كثيراً ما نسمع خبراء علم النفس ينصحون الجمهور بضرورة وضع حدودٍ ثابتة في العديد من المواقف، حتى لا يشعر الشخص، بعدها، بأنه يفقد مساحته الخاصة، وبالتالي يفقد قدرته على مواصلة المضي قدماً في علاقاته مع الآخرين، ويشعر بالاستنزاف.

وعادةً، تضعنا الحياة في مواقف تتطلب منّا أن نميز حدودنا بوضوح، وأن نعلنها أمام الجميع، فقد تجدين نفسكِ في علاقة سامة، أو وظيفة متطلبة، أو عائلةٍ ذات علاقاتٍ معقدة، ما يدفع بكِ إلى حافة الانهيار.

لذلك، يعد وضع الحدود ضرورة نفسية، تساهم في تحسين الصحة العقلية، وصنع علاقات أقوى، كما أنه جزء أساسي من الرعاية الذاتية لنفسكِ. ولمساعدتكِ، فإننا نرصد لكِ بعض المواقف، التي يجب أن تضعي لها حدوداً ثابتة، وفقاً لعلم النفس.

  • وفقاً لعلم النفس.. مواقف في الحياة يجب أن تضعي لها حدوداً ثابتة

تجاوز المساحة الشخصية:

لدينا، جميعاً، مساحتنا الشخصية الخاصة، التي نعتبرها ملكًا لنا. لذا، عندما يحاول شخصٌ ما اقتحامها باستمرار، نشعر بعدم الارتياح الشديد، والإرهاق، مهما كان ذلك الشخص مقرباً منا. إدراك أنكِ في موقفٍ كهذا، يعتبر خطوة أولى حاسمة نحو رسم حدودكِ. وهنا، تذكري أن الأمر لا يتعلق بكونك معادية للمجتمع أو منعزلة، وإنما بالحفاظ على مساحتك الشخصية. ومن المهم أن تعرفي أن كل شخص لديه مستوى مختلف من الراحة بمساحته الشخصية، فبعض الأشخاص لا يعانون مشاكل مع الاتصال الوثيق، بينما قد يفضل البعض الآخر الحفاظ على مسافة معينة. وفي حال شعرتِ بأن مساحتكِ الشخصية يتم اقتحامها، فهذا يعني أنه حان الوقت لوضع حدود ثابتة. وضحي احتياجاتك بحزم، واعلمي أنه من المقبول جداً أن تحتاجي إلى مساحة للتنفس، والانطلاق من جديد.

إظهار اللطف لنفسكِ:

ربما من الغريب أن يكون هذا الأمر ضمن الأمور التي تحتاجين إلى وضع حدود لها، لا سيما أن إظهار اللطف للنفس يساهم في دعم صحتنا، وهو جزءٌ من الرعاية الذاتية. لكن لعلم النفس رأيٌ آخر، إذ يقول: إن وضع الحدود مع أنفسنا، من أهم الخطوات التي يمكننا اتخاذها نحو السعادة. وبعبارةٍ أخرى إنه بمثابة تحديد الوقت، الذي تقضينه في شيءٍ تحبينه، أو التأكد من أنكِ لا ترهقين نفسكِ، حتى لو كنت تستمتعين. وتذكري أن الرعاية الذاتية لا تقتصر على القيام بالأشياء التي تشعركِ بالسعادة في الوقت الحالي فحسب، بل إنها تتعلق باتخاذ الخيارات التي تساهم في صحتكِ وسعادتكِ على المدى الطويل، أي أن وضع الحدود مع نفسكِ لا يتعلق بالقيود، بل يتعلق بالتوازن، إذ إنه يمنحكِ الإذن بالاستمتاع بالحياة مع الاهتمام، أيضاً، بمستقبلكِ.

  •  
  • وفقاً لعلم النفس.. مواقف في الحياة يجب أن تضعي لها حدوداً ثابتة

إيجاد التوازن بين العمل والحياة:

غالباً، تكون الخطوط الفاصلة بين العمل والحياة الشخصية غير واضحة، فقد تجدين نفسكِ تجيبين على رسائل البريد الإلكتروني بجميع الأوقات، أو تجلبين ضغوط العمل إلى منزلكِ، وهذا يؤدي إلى إرهاقكِ، وانخفاض إنتاجيتكِ، وتوتر العلاقات. وبناءً على ذلك، يعد الحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة الشخصية أمراً بالغ الأهمية لرفاهيتكِ العامة، إلا أن تحقيق هذا التوازن يتطلب وضع حدود ثابتة بين حياتكِ المهنية والشخصية. كما أنه من المهم تحديد أوقات للعمل، وقد يعني هذا عدم إرسال رسائل بريد إلكتروني خاصة بالعمل، بعد الساعة 6 مساءً، أو عدم مناقشة مشكلات العمل أثناء القيام بالواجبات العائلية. وقد وجدت الأبحاث أن الأشخاص الذين يعرفون كيف يوازنون وقتهم بين العمل والحياة الشخصية بشكل فعال، يميلون إلى أن يكونوا أكثر إنتاجية ورضا في وظائفهم، إضافةً إلى أنهم أقل عرضة للإرهاق، وأكثر عرضة للشعور بالرضا في حياتهم الشخصية.

التعامل مع المتطلبات العاطفية:

يوجد الكثير من الأشخاص، الذين يعتمدون علينا؛ للحصول على الدعم العاطفي، فهو جزءٌ من عملية التواصل الإنساني، إلا أنه في بعض الأحيان يمكن أن تزيد هذه المتطلبات العاطفية على حدها، ما يجعلكِ تشعرين بالاستنزاف والإرهاق. لذا، يعد وضع الحدود في هذه المواقف أمراً بالغ الأهمية لصحتك العقلية، وليس من الأنانية أن تقولي لصديقتكِ أنكِ لا تستطيعين التحدث الآن، أو السماح لأحد أفراد عائلتكِ بمعرفة أنكِ بحاجة إلى بعض الوقت لنفسكِ.