نسمع عن امرأة مسنّة وقعت وانكسر وركها، وعن رجل مسن تزحلق فكسر حوضه. نتعاطف معهما قليلاً ثم ننسى، معتقدين أن هذا النوع من الكسور حكر على كبار السن. ولكن الحقيقة أن أيّ إنسان قد يتعرض، في أي زمان ومكان، لكسر ما في العظام. لذلك، لا بُدّ أن نعرف أكثر عن أنواع الكسور ومستجدات العلاج وخياراته، وهل التعافي يكون 100 %؟ وماذا عن الإسعافات الأوليّة لشخصٍ من المحتمل إصابته بكسرٍ ما؟.. أسئلة طرحناها على استشاري جراحة العظام والكسور في «هيلث بوينت» الدكتور فراس يعيش:
«قد يسقط إنسان بقوّة أرضاً ولا يلبث أن يعود ويقف سالماً، وقد يعود ويسقط بقوّة أقل فيكسر إحدى عظامه. ليس في ذلك لغز بل القصّة وما فيها أن الكسر يحدث عندما تكون القوّة المطبقة على العظام أقوى من قدرتها على احتمالها». فلنعرف أكثر. يقول الدكتور فراس يعيش: «قد تتعرض أي عظمة في الجسم للكسور، على الرغم من أن بعض مناطق الجسم تكون أكثر عرضة من غيرها للإصابة، مثلما هي الحال مع عظمة الترقوة (التي تمتد من أعلى الصدر إلى الكتفين)، وغالباً ما يكون سبب ذلك هو السقوط على اليدين من ارتفاع عالٍ. في مثل هذه الحالات، نوصي بالخيار الجراحي - خصوصاً لدى البالغين - عندما يكون الكسر ناتجاً عن حادث ومصاحباً لكسورٍ أخرى، أو حين يكون الكسر معقداً أو مفتوحاً». ويستطرد يعيش بالقول: «هناك تحدٍّ في علاج هذا النوع من الكسور يكمن في الاختلاف في وجهات النظر حول منهجية العلاج المطلوبة، حيث قد تستدعي الآلام الشديدة وتحرك الكسر من مكانه إجراء تدخل جراحي. في كل حال، لا بُدّ من الإشارة إلى أن لكلا الخيارين الجراحي وغير الجراحي إيجابيات وسلبيات، لذلك يكون اختيار العلاج المناسب بعد التشاور مع الطبيب ودراسة الحالة بدقة».
ماذا عن آخر التطورات في علاج الكسور؟
يتحدث اختصاصي جراحة العظام والكسور عن «أن استخدام التقنيات الروبوتية في علاج الكسور لم يصل حتى الآن إلى مراحل متقدمة، باستثناء عمليات استبدال المفاصل»، مؤكداً أن معظم التطورات الجراحية الراهنة المتعلقة بالكسور تركّز على إجراء العمليات بأدنى حدود التدخل الجراحي وبشقوق جراحية صغيرة جداً. ويُصار إلى استخدام الحاسوب في بعض العمليات الجراحية والتصوير الشعاعي أيضاً لتعزيز دقة الجراحة، نظراً لأهمية دور التصوير الشعاعي في تصميم أدوات علاجية شخصية تواكب حالة المريض.
علاجياً، هناك خياران يعتمدان عند حصول كسور: الأول: هو الجبس الذي يستخدم في الحالات البسيطة عندما لا يكون الكسر متحركاً أو متفتتاً. وهو عبارة عن «جبيرة» لتثبيت مكان الكسر، وكم شهدنا جميعاً هذا النوع من العلاج في أسرنا وبين معارفنا. أما الخيار الثاني، فيتمثل بالتثبيت الداخلي بالصفائح والمسامير، وهذا الخيار يصبح محبذاً في حالات الكسور المعقدة والمتحركة.
ماذا عن مرحلة التعافي؟ يجيب الدكتور يعيش: «يتطلب التعافي الصحيح من الكسور الالتزام بنصائح الطبيب وتعليماته، وفهم كل تفصيل، وتطبيقه بدقة متناهية. ويفترض عدم التردد في سؤال الطبيب عن أيّ أمر غامض، مع الحفاظ على نظافة الجروح وتعقيمها عند الخضوع لجراحات الكسور أو عندما يكون الشخص مصاباً بكسرٍ مفتوح». وأضاف: «من المهم تشخيص الكسور بسرعة ودقة لضمان الحصول على العلاج في الوقت المناسب، تجنباً لأي مضاعفات كالنزيف أو نقص تروية العضلات أو العظام (أي جفافها)».
ماذا نفعل لو تعرّض أحدهم (أو إحداهن) لكسرٍ؟
ثمة إسعافات أولية موجبة أوصى بها طبيب العظام والكسور وتقضي «بتثبيت الطرف المشتبه بإصابته لتقليل النزيف والألم وتجنب المضاعفات، فالكسور غير الثابتة يمكن أن تلحق ضرراً بالأوعية الدموية والشرايين والأعصاب المحيطة بها. ومن أكثر الأخطاء شيوعاً عند حدوث الكسر هو عدم إعطاء المصاب المسكنات خوفاً من تسببها بضررٍ إضافي، كما تتعيّن تغطية الجروح عند التعرض للكسور المفتوحة لتجنب أي تلوث قد يلحق بالجرح، ويجب التصرف بسرعة عند إسعاف شخص مصاب بكسر عبر طلب الإسعاف ونقله إلى المستشفى بصورة طارئة».
أكثر أنواع الكسور خطراً هي كسر الورك والحوض عند كبار السنّ، ويحدث بسبب هشاشة العظام ونقص الكالسيوم وسوء التغذية، وغالباً ما ينجم ذلك عن سقوط بسيط، ما يجعلنا نحتار في سبب الكسر الكبير من وقوعٍ بسيط. في هذا الإطار، كم نسمع عن مسنٍّ سقط، فكسر وركه، دخل المستشفى ومات. فهل من تفسير لهذا السيناريو الصحي السيئ المتكرر؟ يبدو أن مضاعفات تحدث بينها العدوى والنزيف الداخلي أو السكتة الدماغية أو قصور في عضلة القلب بعد التعرض لكسر في الورك. كما أن كسور الحوض ترافقها أضرار كبيرة على الأعضاء القريبة لعظم الحوض. وقد تؤدي كسور الحوض الشديدة إلى نزيف. ولمعلوماتكم، يتكون الحوض من مجموعة عظام ويضم أعضاء عدّ ة أساسية منها أجزاء من الجهاز الهضمي والجهاز التناسلي، لذا يجب التعامل مع كسور الحوض - كما الورك - عند المسنين خصوصاً بحرص شديد.
5 أسئلة.. وأجوبة
1 . هل تلتئم العظام بشكلٍ كامل؟
غالباً تلتئم العظام المكسورة وتعود قوية من جديد، لكن قد يحدث أحياناً ما ليس في الحسبان، فلا تلتئم العظام مرة أخرى معاً، وهذا ما يسمى عدم الالتحام ويسبب مشاكل جمة. في كل حال، نصيحة بوجوب الابتعاد عن التدخين من أجل المساعدة على شفاء العظام أسرع وأفضل. في المقابل، تنمو العظم عادة من جديد بعد نحو أسبوعين من حدوث الكسر، فتتحرك الخلايا التي تسمى «بانيات العظم» وتبدأ في تشكيل عظام جديدة. ويستغرق ذلك بين ستة أسابيع إلى اثني عشر أسبوعاً، بحسب عمر الشخص وصحته ونوع الكسر.
2 . هل تفيد المياه الساخنة أو وضع كمادات مياه باردة، لكسور العظام؟
غالباً، يكون الثلج مفيداً في إدارة الالتهابات والتورم والألم. لاحقاً، قد تكون الحرارة مفيدة خلال مرحلة التعافي لزيادة القدرة على الحركة.
3 . هل يفيد التدليك في تسريع عملية شفاء الكسور؟
يحفّز التدليك الخفيف تدفق الدم وتبادل المغذيات والأكسيجين ويساعد على تقليل الالتهاب، كما يعزّز إنتاج الخلايا الليفية (خلايا الشفاء) في موقع الإصابة. كما من شأن الخضوع إلى جلسات تدليك تقليل فرص تكوّن الأنسجة المتيبسة حول مكان الإصابة. إلى ذلك، رجاءً لا تخضعوا لجلسات تدليك إلا بعد استشارة الطبيب لأنها تفيد في مرحلة معينة وليس في كل المراحل.
4 . نسمع عن أطعمة تساعد على التئام كسور العظام بشكل أسرع وفي مقدمتها تناول البيض وبعض أنواع الفاكهة. هل هذا صحيح؟
يحتوي البيض على فيتامين (د)، الذي يساعد الجسم على امتصاص الكالسيوم وهو معدن ضروري لعظام قوية. كما تعتبر بعض أصناف الفاكهة الغنية بفيتامين (سي)، مثل: التوت والخوخ والعنب والموز والبرتقال والجريب فروت والجوافة والبابايا مفيدة للعظام.
5 . طبيعي أن يتساءل البعض، خصوصاً حين يحدث كسر ما في العظام، عما تتكوّن؟
جواباً، هي تحتوي على طبقة خارجية صلبة كثيفة تمنحها القوّة. داخلياً، هي مسامية، تحتوي على ثقوب صغيرة جداً، تسمح بمرور الدم. ويقوم الجسم بإعادة تشكيل الهيكل العظمي باستمرار عن طريق بناء أنسجة عظمية جديدة وتكسير الأنسجة العظمية القديمة، حسب الحاجة.