إيــمــان الــبــلــوشــي وجــودي وولــيــن: سلسـلة مغامرات «السرعة» من وحي رحلاتنـا
صداقة قوية، تشبه في مضمونها وروحها علاقة دولة الإمارات الطيبة مع سائر بلاد العالم، جمعت الكاتبتَيْن: الإماراتية إيمان البلوشي، والأسترالية جودي وولين. هذه العلاقة المتميزة تعكس قيم المحبة والود والتآخي والتعايش والتعاون الإنساني، التي تحظى بها الإمارات، وتُعمّر العلاقات بين الدول؛ لنشر السلام والمحبة، وبناء جسور الفهم والتقارب بين الثقافات والأديان والشعوب. نشأت علاقة قوية بين إيمان البلوشي، وجودي وولين، في ساحة العمل، وتطورت لتتجاوز حدودها الاحترافية؛ فأصبحت صداقة متينة، مبنية على التعاون والاحترام، وأثمرت إطلاق سلسلة من الكتب الأدبية، تحمل اسم «السرعة»؛ بهدف تسليط الضوء على الثقافتين الإماراتية والأسترالية، وتعزيز الهوية الإماراتية. وقد أَثْرَتْ هذه السلسلة الساحة الأدبية؛ كونها تتميز بقيمها ومغامراتها المثيرة، وتستهدف الفئة العمرية من 10 إلى 13 عاماً.. «زهرة الخليج» التقت الكاتبتَيْن: الإماراتية، والأسترالية، لمعرفة الكثير عن رحلتهما في تحقيق رؤيتهما الأدبية، وتأثيرهما في الساحة الثقافية:
كيف كان لقاؤك الأول مع جودي؟
بعد أن تم اختياري؛ للانضمام إلى فريق تأسيس كلية فاطمة للعلوم الصحية مديرةً للمشروع. في أول اجتماع لنا التقيت جودي، وبعد الانتهاء من الاجتماع، سألتها: هل تقيمين في دولة الإمارات مع عائلتك؟.. فأجابت بالنفي، وأنها تعيش هنا وحدها؛ حتى تستقر أمورها. حينها، أحسست بشعورها بالوحدة والحيرة، تجاه ما ينتظرها في بلدٍ غريب، فدعوتها إلى منزلي، فلبت الدعوة، واقترحت عليها أن تبقى ضيفة عندي؛ حتى ترتب أمورها، وتنتقل إلى منزلها، وحتى وصول عائلتها. وكون ثقافة جودي غريبة عن ثقافتنا؛ أحست بالامتنان البالغ والراحة. وبعد استقرار أمورها، توطدت الصداقة بيننا.
نقاط قوة
بعد هذا التقارب الإنساني الكبير.. هل استمرت صداقتكما؟
استمرت صداقتنا وتقاربنا، بعد تقاعدنا، ورحيل جودي إلى أستراليا؛ فقد كنا صديقتين مقربتين جداً، وتواصلت زياراتنا المتبادلة، والاحترام والتفاهم الدائمان؛ فأصبحت تزورني في الإمارات كلَّ عام، إذ كان الاهتمام أساس علاقتنا قبل أي شيء. في العمل، مثلاً، تحدث خلافات في القرارات، وهذا أمر طبيعي، لكننا كنا نتعامل بكل احترام في تلك المواقف، بعدما تمكنا من معرفة نقاط قوة كل واحدة منا، وبالتفاهم كنا نصل إلى الحل الأفضل لمصلحة العمل، ما ساعدنا على إنشاء الكلية، واستمرار صداقتنا بكل حب واحترام.
بعد صداقة متينة، وعمل مثمر.. كيف حولتما هذا الصداقة إلى تعاون أدبي؟
كلَّ عام، كانت جودي تزورني في الإمارات، وكنا نستكشف معاً أماكن جديدة في الإمارات، ودول الخليج العربي، وغيرها. بعدها، قررنا تحويل خبراتنا التربوية، ومغامراتنا اليومية، إلى قصص مغامرات للأطفال. ثم بدأنا تأليف قصص تلائم الأطفال في الإمارات، وتلامس اهتماماتهم وثقافاتهم، بناءً على ما لاحظناه من نقص في الكتب الموجودة بالسوق. تواصلنا معاً في هذا المشروع، واستفدنا من تجاربنا الشخصية والمهنية، ونجحنا في إصدار سلسلة من الكتب المثيرة لاهتمام الأطفال، من سن 10 سنوات، وحتى «المرحلة الثانوية».
هل كان لديكما شغف بالكتابة من قَبْلُ؟
بدأ شغف الكتابة لديَّ؛ عندما طُلب منا إعداد وتقديم مواد حول الصحة العامة، ليتم تدريسها في «المرحلة الثانوية» بمدارس الدولة؛ لتجهيز الطالبات لدخول كلية فاطمة للعلوم الصحية. واستمر هذا الشغف بعد ذلك، عندما بدأنا كتابة سلسلة مغامرات، سميناها «السرعة»، فكان الكتاب الأول «الجزيرة المسكونة»، والثاني «برق الصقر»، والثالث «تحدي الرمال»، وكان من الضروري أن نعمل معاً؛ كوننا عشنا كلَّ المغامرات معاً، وكنت أتحدث باسم الثقافة الإماراتية العربية، وجودي تتحدث باسم الثقافة الأسترالية الغربية. من هنا، جاءتنا فكرة الشخصية، التي تمثلني، وهي «علي» الإماراتي من أبوظبي، و«ديلن» الأسترالي، وبداية تعارفهما وصداقتهما، وبعد ذلك اشتراكهما في مغامرات عدة، وتضمنت الأحداث استعراض الحياة الإماراتية، وعادات وتقاليد الدولة، والأمر نفسه بالنسبة لأستراليا. وقد استمر عملنا في التجهيز لسلسلة «السرعة»، التي تحتوي على ثلاث مغامرات، على مدار خمس سنوات، وقمنا بإصدارها تباعاً، حيث تم إصدار الكتاب الأول خلال الدورة الـ42 من معرض الشارقة الدولي للكتاب. وبعدها بـ6 أشهر، تم إصدار النسخة الثانية في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2024.
هل يندرج كتاب «الجزيرة المسكونة» تحت فئة «كتب الرعب»؟
هذا الكتاب لا يندرج تحت «كتب الرعب»، بل تدور فكرته حول المغامرة الموجهة إلى الأولاد في الفئة العمرية من 10 إلى 13 عاماً. يروي الكتاب قصة «علي»، و«ديلن»، اللذين يقضيان عطلة نهاية الأسبوع بقرية «الأزرق» في رأس الخيمة، مسقط رأس «جد علي»، وبيت العائلة الكبير، ويخرجان معاً في رحلة بحرية إلى جزيرة «تلغراف المسكونة»، ويتعرضان لمغامرات مثيرة، تعلمهما درسًا حول الطاعة والمسؤولية.
حلم.. وهدف
ما الفكرة الرئيسية، التي يدور حولها الكتاب الثاني «برق الصقر»؟
تتمحور فكرة الكتاب حول رغبة «علي»، وصديقه «ديلن»، في أن يصبحا صقارَيْن، ولكن من الذي سيقبل مساعدتهما؟.. وما التحديات التي سيواجهانها في تحقيق هذا الهدف؟.. وتتحول الرحلة إلى الصحراء للتدريب إلى كارثة، ويتعين على البطلين التغلب على الصعاب؛ لتحقيق أحلامهما.
هل تضمن الإصداران، اللذان قمتما بإصدارهما، الثقافة الإماراتية فقط، أم الاثنتين: الإماراتية والأسترالية؟
رغم أن أحداث القصص تدور في دولة الإمارات؛ لكنها تتضمن، أيضاً، الثقافة الأسترالية. وتُبرز القصص الاختلاف بين الثقافتين، وتمنح القارئ فرصة التعلم والاستفادة من كلتا الثقافتين. والشيء المتميز في هذه القصص أنها أعمال تحاكي الواقع، وتستعرض الثقافتين: الإماراتية والأسترالية، وأيضاً أن بطلَيْ قصصنا طفل إماراتي، وصديق أسترالي، يقومان بمغامراتهما معاً، وينجحان في مواجهة التحديات.
ماذا عن مخططاتكما الحالية؟
نعمل، حالياً، على تجهيز القصة الثالثة للطباعة، ومن المتوقع إصدارها خلال الفترة المقبلة.
جودي وولين: تعلمت من أهل الإمارات العطاء
قالت جودي وولين: أشعر بسعادة كبيرة بما حققناه من إنجاز، يعد ثمرة صداقتي القوية مع إيمان، ولديَّ شعور بالامتنان لذكرياتنا الجميلة التي جمعتنا معاً، والتي بدأت عند وصولي إلى الإمارات. كانت هذه المرة الأولى، التي أغادر فيها أستراليا للعمل في بلد آخر، وكنت وحيدة وقلقة بعض الشيء. في اليوم نفسه، التقيت إيمان، في أول اجتماع لنا؛ لتأسيس كلية فاطمة للعلوم الصحية، كنت حينها مديرة برنامج التمريض المبتعثة من جامعة غريفيث الأسترالية. بعد استضافة كريمة من قِبَل إيمان في منزلها، حتى وصول عائلتي، لم أنسَ لها يوماً ذلك الفضل الذي أظهرته لي؛ فقد جعلتني أشعر كأنني في بلدي، وبين أهلي وأصدقائي. وكذلك كان زوجها وأبناؤها مضيافين، ولطفاء معي، ما دفعني إلى البحث عن فرصة لمساعدة الآخرين في بلدي عندما أعود. تعلمت العطاء والاهتمام بالآخرين من خلال تجربتي في الإمارات، وقررت أن أساعد عائلة لاجئة في أستراليا. كبرت هذه العائلة في قلبي كعائلتي الثانية، حتى إن الأطفال الصغار أبناءها كانوا ينادونني بـ«الجدة جودي». وبفضل شغفي بالكتابة، عملت مع إيمان على إعداد قصصنا الثلاث، فمنذ الصغر كنت مولعة بالخيال، وكنت أقوم بتأليف قصص خاصة بي، كانت دائماً تلهمني.