من التقييم الأولي، ووصولاً إلى تعافي المريض وتحقيق أهدافه من إعادة التأهيل.
وأكدت أن مسارات الرعاية الشخصية في «أمانة للرعاية الصحية» تنسجم مع المعايير التنظيمية، وأفضل الممارسات في قطاع الرعاية الصحية، مشيرة إلى أن العملية المستمرة لمراجعة بروتوكولات الرعاية، وأحدث إرشادات الرعاية الصحية المطبقة في المنشأة، حيث يحرص فريق مراقبة الجودة على تطبيق أرقى المعايير في منظومة الرعاية، ويجري عمليات تدقيق دورية، ويحرص على تلقي آراء المرضى باستمرار لضمان التحسين المستمر.
واختتمت كاتيا بالقول: «ويبدو التزامنا بالرعاية الشخصية، بشكل واضح، في برامج التدريب الشاملة التي نقدمها إلى كوادر عملنا. كما أن اعتمادنا مبادرة طموحة تولي الأولوية للرعاية التي تركز على المريض، يمثل دلالة على سعينا لرفد مقدمي الرعاية بالمعارف والمهارات؛ لتكون الرعاية فعالة إلى أقصى درجة ممكنة».