من الصعب، أحياناً، معرفة الفرق بين القلق الصحي وغير الصحي، حيث إن هناك الكثير من المشاعر، التي يمكن أن تستحضره. ووفقاً لقاموس «ويبستر»، فإنه يمكن تعريف القلق على أنه التوتر العصبي، الذي يأتي عادة بسبب مرض وشيك، أو متوقع.
لذا، إن قلة قليلة منا لم تشعر بهذه المشاعر الإنسانية الطبيعية، وقد يدخل القلق ضمن فئة الأمراض النفسية.
وهنا يصبح السؤال: ما القلق الصحي، وغير الصحي؟.. والإجابة على هذا السؤال هي: إن الأمر يعتمد على عوامل عدة، أبرزها: مدى تأثيره عليكِ، وعلى رأيكِ فيه، وكيف تتعاملين معه.
لذا، فإن أفضل طريقة للتعامل مع القلق هي قياسه عبر هذه المتغيرات الثلاثة؛ لمساعدتك على تحديد متى يكون القلق صحيًا، ومتى لا يكون كذلك.
كيف يؤثر القلق عليكِ؟
يرى الفكر التقليدي أن مقدار القلق وشدته، هما اللذان يحددان ما إذا كان الشخص يتمتع بصحة جيدة أم لا. فالكثير من القلق غير صحي بشكل عام، في حين أن بعض القلق يمكن أن يكون مفيداً، بل وحتى صحياً، أي أن تقييم صحة القلق من عدمه له علاقة بتأثيره على حياتك أكثر من شدته. بمعنى أدق، عندما تبدأ الأعراض بالتسبب في ضعف حياتكِ وأدائكِ، فإن ذلك يعني بلا شك أنه قلقٌ غير صحي.
كيف تفهمين القلق؟
عندما نتعلم المزيد عن القلق والتوتر، يتطور فهمنا، ويشير العلم الآن إلى أن التأثير السلبي للأعراض يتحدد بشكل كبير، من خلال طريقة تفكيرنا في الأمر.
ونظرًا لتوافقه بيولوجيًا مع التوتر، فإن علم القلق غالبًا يتداخل مع علم التوتر، إذ أظهرت دراسة حديثة بارزة عن الآثار الصحية للتوتر، أن مقدار التوتر لا يهم، بقدر ما تهم كيفية رؤيتكِ له، وما تفعلينه به.
أي أن كيفية تفكيرنا فيه، وما نفعله به، قد يكونان أكثر أهمية من مقدار ما لديكِ من القلق. وفي حال كنتِ تعتقدين أن قلقكِ غير صحي، فمن المحتمل أن يكون كذلك.
وتذكري أن خوفك من الشعور بالقلق يميل إلى تصعيده، في حين أن التفكير بشكل إيجابي حول القلق يمكن أن يجعله مفيداً، وهنا يمكن القول إن طريقة تفكيرنا فيه يمكن أن تحدد ما إذا كان صحيًا أم غير صحي.
كيف تتعاملين مع القلق؟
ربما يكون الجزء الأكثر أهمية «الفعل»، أي كيف تستغلين قلقكِ، وماذا تفعلين معه؟.. يمكن للقلق أن ينبهكِ إلى الأشياء التي تهمكِ، ويغذي حافزك للتصرف، أو ينبهك إلى مخاوف خارجة عن إرادتك، والتي تغذي الانسحاب والشعور بمزيدٍ من الخوف. ويكمن الفرق بين هذين النوعين من القلق في طريقة تفكيركِ فيه، وفي النهاية ما تفعلينه به.
ووفقاً لبحث جديد، قد يكون الأشخاص القلقون أكثر يقظة لاتخاذ الإجراءات اللازمة، أي يكونون قادرين على الاستجابة بسرعة وكفاءة، عندما يواجهون مواقف خطيرة.
وعندما لا تستخدمين القلق لحل المشكلات، وبدلاً من ذلك تتركينه يتفاقم، ويخيفكِ؛ لتشعري بمزيدٍ من الخوف، فإننا نحوله ضد نفسه، ونحوله إلى شيء ضار.
أي أن معرفة أن القلق يدفعنا، بشكل طبيعي، إلى حل المشكلات واتخاذ إجراءات وقائية، يمكن أن يساعدنا على توجيه طاقته إلى حلول.
وفي النهاية، يمكن لإجاباتك على هذه الأسئلة الثلاثة أن تساعدكِ على تحديد كيفية عمل القلق في حياتكِ، وما إذا كان صحياً، حيث إن طريقة تفكيرنا في القلق، وما نفعله معه، أمران بالغا الأهمية لكيفية تأثيره فينا.