هند بالجافلة: الأمومة الوظيفة الأنبل على الإطلاق

طمأنينة وراحة وتوازن.. كانت هذه الركائز هي الدافع وراء ترك هند بالجافلة مسيرتها المهنية المليئة بالإنجازات في مجال العمل التطوعي والخدمة المجتمعية؛ لتتفرغ بالكامل لبناء أسرتها وتربية أبنائها. بعد سنوات من التفاني والعطاء الإنساني في مختلف بقاع الأرض، وجدت هند نفسها في رحلة جديدة كأم وربة منزل، وهو ا

طمأنينة وراحة وتوازن.. كانت هذه الركائز هي الدافع وراء ترك هند بالجافلة مسيرتها المهنية المليئة بالإنجازات في مجال العمل التطوعي والخدمة المجتمعية؛ لتتفرغ بالكامل لبناء أسرتها وتربية أبنائها. بعد سنوات من التفاني والعطاء الإنساني في مختلف بقاع الأرض، وجدت هند نفسها في رحلة جديدة كأم وربة منزل، وهو الدور الذي تعتبره الأهم والأعظم، فهو لا يقتصر على بناء جيل المستقبل فحسب، بل يساهم، أيضاً، في بناء أمة ووطن، يستحقان العطاء والتفاني في خدمتهما. خلال لقائها مع مجلة «زهرة الخليج»، تحدثت هند عن مسيرتها كصانعة محتوى إماراتية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تميزت بمحتوى ينمي النظرة الإيجابية والعيش ببساطة ورضا، وشاركتنا هند رؤيتها وقيمها التي تحيا بها ولها، على حد تعبيرها. كما استعرضت، معنا، رحلتها مع التطوع وحب السفر والاستكشاف، وصولاً إلى نجاحاتها مع العلامة التجارية «داس» للعبايات، التي عززت حضورها على الساحة العالمية. كما سلطت الضوء على خططها الحالية، التي هدفها دعم الترابط الأسري، وتعزيز قيم الأسرة في المجتمع.

  • إطلالة من Bouguessa / عقد Bahar Gafla Maidar، من الذهب الوردي، من قافلة Gafla / قرط Bahar Gafla، من الذهب الوردي، من قافلة Gafla

بدايةً.. حدثينا عن نشأتك!

نشأت في كنف أسرة تضم أربع فتيات، تحت رعاية والدتنا الطموحة والقوية، التي غرست فينا حب الحياة والسفر. منذ صغري، تميزت بروح القيادة والشعور بالمسؤولية تجاه أخواتي، وكنت شغوفة بممارسة الرياضة، مثل: ركوب الخيل، والغوص، كما شاركت في الأنشطة التطوعية المختلفة بالإمارات، فشكلت حيزاً كبيراً من حياتي، حتى وصولي إلى المرحلة الجامعية، وسفري لدراسة تخصص الضيافة وإدارة الفنادق في بريطانيا. وخلال مسيرتي التعليمية، لم تكن الدراسة شغفي الأول، رغم تفوقي فيها، لكن الاكتشاف والمغامرة والسفر كانت الشغف الأكبر، الذي ظل ينمو بداخلي، كلما تقدمت في العمر.

طاقة عطاء

بعد حصولك على الشهادة الجامعية.. إلى أين كانت وجهتك؟

بعد التخرج، وعودتي إلى أرض الوطن، انغمست في العمل التطوعي بمجالات عدة، خاصة مع أصحاب الهمم، الذين ملؤوا حياتي سعادةً، ومنحوني فرصة تفريغ طاقة العطاء والحب التي بداخلي، وتزامن ذلك مع حصولي على وظيفة، وكنت من المحظوظين باختياري في أوائل المجموعة، التي انتسبت إلى مركز محمد بن راشد لإعداد القادة، حيث اكتسبت مهارات وخبرات تؤهلني للقيادة، ولصناعة الفارق والتأثير، هذا المركز عزز إيماني بمواهبي وأفكاري وقدراتي، ودفعني إلى البحث عن سر تميزي، الذي وجدته في حب الاكتشاف والسفر والعطاء والخدمة المجتمعية، الهادفة إلى دعم الإنسانية عامة. بعدها، قررت توسيع نطاق عملي التطوعي خارج حدود الدولة، وكان بالانضمام إلى مؤسسة دولية رسمية لراغبي التطوع.

 هل نجحتِ في التوفيق بين مهامك الوظيفية والتزاماتك التطوعية خارج الإمارات؟

لم يكن من الممكن التوفيق بينها؛ لذا اتخذت قراراً جريئاً بترك الوظيفة؛ للتمكن من متابعة رحلاتي التطوعية، التي تتطلب فترات تفرغ طويلة. هذه الفترة كانت الأهم في حياتي، لأثرها العميق في تنمية شخصيتي، ومنحي معنى حقيقياً للحياة. عندما رأيت حياة الناس في الدول النامية وظروفهم؛ شعرت بنعمة العيش في دولة الإمارات، تلك الأرض الطيبة، التي تجسد التسامح والتعايش في أروع صورهما، وينعم كل من يعيش على أرضها بالأمن والأمان والطمأنينة والاستقرار. وفي ظل قيادتنا الرشيدة، ستبقى الإمارات، دوماً، في ازدهار ونماء، تحميها العناية الإلهية، وبعدها سواعد وطنية مخلصة، تستلهم قوتها وإخلاصها من عزيمة قادتها، وفكرهم المستنير.

الأزياء والموضة مجال بعيد عن دراستك وشغفك بالسفر والتطوع، لكنك نجحت فيه.. حدثينا عن هذا النجاح!

كان العمل مع شقيقتي الكبرى «ريم» في علامتها التجارية «داس» نقلة نوعية في حياتي العملية. عندما دعتني إلى العمل معها، تفهمت شغفي بالسفر والتطوع، ومنحتني حرية التفرغ لهما، وأبدت لي دعمها، وبدأنا العمل معاً على تحقيق حلمها. «داس» أحدثت نقلة في عالم تصميم العبايات، فخرجت من القوالب النمطية، وامتزجت بالموضة العالمية؛ بنكهة إماراتية تمزج بين التقاليد المحتشمة لأصول العباية التقليدية، وكل ما هو معاصر وحديث في عالم الأزياء، ما سمح لنا بعرض تشكيلاتنا على منصات الأزياء في باريس ونيويورك ولندن. كانت «داس» تعبيرًا عن التقاليد الإماراتية الأصيلة بلمسة معاصرة، فسلطت الضوء على العبايات، وعززت حضورها على المسرح العالمي.

إطلالة من DAS، قرط Salasil Waterfall، من الذهب الأبيض، من قافلة Gafla، عقد Salasil، من الذهب الأبيض مع 17 حبة ألماس، من قافلة Gafla، عقد Sheikh، من الذهب الأبيض، من قافلة Gafla

هل كان الزواج ضمن أولوياتك، خلال مساراتك الحياتية المتعددة؟

لم يكن الزواج ضمن أولوياتي، فقد كانت مسارات حياتي المهنية والتطوعية هي أحلامي وطموحاتي، ولم أفكر في الزواج حتى بلغت السابعة والعشرين، حينما التقيت شريك حياتي في إحدى الفعاليات؛ فتقدم لخطبتي من أهلي، وأسرني بشخصيته القوية الحانية، وتفكيره الناضج، وروحه المعطاءة؛ فأصبح صديق العمر، ورفيق الدرب، وكان أكبر رزق في حياتي. 

بساطة.. ودفء

كيف كانت أجواء حفل زفافك؟

(تضحك) كانت الأجواء في منتهى الروعة والغرابة، فيوم «عقد القران» كان بعد 24 ساعة فقط من عودتي من آخر رحلة تطوعية خارج الإمارات، كنت مصممة على إتمام هذه الرحلة؛ لأنني خططت لها مسبقاً، قبل تحديد موعد الزفاف، ولم أرغب في التخلي عن واجبي. بينما كنت في الخارج، كلفت أخواتي بكل التحضيرات، مستعينات بشبكات التواصل الاجتماعي للتواصل معي، وتم اختيار «دبلة» الزواج، وفستان الزفاف، وتسريحة الشعر، وغيرها من التفاصيل، وفور وصولي بدأت التحضيرات النهائية، وكان حفل زفاف بسيطاً ودافئاً ومليئاً بالحب، بين الأهل والأصدقاء.

هل تغيرت حياتك بعد الزواج؟

بالطبع، كان هناك تحول جذري في حياتي، لكنه حدث تدريجياً. أول مظاهر التغيير كان التوقف عن رحلاتي التطوعية الخارجية. في تلك الفترة، ازداد اهتمامي بحساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كنت أركز على إبراز تصاميم «داس». بعد الزواج، بدأت مشاركة المتابعين تفاصيل حياتي الشخصية، وسفراتي مع زوجي. وبعد عام، عندما حملت بابني الأكبر «سلطان» (9 سنوات)، تغيرت حياتي بالكامل، فقررت التفرغ لبناء أسرتي، وتوقفت عن العمل مع شقيقتي «ريم»، ثم رزقت بابني «خالد» (8 سنوات)، وابنتي «لبنى» (7 سنوات).

ما طبيعة علاقتك مع أبنائك؟

في البداية، كنت أسعى جاهدة لأكون الأم المثالية، وخصصت كل وقتي لأسرتي وأبنائي، واعتبرتهم إنجازي الأكبر. ومع مرور الوقت، أدركت أنه لا يوجد شيء مثالي، وأن السعي للمثالية قد يفقدنا جزءاً من إنسانيتنا، ويضعف علاقاتنا القوية. لذلك، أصبحت الأم الأقرب إلى أبنائي، والأكثر تفهماً لاحتياجاتهم، ومشاعرهم؛ فركزت على تربية أطفال سعداء وإيجابيين، محافظين على هويتهم الوطنية. كما حرصت على حمايتهم من وسائل التواصل الاجتماعي؛ حتى يصلوا إلى السن المناسبة؛ للتعامل مع هذا العالم المفتوح بوعي.

إلى جانب هذه القيم المهمة.. كيف تتعاملين مع أبنائك في الجانب التعليمي؟

أحث أبنائي، دائماً، على الاهتمام بتعليمهم، وتوسيع آفاقهم؛ ليكونوا مستعدين لخدمة وطنهم، متسلحين بالعلم والمعرفة. هذا الاهتمام لا يقتصر على الجانب الأكاديمي، بل يتضمن أيضاً القراءة، التي ورثوا حبها من والدهم؛ فالقراءة لها دور كبير في إثراء ثقافتهم، وتنمية عقولهم. وأطمح أن يدرس أبنائي في المستقبل بجامعات الدولة، التي تشهد تطوراً وازدهاراً ملحوظين، وتحظى بإشادات دولية. وهذه الريادة تقوي روح الفخر والانتماء في نفوس أبنائنا منذ الصغر.

إطلالة من DAS / عقد Cleo Diamond Slip-On، من العقيق والذهب الأبيض، وعقد Cleo Diamond Slip-On، من العقيق الأسود والذهب الأبيض. سوار Cleo Diamond Slip-On، من العقيق والذهب الأبيض، وسوار Cleo Diamond Slip-On، من العقيق الأسود والذهب الأبيض، جميعها من Marli

كيف تحديتِ شغفك بالسفر والتطوع، واندمجتِ في حياتك كأم وربة أسرة؟

كانت تلك الفترة صعبة للغاية، حيث عشت صراعاً داخلياً بين واجباتي كأم وراعية للبيت، وبين حبي الكبير للمغامرة والسفر والاستكشاف والتطوع، كان حلمي بالعمل في «اليونيسف»، وخدمة الإنسانية يلاحقني. مع مرور الوقت، أحدثت توازناً من خلال زرع حب الاستكشاف والمغامرة في نفوس أبنائي. بدأنا تنظيم رحلات عائلية؛ لتنمية مهارات التخييم لديهم، وإثراء معارفهم. حالياً، أعيش أجمل مغامراتي معهم، وعندما بلغ أبنائي سن الاعتماد على النفس، عدت إلى شغفي (السفر، والاستكشاف)، بدعم من زوجي ومساعدة أخواتي في تربية أبنائي أثناء غيابي. هذه العودة جددت طاقتي، وصقلت حس العطاء لديَّ. أومن بأن الأمهات يجب أن يعتنين بأنفسهن أولاً؛ ليتمكنّ من الاعتناء بشكل أفضل بعائلاتهن، دون الاكتراث بالانتقادات.

أثر.. وجودة

هل واجهتِ بعضاً من هذه الانتقادات؟

نعم، واجهت بعض كلمات الاستغراب بسبب سفري، حيث رأى البعض أن ذلك يتعارض مع رعاية الأبناء، ولكنني أتعامل مع هذه الانتقادات بروح إيجابية، وأشرح أهمية تخصيص وقت لشغفي، وكيف ينعكس ذلك بشكل إيجابي على أسرتي. كما أحرص على توفير كل سبل الرعاية والأمان لأبنائي أثناء غيابي. كما أن وقتي الخاص يكون قليلاً نسبياً، مقارنة بالوقت الذي أقضيه مع أبنائي بكل فكري وروحي؛ لمتابعة كل كبيرة وصغيرة في حياتهم. في النهاية، أومن بأن جودة الوقت، الذي نقضيه مع العائلة أهم من كميته، وأن الوقت الذي نقضيه مع أبنائنا يجب أن يكون غنياً بالتواصل الشعوري والوجداني.

كيف طورتِ مهاراتك التربوية؛ لتوفير بيئة إيجابية لأبنائك؟

عندما رزقت بطفلي الأول، لم تكن لديَّ خبرة كافية بتربية الأطفال؛ لذلك بدأت أقرأ وأتعلم عن احتياجات الأطفال، وكيفية التعامل معهم. وانضممت إلى دورات لتنمية الذات، وتطوير الشخصية بالدعم الإيجابي، وتعلمت كثيراً من الأخطاء التي وقعت فيها كأم جديدة، وما زلت أتعلم. وأؤكد أن أفضل استثمار للأم، خاصة ربة المنزل، في عقلها وروحها، لأن الحب والحنان وحدهما غير كافيين للأمومة، التي تعد الأسمى والأعظم، فالأم هي المدرسة التي إذا أُعدت إعداداً جيداً من النواحي كافة، كان نتاجها شعباً طيب الأعراق.

هل شعرتِ بأن الأمومة كانت كافية لك؟

في البداية، كنت أشعر بالخجل من كوني ربة منزل، ولم أعتبرها وظيفة كاملة. كنت أتساءل: هل هذا كل ما أريد إنجازه في حياتي؟! وكنت أفكر في إمكانية الموازنة بين وظيفة وأمومتي. ومع مرور السنوات، أدركت أن الأمومة هي الوظيفة الأهم على الإطلاق. قدّرت دوري كأم، واحترمت هذه الوظيفة النبيلة، وتفانيت في كل خطوة اتخذتها، وفهمت أنني لا أبني أبنائي فقط، بل أبني وطناً.. الآن أقولها بكل فخر: «أنا ربة منزل».

معطف بليزر، من Magda Butrym / قرط Perlée، من الألماس والذهب الأصفر، من Van Cleef & Arpels

كونك إحدى المؤثرات على مواقع التواصل الاجتماعي.. كيف أثر ذلك في حياتك؟

حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي تمثل جزءاً من حياتي، فأشارك المتابعين من خلالها أفكاري، وجوانب من حياتي، وأستخدمها أيضاً كوظيفة ثانوية، من خلال التعاون مع علامات تجارية أثق بها، وأستخدم منتجاتها بشكل شخصي، لترويجها بشكل صادق وغير مفتعل. ولا زلت أسعى إلى اكتشاف السبب العميق وراء وجودي على هذه المنصات، إذ أهدف إلى تحفيز النظرة الإيجابية إلى الحياة، وأهمية العيش ببساطة ورضا. وأتمنى أن تكون رسائلي ملهمة للناس، وأن تُحدث تغييراً إيجابياً في حياتهم.

ما رأيك في تعلق الناس بمواقع التواصل الاجتماعي، وانجذابهم إلى المؤثرين؟

(تنهدت) هذه قضية معقدة، وتحتاج إلى نقاش عميق. لكن، باختصار، تحمل وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من الإيجابيات والتحديات. فالتأثير الإيجابي، أو السلبي، يتوقف على المحتوى الذي نختاره. هناك الكثير من المحتوى المتاح، لكن الجيد والصادق منه قليل؛ فعلينا أن نحسن اختيارنا، وألا ننجرف وراء حياة المؤثرين المثالية والمصطنعة، التي يتم إعدادها بتنسيق مسبق. هذه الحياة المصطنعة قد تجعل الشخص العادي يشعر بعدم الرضا عن حياته، ويظن أنها غير كافية؛ ف«السوشيال ميديا» جعلت أحلامنا متشابهة، وقتلت تنوعها؛ لذلك يجب أن نختار قدواتنا بوعي، فتاريخنا العربي والإسلامي مليء بالقدوات الإيجابية.

ما أحلامك، وطموحاتك؟

أتمنى أن أجد وظيفة، تمكنني من خدمة المجتمع. حالياً، أعمل على إنشاء مشروع يهدف إلى تعزيز الترابط الأسري.

إطلالة من Bouguessa / عقد Fanoos Gafla 1444 Jhumka، من قافلة Gafla / حلق Fanoos Gafla 1444 Jhumka، من قافلة Gafla