حرصت الدكتورة آمنة الفلاحي، اختصاصية علم النفس السريري في «مبادلة للرعاية الصحية دبي»، والحاصلة على درجة الدكتوراه في مجال علم النفس السريري من جامعة نوتنغهام بالمملكة المتحدة، خلال فترة دراستها، على استقطاب أفضل خيارات العلاج النفسي المناسبة لثقافة دولة الإمارات، ومواءمة العلاجات الأخرى؛ لتناسب العادات والتقاليد، التي يتمتع بها مجتمع الدولة.. وانطلاقاً من أثر النشاط الرياضي الكبير في الصحة النفسية والسعادة والإيجابية، كان لـ«زهرة الخليج» هذا اللقاء معها:

  • آمنة الفلاحي: الرياضة حياة وشفاء

دعم نفسي

قالت الدكتورة آمنة الفـــلاحي: «منذ بداية رحلتي الدراسية في الطب النفســـــي، وضعت نصب عينيَّ هدفاً واحداً، هو إزالــــة الوصمة الاجتماعية المصاحبة للاضطرابات النفسية، وتوعية أفراد المجتمع بضرورة طلب مساعدة اختصاصي علم النفس؛ عندما يحتاجون إلى ذلك دون تردد، وعدم التفكير في (الخجل الاجتماعي)، الذي قد يشعرون به بسبب هذا الموضوع. ومن خلال ذلك، يمكننا تشجيع المزيد من الأشخاص على طلب الدعم النفسي عند الحاجة؛ لأن الاضطرابات النفسية هي أمراض كغيرها من المشاكل الصحية البدنية، وتستدعي تدخلاً مناسباً، وعلاجاً ملائماً لها».

مشاعر إيجابية

وأوضحـت آمنة الفلاحـــــي أن الرياضة حياة وشفاء، وتعمل على تجديد الطاقة، وزيادة المشاعر الإيجــــابية؛ بســــبب زيــــــادة إفراز هــــرمون «الإندورفين»، الذي يعمل كمثبط للألـم، ويعدّل المزاج، ويمنح المزيد من القدرة؛ للسيطرة على الانفعالات والتوتـــــر، ونصحت جميع الأشــخاص بممارسة أي نوع من الرياضة؛ لاغتنام فوائدها الإيجابية على العافية النفسية والعقليــــــــــة. ويمكــن أن يـــــؤدي النشــــاط البدني، أيضاً، إلى تقليل مســـــتويات «الكورتيزول» (هرمون التوتـــــر) في الجسم، وزيادة إنتاج «السيروتونين»، وهو ناقل عصبي مرتبط بتحسين المزاج. 

مواجهة الضغوط

ووفقاً للدكتورة آمنة، فقد ثبت أن ممارسة التمارين الرياضية، بانتظام، تقلل أعراض التوتر والقلق، من خلال تخفيف التوتر المكبوت، وتعزيز الاسترخاء بشكل طبيعي. كما أن الرياضة تساعد في تنظيم الاستجابة للتوتر بالجسم، ما يجعل الأفراد أكثر مرونة في مواجهة الضغوط مع مرور الوقت.

جودة النوم

وأشارت الدكتورة آمنة، أيضاً، إلى دور الرياضة في تعزيز جودة النوم من خلال تنظيم الساعة البيولوجية الداخلية، وكذلك تساعد على الاسترخاء ليلاً؛ بسبب إفراز هرمون «الميلاتونين» بكمية جيدة، وهو الهرمون الذي يساعد في عملية النوم، وضبط إيقاعه. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يقلل النشاط البدني أعراض الأرق، عن طريق تقليل مستويات التوتر، ما يجعل الخلود للنوم واستمراريته دون انقطاع ليلاً، أمراً أكثر سهولة بالنسبة للأفراد.

تحسين المزاج

وأضافت الدكتورة آمنة أن الرياضة والنشاط البدني يساعدان، أيضاً، في تخفيف أعراض الاكتئاب، عن طريق تحفيز إنتاج الناقلات العصبية، مثل: «الدوبامين»، و«النورإبينفرين»، التي ترتبط بالمتعة، وتحسين المزاج. كما يمكن أن توفر المشاركة في الألعاب الرياضية الجماعية الدعم الاجتماعي، والشعور بالإنجاز، والتخلص من الضغوط، وكلها تساهم في تحسين المزاج، والرفاه العام.

تفاعل اجتماعي

وأردفت اختصاصية علم النفس السريري أن ممارسة الرياضة تعزز التفاعل الاجتماعي، والشعور بالانتماء، وهما عنصران أساسيان في التكامل الاجتماعي. كما تشجع الرياضات الجماعية، بشكل خاص، على التعاون والتواصل، وتأسيس علاقات الصداقة الوثيقة بين المشاركين؛ ما يؤدي إلى تعزيز الروابط الاجتماعية، والإحساس بالانتماء إلى المجتمع.

تقليل التوتر

وأشارت الدكتورة آمنة إلى أنه يمكن لأي شكل من أشكال النشاط البدني، أن يعود بالنفع على الصحة النفسية، لكن التمارين التي تجمع بين النشاط البدني والتأمل، مثل: اليوغا، والـ«تاي تشي»، أثبتت فاعليتها بشكل خاص في تقليل التوتر والقلق والاكتئاب. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأنشطة التي تنطوي على التفاعل الاجتماعي، مثل: الرياضات الجماعية، وفصول اللياقة البدنية الجماعية، أن توفر فوائد إضافية للصحة النفسية، من خلال الدعم الاجتماعي، والتواصل.

  • التأثير النفسي للتمرين

تأثير متباين

وأفادت الدكتورة آمنة بأن التأثير النفسي للتمرين قد يختلف حسب شدته. ففي حين ثبت أن جميع مستويات النشاط البدني تؤثر بشكل إيجابي في الصحة النفسية، إلا أن التمارين المعتدلة الشدة، مثل: المشي السريع، أو السباحة، قد تكون أكثر فائدة؛ لتحسين المزاج، وتقليل أعراض القلق والاكتئاب. ومع ذلك، فإن التمارين المرتفعة الشدة، مثل: التدريب المتقطع العالي الكثافة أو رفع الأثقال، يمكن أن تكون لها، أيضاً، فوائد كبيرة على الصحة النفسية، خاصة من حيث تقليل التوتر، وتحسين المزاج.

وعي ذاتي

وأكدت اختصاصية علم النفس السريري أن المشاركة في النشاط البدني توفر للأشخاص فرصة للتواصل مع أجسادهم، والتناغم مع أحاسيسهم، وتعزز وعيهم بأفكارهم وعواطفهم. فمن خلال نشاطات بدنية، مثل: اليوغا، والمشي، والتأمل، تتمكن السيدات من تعميق وعيهن الذاتي، وتطوير علاقة إيجابية مع أنفسهن، ما يعزز تقدير وفهم الذات. ويعمل، أيضاً، النشاط البدني المنتظم على بناء المرونة العاطفية، من خلال تعليم الأفراد كيفية التعامل مع التحديات والنكسات والضغوط بطريقة صحية، والتكيف معها، وإدارتها بكفاءة. وعن طريق تحديد أهداف اللياقة البدنية وتحقيقها، وإدارة الضغوط أثناء التمرين، والمثابرة، خلال جلسات التدريب القاسية، تتطور قدرة الأشخاص على تجاوز التحديات، بما يزيد مرونتهم العاطفية، وقدرتهم على الاستجابة - بكفاءة - للضغوط اليومية.

تكيف

واختتمت الدكتورة آمنة، اختصاصية علم النفس السريري، بالتأكيد على أن النشاط البدني المنتظم يساعد في الوقاية من اضطرابات القلق، عن طريق تقليل التوتر، وتعزيز الاسترخاء، وتحسين المزاج العام. فالتمارين الرياضية المنتظمة قد تكون آلية فعالة للتكيف مع ضغوط الحياة، وتوفر فسحة للاسترخاء، وإدارة التوتر، ومنعه من التطور نحو القلق المزمن.