امتلكت الملكة الراحلة إليزابيث الثانية الكثير من المجوهرات، التي حظيت بشهرةٍ كبيرة جداً، من: القلائد والأساور والأقراط، لكن أبرزها هو بروش «رقائق الجدة»، الذي يبلغ وزنه 158 قيراطاً، ويُعتبر هذا البروش المصنوع من ألماستين مقطوعتين من ألماسة «كولينان» الأسطورية (أكبر ألماسة خام، تم العُثور عليه على الإطلاق)، واحداً من أكثر دبابيس الألماس شهرة في العالم.
ووراء هذا البروش، الذي سلمته الملكة ماري إلى حفيدتها إليزابيث، قصةٌ نرويها لكِ هنا.
هدية حب:
عندما تركت الملكة ماري مشبك الألماس لإليزابيث، كانت حفيدتها البالغة من العمر 27 عاماً على وشك أن تصبح الملكة، ورغم أن تقديم المجوهرات الراقية يعد تقليداً ملكياً، فمن الواضح أن هذا الإرث كان هدية حب، لذا يُعد بمثابة شهادة على العلاقة بينها وبين الملكة ماري.
وتكريماً لجدتها المحبوبة، ارتدت الملكة إليزابيث هذه الهدية المذهلة بمناسبة يوبيلها الألماسي عام 2012، ولا شك في أن البروش رفع معنويات الملكة في رحلتها.
ومع أن الألماس الطبيعي من بين أغلى الأشياء، التي ورثتها الملكة الراحلة، إلا أن قيمته العاطفية لا تقدر بثمن.
تذكار من الملكة ماري:
كانت الملكة ماري، وهي أم لستة أطفال وجدة لتسعة، تُعرف بدفئها وحبها للناس، إذ خلال الحرب العالمية الأولى، زارت بشكلٍ متكرر الجنود الجرحى مع زوجها الملك جورج الخامس. ولإظهار التضامن مع شعبها، أصدرت أمراً بتقنين الطعام في القصر أثناء الحرب.
وبعد أن أصبح ابنها الثاني، جورج السادس، ملكاً، أمضت الملكة ماري الكثير من الوقت وطورت علاقة وثيقة مع ابنتَيْه: «إليزابيث»، و«مارغريت».
الألماسة التي أتى منها البروش:
بوزنٍ إجمالي يبلغ 3106 قيراريط (621.35 غراماً)، تعد «كولينان» أكبر ألماسة خام من نوعية الأحجار الكريمة يتم العثور عليها على الإطلاق، إلى جانب أن وضوحها ولونها الأبيض الواضح لا مثيل لهما، وقد تم اكتشافها في عام 1905. وسميت «كولينان» تيمناً باسم صاحب المنجم، الذي اكتشفت فيه، توماس كولينان.
ويقدر العلماء أن «كولينان» تشكلت على عمق 250-400 ميل تحت سطح الأرض منذ أكثر من مليار سنة، أي قبل وقت طويل من الوقت الذي كانت تجوب فيه الديناصورات الأرض، وفي الواقع، قبل أي حياة على كوكبنا.
وحصل الملك إدوارد السابع على «كولينان» كإشارة للولاء من المستعمرة البريطانية في جنوب أفريقيا، إذ تقول الأسطورة إنه تم إرسال الألماسة إلى إنجلترا كطرد عادي، في حين تم نقل نسخة طبق الأصل تخضع لحراسة مشددة على متن باخرة.
وقصة أسطورية أخرى، ولكنها حقيقية، هي أن الرجل المكلف بقطع الألماس، جوزيف آشر، أغمي عليه عندما قطعها لأول مرة، وأن الأمر كان صعباً للغاية، لدرجة أنها كسرت أدواته.
تقطيع «كولينان»:
استغرق الأمر 18 شهراً لثلاثة حرفيين، يعملون 14 ساعة يومياً لقطع وتلميع الأحجار التسعة الكبيرة، التي تحولت إليها «كولينان».و تم إعطاء كل حجر رقماً من (I)، إلى (IX)، وأكبرها هو «كولينان 1»، الذي يبلغ وزنه 530.20 قيراطاً، والمعروف أيضاً باسم «نجم أفريقيا العظيم». بينما تعد ألماستا: «Cullinan I»، و«Cullinan II» اللتين يبلغ وزنهما 317.40 قيراطاً، جزءاً من جواهر التاج البريطاني، وهما تزيننا الصولجان الملكي البريطاني، والتاج الإمبراطوري لبريطانيا العظمى، على التوالي، ويمكن رؤيتهما اليوم في برج لندن.
سبب تسميته «بروش رقائق الجدة»:
وتزن «كولينان III»، و«كولينان IV»، نحو 94.4 و63.6 قيراطاً على التوالي، ويُطلق عليهما رسمياً اسم «نجوم أفريقيا الصغرى»، ولذا أطلق عليهما اسم «الرقائق»، مقارنة بالاثنتين الأكبر حجماً، وأعطى الملك هذه الألماسات إلى الأخوة آشر، كهدية لقطع الحجر الأصلي.
وبعد أن اشترتها جنوب أفريقيا مرة أخرى، قامت البلاد بإهداء الأحجار الكريمة إلى ماري، الملكة القرينة المستقبلية، وفي عام 1911، ارتدت لأول مرة المشبك المرصع بالألماس أثناء تتويجها في كنيسة وستمنستر.
وقد صممت القطعة ليتم ارتداؤها بطرق عدة، والتصميم المفضل لدى الملكة ماري، كان البروش الذي تم تجميع قطع الألماس فيه.
وفي حين أنه لم يُعرف من سيرث هذا البروش، إلا أن من سيرثه سيحصل على قطعةٍ يزيد ثمنها عن 50 مليون جنيه إسترليني (61.4 مليون دولار).