في البيئات المهنية، من الشائع أن نصادف أشخاصاً يعطون الأولوية لاحتياجاتهم، ومصالحهم الشخصية، على الأهداف الجماعية للفريق أو المنظمة. وقد يجعل هؤلاء الأشخاص، الذين يطلق عليهم لقب «الأنانية»، مكان العمل والحياة صعبة من حولهم، لكن لحسن الحظ، هناك بعض الاستراتيجيات والأساليب للتعامل بشكل احترافي مع هؤلاء الأشخاص، والتي قد تسهل طريقة التعامل والحوار معهم.
لهذا، جمعنا أفضل طرق؛ للتعامل مع الأشخاص الأنانيين، فاختاري الأنسب.
مفهوم الشخص الأناني في علم النفس:
في مجال علم النفس، تم تعريف «الشخص الأناني» بأنه الفرد، الذي يعطي الأولوية باستمرار لاحتياجاته ورغباته وتطلعاته على احتياجات ورغبات الآخرين، ويراوح مظهر هذه السمة الشخصية بين أفعال بسيطة من المصلحة الذاتية وسلوكيات أكثر أهمية وضرراً.
على سبيل المثال: قد يختار الشخص ذو الشخصية الأنانية باستمرار الأنشطة التي يستمتع بها فقط، متجاهلاً تفضيلات الآخرين، وقد يضع أيضاً مصالحه الخاصة في المقام الأول خلال المواقف التي تتطلب التسوية، أو اتخاذ القرارات المشتركة.
وقد تكون علاقاتهم من جانب واحد إلى حد كبير، حيث يأخذ الشخص ذو الشخصية الأنانية أكثر مما يعطي، وفي الحالات الأكثر شدة قد يتلاعب الشخص الأناني بالآخرين، أو يستغلهم؛ للحصول على ما يريد، ما يتسبب في ضرر.
ومع ذلك، من الأهمية بمكان التمييز بين السلوك الأناني العرضي، والنمط الثابت من الأنانية، حيث يُظهر جميع البشر سلوكًا أنانيًا في بعض الأحيان، فهو جزء طبيعي من السلوك البشري، ينبع من غريزة الحفاظ على الذات، لكن عندما تصبح هذه الأنماط متسقة ومستمرة، وتؤثر سلباً على الآخرين، فقد تكون مؤشراً إلى شخصية أنانية.
علاوة على ذلك، قد تكون أنماط الأنانية المتسقة مؤشراً إلى مشاكل نفسية أعمق. فعلى سبيل المثال، يتميز اضطراب الشخصية النرجسية بنمط شامل من العظمة، والحاجة المستمرة للإعجاب، والافتقار إلى التعاطف، التي يمكن ربطها بالسلوك الأناني المتطرف، لكن من المهم ملاحظة أن ليس كل الأفراد الأنانيين يعانون اضطراباً نفسياً.
أساليب للتعامل مع الأنانيين باحترافية:
1. فهم وجهة نظرهم:
عادة، تكون للأشخاص الأنانيين وجهة نظر في طريقة التعامل الخاصة بهم، وفي الأغلب تكون نابعة من مكان عميق الجذور من انعدام الأمان والخوف، وبالتالي فهم وجهة نظرهم يحسن الطريقة التي نتعامل بها معهم بشكل كبير.
وبدلاً من النظر إلى سلوكهم كإهانة متعمدة، يجب التعمق في دوافعهم ومخاوفهم، وانعدام الأمان الذي قد يكون وراء سلوكهم الأناني، وقد يسمح هذا الفهم بتواصل أكثر فاعلية وبناء علاقات معهم، لأنه يعزز التعاطف والصبر.
2. وضع الحدود:
تتمثل إحدى الاستراتيجيات الأكثر أهمية عند التعامل مع الأفراد الأنانيين في وضع حدود واضحة، وتحدد هذه الحدود السلوك المقبول، وغير مقبول، ويمكن منع الأشخاص الأنانيين من الاستفادة من لطفكِ، أو استعدادكِ للتعاون عند وضع هذه الحدود، بالإضافة إلى أنها تضمن لكِ، أيضاً، الحفاظ على احترامكِ لذاتكِ وكرامتكِ في مكان العمل.
3. التواصل الفعّال:
التواصل الفعّال هو حجر الزاوية في التعامل مع الأشخاص الأنانيين، ومن المهم التعبير عن مشاعركِ ومخاوفكِ بهدوء وحزم، مع تجنب السلوك العدواني السلبي؛ الذي قد يؤدي إلى تصعيد الصراعات بدلاً من حلها، لذلك يمكنكِ اللجوء إلى استخدام لغة واضحة ومباشرة؛ للتعبير عن كيفية تأثير سلوكهم عليكِ، وعلى الفريق.
4. تجنب المواجهة الشخصية:
عندما تكون المواجهات أمراً لا مفر منه، فمن الضروري أن تحافظي عليها بشكل احترافي، مع الالتزام بالقضية المطروحة، والامتناع عن شن هجمات شخصية، أو انتقاد شخصيتهم، فقد يمنع هذا النهج التصعيد غير الضروري للموقف، ويحافظ على جو احترافي.
5. إظهار التعاطف:
التعاطف أداة قوية تخفف موقف الشخص الأناني، فمن خلال إظهار الفهم واللطف، يمكنكِ تشجيعه على تبدل هذه المشاعر، ويسمح لكِ التعاطف بالتواصل معه على المستوى الشخصي بتغيير سلوكهم.
6. التركيز على أهداف الفريق:
تتمثل إحدى الاستراتيجيات الفعّالة الأخرى في التأكيد على أهمية أهداف الفريق والنجاح الجماعي، ويساعد هذا على تحويل تركيز الأفراد الأنانيين من المكسب الشخصي إلى الفائدة العامة للفريق، فضلاً عن أن ترويج فكرة نجاح الجميع مرتبطة بنجاح الفريق يعزز موقف أكثر تعاوناً، وأقل أنانية.
7. تشجيع التعاون:
يساعد تعزيز التعاون والعمل الجماعي، أيضاً، على تخفيف السلوك الأناني، حيث تغرس البيئة التعاونية شعوراً بالمسؤولية الجماعية، وتثبط عزيمة الأفراد عن التصرف وفقاً لمصالحهم فقط، ومن خلال تعزيز روح الفريق والاعتماد المتبادل، يتم تشجيع الأفراد الأنانيين على أن يصبحوا أكثر تعاوناً، واعتباراً للآخرين.
8. تقديم ملاحظات بناءة:
يعد تقديم الملاحظات مهمة دقيقة عند التعامل مع الأفراد الأنانيين، لذا تأكدي من أن الملاحظات بناءة، وتركز على أفعالهم، وليس على شخصيتهم، حيث يساعدهم هذا في فهم التأثير السلبي لسلوكهم، ويشجعهم على إجراء تغييرات إيجابية.
9. مكافأة السلوك التعاوني:
الاعتراف بالسلوك التعاوني ومكافأته، يشجعان الأفراد الأنانيين على تبني المزيد من السلوكيات التعاونية، كما أن التعزيز الإيجابي لا يعزز السلوك الجيد فحسب، بل يعزز أيضاً الروح المعنوية، وبيئة العمل الإيجابية.
10. طلب المساعدة المهنية:
إذا استمر السلوك الأناني في تعطيل مكان العمل، رغم بذل قصارى جهدكِ، فقد يكون من الضروري طلب المساعدة المهنية، حيث يكون ذلك في شكل وسيط، أو متخصص من الموارد البشرية، أو طبيب نفساني تنظيمي يمكنه تقديم المشورة، والتدخلات المتخصصة.