هل تخيلت يومًا أن نباتًا بسيطًا قد يمتلك ذكاءً خارقًا، يفوق ذكاء بعض الحيوانات؟
اكتشف علماء مختصون بعلوم البيئة والأحياء، من جامعة كورنيل الأميركية، مؤخراً، جهازًا عصبيًا فريدًا، موجودًا في بعض أنواع النباتات، يجعلها أكثر ذكاءً في التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة، وأهمها التكيف مع الحيوانات آكلة الأعشاب!
كيف ذلك؟
تبيّن أن نباتات، مثل «عصا الذهب»، تمتلك قدرةً خارقة على اكتشاف النباتات القريبة منها، دون أي تواصل مباشر!
ولكن، كيف يحدث ذلك؟
وفق الفريق العلمي، فإن الأمر يعتمد على وجود جهاز عصبي مركزي في هذه النباتات، يُرسل إشارات كهربائية عبر أعصابها لمعالجة المعلومات.
ما الدلائل، التي تشير إلى وجود ذكاء لدى النباتات؟
بيّن مؤلف الدراسة الرئيسي، أندريه كيسلر، أستاذ علم البيئة وعلم الأحياء التطوري في جامعة كورنيل، وجود أكثر من 70 تعريفاً منشوراً للذكاء، وليس هناك اتفاق على ماهيته، حتى في مجال معين، حيث تؤكد الأبحاث أن النباتات تصدر أصوات استغاثة عالية التردد؛ عندما تتعرض لضغوط بيئية، مثل تلف أوراقها وسيقانها، عدا كونها قادرة على العد، واتخاذ القرارات، بحسب تقرير نشرته صحيفة «الميرور» البريطانية. كما بينت الدراسة أن نبات «عصا الذهب» (GOLDENRODS)، الذي تم اتخاذه مرجعاً لقياس مدى استجابته للظروف حوله، خاصة أنه ينتمي إلى فصيلة من الزهور، التي تنبت في أجزاء واسعة من العالم، مثل: أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية، أنها تقوم بفرز مادة كيميائية، توحي لحشرة الخنفس، التي تقتات على هذه النبتة، بأنها نبتة تالفة، قبل أن تنقضَّ عليها حين اقترابها منها. وهو الأمر الذي يعتبر ذكاءً غير موجود في أنواع أخرى من النباتات.
ماذا يعني هذا الاكتشاف، وهل تمتلك النباتات دماغاً مثل البشر؟
يُعيد هذا الاكتشاف، بحسب علماء البيئة والأحياء، تعريف مفهوم الذكاء بشكل جذري، ويُشير إلى أن النباتات تمتلك قدرات، تُضاهي قدرات بعض الحيوانات، لكنها بالتأكيد لا تمتلك دماغًا يشبه دماغ الإنسان، وإنما تتمتع بنظام وعائي، يُساعدها على نقل المواد المغذية لنموها. وأشاروا إلى أن الدراسة البحثية، التي يقومون بها، ما زالت قيد البحث، وأنهم يلاحظون أن النباتات لها قدرة على التعرف على محيطها، والنباتات التي تجاورها.
ما الخطوات المقبلة؟
يستمر العلماء في دراسة نباتات «عصا الذهب»؛ لفهم آليات ذكائها بشكل أفضل. ولتحديد ما إذا كانت نباتات أخرى تمتلك قدرات ذكية مماثلة؛ يدرس الفريق البحثي يدرس حالة نبات «عصا الذهب» (GOLDENRODS)، منذ عام 2021، وقد لاحظوا أن تأثير هذا النبات على المحيط الزراعي القريب منه يبدو ناجعاً، إذ تتكيف أنواع النباتات القريبة منها، مع الخطة الدفاعية التي تقوم بها «عصا الذهب»، حيث تنمو النباتات القريبة بشكل أسرع، كما أنها تطلق مواد كيميائية دفاعية، متخذة من «عصا الذهب» نموذجاً للدفاع.
هل سيُغير هذا الاكتشاف نظرتنا إلى العالم؟
بالتأكيد! يُشير هذا الاكتشاف إلى تعقيد العالم الطبيعي الذي لا نزال نجهل الكثير عنه، ويُؤكد على أهمية الاهتمام بالنباتات ودورها الأساسي في النظام البيئي.