من منّا يستطيع إنكار قوة الرسامين في نقل المناظر الطبيعية إلينا عبر لوحاتهم، فلا حاجة لإغماض العينين لتخيل بعض تلك المناظر، عندما تملكين في منزلكِ لوحاتٍ لمشاهد مختلفة مرسومةٍ بفرشاةٍ دقيقة بيد أفضل الرسامين، وألوان غنية رائعة.
وبعيداً عن التحفيز البصري، الفن قادر على إثارة أرواحنا ومشاعرنا، حيث يمكن للوحات أن تلهمنا، وتجلب الأمل لنا في الأوقات الصعبة.
وفي هذا الشأن، يقول خبراء الفن: يمكن للوحةٍ واحدة أن تغير الحياة من حولك، إذ يساعد الفن الممتع على منحنا دفعةً من الدوبامين (هرمون السعادة)، مشيرين إلى أنه في حال أحببنا تلك اللوحة حقاً، فإنها قد تثير مشاعر بهجة، مماثلة لتلك التي نشعر بها عندما نكون في حالة حب، وننظر إلى الشيء الذي نحبه.
وإذا كنتِ تتساءلين عن الكيفية التي يمكن للفن أن يعزز بها حواسكِ، فإننا هنا سنخبركِ بذلك:

تأثير الألوان:

  • عاطفياً.. كيف تؤثر فينا الأعمال الفنية عندما نزين بها منازلنا؟

عندما يريد مصمم الديكور أن يصمم مساحةً لأحد عملائه، فإنه غالباً يبدأ بسؤاله عن الشعور الذي يريده، عند وجوده في تلك المساحة. مثلاً، إذا كان يرغب في الشعور بالهدوء والراحة؛ فإن ظلال اللون الأخضر أو اللون الأزرق والظلال الكريمية والبيضاء والرمادية تمنحه هذا الشعور؛ لأنها ألوان تذكر الناس بالطبيعة، خاصة المناطق القريبة من المياه، ما يثير مشاعر الصفاء.
أما في حال أراد هذا العميل الشعور بالنشاط والحيوية واليقظة، فإن اللون الأصفر المشمس هو المناسب لتعزيز المزاج، فضلاً عن اللونَيْن: البرتقالي والأحمر، وهي ألوان مسببة للجوع، وقد استفادت منها العلامات التجارية للمطاعم، منذ فترة طويلة.
وأوضحت الرسامة أغنيس مارتن (1912-2004)، ذات مرة، أن كل ما يتطلبه الأمر في بعض الأحيان هو مجموعة من الألوان؛ لتحقيق التأثير المطلوب. ولأنها عانت، طوال حياتها الفصام والاكتئاب، أرادت مارتن مساعدة الآخرين على استبدال مشاعرهم المجهدة بأفكار هادئة وإيجابية، من خلال اللون الأزرق. لذا، رسمت "Night Sea"، وهي لوحة معروضة في متحف سان فرانسيسكو للفن الحديث.

كما اشتهر هنري ماتيس باستخدام الألوان لتعزيز الرفاهية، سواء لنفسه، أو للأشخاص الذين شاهدوا فنه، ولعل لوحته "الغرفة الخضراء"، التي تجسد الانطباعية، إذ تُظهر غرفة مليئة بالضوء والألوان، دليل على ذلك. أما لوحات الرسام مارك روثكو، وهو فنان تجريدي معروف باستخدامه الجريء للألوان، فكانت تدفع الناس الذين يشاهدونها إلى البكاء.

الشعور بالهدوء:

  • عاطفياً.. كيف تؤثر فينا الأعمال الفنية عندما نزين بها منازلنا؟

تختلف استجابات الأشخاص للفن، ففي حين أن لوحةً ما قد تعطي شخصاً دفعةً من "الدوبامين"، فيمكنها أن تثير، أيضاً، مشاعر القلق لدى آخر.
لكن خبراء الفن يؤكدون أن بعض خصائص الفن التجريدي تميل إلى إحداث استجابة عاطفية، يمكن التنبؤ بها، فقد وجدوا أن العملاء يميلون إلى الشعور بالهدوء تجاه الفن التجريدي ذي الأشكال المستديرة، والخطوط الناعمة. وبشكل عام تعد الألوان والحواف والخطوط الناعمة، والدوائر، أو التركيز الأفقي عوامل مهدئة. أما الألوان والأنماط المتناقضة أو الجريئة والزوايا الحادة والخطوط الثقيلة المتعرجة، فيمكن أن تجعل أحد المشاهدين يشعر بالنشاط، في حين يشعر آخر بالقلق، أو حتى الغضب.
وفي النهاية، منازلنا هي ملاذنا الآمن، لذلك من الطبيعي أن نعرض بها الفن، الذي يجعلنا نشعر بأفضل وأسعد ما لدينا، وهو شيءٌ يختلف من شخص إلى آخر.

مصدر إلهام:

  • عاطفياً.. كيف تؤثر فينا الأعمال الفنية عندما نزين بها منازلنا؟

عندما يتعلق الأمر بتأثير الفن، فإن مكان عرض اللوحة مهم أيضاً. على سبيل المثال، عندما يتم عرض بعض الأعمال الفنية في معرض أو متحف، فقد نشعر بتبجيلها. أما في حال عرض العمل الفني ذاته، في غرفة احتياطية صغيرة، فمن المحتمل أن يقل إعجابنا به، وقد نتجاهله.
ويشير خبراء الفن إلى أنه إذا كان أي شخص يشعر بالحاجة إلى الإلهام، فإن بعض اللوحات يمكن أن تقدم له ذلك، طالما أنه منفتح على الأفكار، وطرق التفكير الجديدة.
كما يشجعون الأشخاص على إعادة النظر في عرض الأشياء اليومية، التي قد تكون لها قيمة عاطفية، وتجلب لهم السعادة، مثل: وعاءٍ خشبي مملوءٍ بالأصداف البحرية من إجازتهم، أو ربما يكون تطريزاً، تم توارثه من أحد أفراد العائلة.

لوحات عالمية:

  • عاطفياً.. كيف تؤثر فينا الأعمال الفنية عندما نزين بها منازلنا؟

هناك العديد من اللوحات الفنية، التي تُعتبر من أبرز اللوحات في تاريخ الفن، التي تركت أثرًا قويًا في نفوس مشاهديها، ومن بينها:

- "ليلة النجوم": للفنان فان غوغ، فهذه اللوحة تعتبر رمزًا للفن التعبيري، إذ تُظهر لحظات قوة الطبيعة والكون.
- "القمر الزهري": للفنان الهولندي جوهانس فيرمير، وتحمل منظرًا هادئًا وجميلًا للقمر في ليلة ساحرة.
- "الليالي القتيبة": للفنان فنسنت فان غوغ، تعبر عن الاكتئاب والوحدة، وتُظهر النجوم والليل الهادئ.
- "الشفق": للفنان إدوارد مونك، وقد وصفها البعض بأنها تعبير عاطفي عن اللحظات الجميلة.
- "الليلة الصيفية": للفنان الفرنسي بيير أوغست رينوار، وتعبر عن الفخامة، والحياة الريفية الهادئة خلال الصيف.