صنعت رائدة الأعمال جمانة الدرويش، بمشروعها الرائد «صندوق السعادة»، منارة للفرح والإبداع، والتأثير الاجتماعي المدعوم بخبراتها الواسعة التي تزيد عن 19 عاماً التي أثمرت مشروعها المؤثر، الذي ترجم شغفها الكبير بغرس حب الفن والإبداع بين الأطفال وتوثيق الروابط الأسرية، وجلب الفرح لحياة الآلاف في جميع أنحاء العالم. بمناسبة مرور 10 أعوام على نجاح مشروعها التجاري، حرصت «زهرة الخليج» على لقاء جمانة؛ للتعرف على رحلة «صندوق السعادة» وإنجازاته خلال العقد الماضي، إلى جانب مبادراتها الإنسانية.. وتالياً نص الحوار:

  • جمانة الدرويش

كيف اكتسبت الخبرات التي أهلتك لافتتاح مشروع تجاري؟

بعد أن قضيت أكثر من 19 عاماً في العمل بالقطاعين الحكومي والخاص بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كان طبيعياً أن أخطو خطوة إلى الأمام صوب ريادة الأعمال، فلطالما كان شغفي إحداث تأثير في المجتمع. ومن ناحية أخرى، أتاحت لي الخبرات الواسعة التي اكتسبتها خلال سنوات عملي، تكوين رؤى وأفكار ثمينة في مجالات القيادة الفعالة والمشاركة المجتمعية. وإلى جانب محفظتي المتنوعة من الاستثمارات التي تشمل مشاريع في مجالات الفنون والتعليم والتقنيات، لأكتسب فهماً متعمقاً لتعقيدات العمليات التجارية وريادة الأعمال الاجتماعية، فأرسيت بذلك أساساً راسخاً بنيت عليه مشاريعي المؤثرة مثل «صندوق السعادة».

حاجة مجتمعية

من أين استوحيت فكرة مشروعك؟

 نشأت فكرة «صندوق السعادة»؛ تلبيةً للحاجة الاجتماعية الماسة التي لاحظتها في المجتمع، وبعد أن أدركت الآثار الوخيمة التي يخلفها جلوس الأطفال لوقت طويل أمام الوسائل الرقمية وتضاؤل الزمن الذي يقضيه أفراد الأسرة في التواصل والتفاعل مع بعضهم بعضاً وانعكاسات ذلك على تطور الأطفال الذهني والاجتماعي، سعيت جاهدةً إلى سد هذه الفجوة بوسائل مبتكرة. لذا استلهمت فكرة تأسيس «صندوق السعادة»، وهو مشروع تعليمي ترفيهي اجتماعي، يرمي إلى تعزيز التنمية الشاملة للأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 3 و11 عاماً، انطلاقاً من الشغف الكبير الذي أكنه لغرس حب الفن والإبداع بين الأطفال وتوثيق الروابط الأسرية. وعلى الصعيد الشخصي، لطالما رغبت في قضاء وقت ممتع مع ابنتي يعود عليها بالفائدة والتعلم ويلبي احتياجاتها التنموية، فأثمرت رغبتي هذه ابتكار هذه الفكرة الفريدة التي غيرت حياتنا، وجلبت بدورها الفرح لحياة الكثيرين في جميع أنحاء العالم. 

  • إرساء شراكات استراتيجية

حدثينا عن بدايات تنفيذ الفكرة!

بدأت رحلة تجسيد فكرة مشروع «صندوق السعادة» بوضع خطط دقيقة وإرساء شراكات استراتيجية. ولأنه مشروع فريد من نوعه في منطقة الخليج العربي، فقد حمل في جعبته تحديات فريدة أيضاً، لكنه كشف أمامنا في الوقت ذاته عن فرص هائلة لنكون من أوائل الدافعين لإحداث نقلة نوعية في العلاقات الأسرية، فأنشأنا «مصنع صندوق السعادة»، و«استوديو السعادة» في منطقة «السركال أفنيو» الحيوية، بوصفها ملتقى للإبداع والمشاركة المجتمعية، مستفيدين من شبكة معارفي وخبراتي، ثم واصلنا التجربة والتكرار والمراجعة وإدخال التحسينات إلى أن تمكنا من الخروج بخدمات تلبي الاحتياجات المتنامية والمتجددة للأسر والشركات والجهات الحكومية، لنرسي بذلك حجر الأساس في طريق نمونا المستدام، ونيل التقدير.

ما محتويات «صندوق السعادة»؟

يحتوي «الصندوق» بداخله على كنز من التجارب الجذابة والتعليمية للأطفال، فكل صندوق مدروس بعناية ليخدم موضوعاً معيناً، فمنها ما يخوض موضوعات فنية وعلمية ومنها ما يتعمق في الثقافات، حرصاً منا على إضفاء تجارب ثرية وغامرة على العقول الشابة. وستجد الأسر في هذه الصناديق مجموعة مختارة بعناية من 8 أنشطة، وأضفنا إلى هذه الأنشطة لمسة من المتعة والجاذبية وقدراً مناسباً من التحدي بهدف تعزيز التطور المعرفي للأطفال وتشجيعهم على الإبداع وتحسين مهاراتهم الحركية الدقيقة. ما يميز أنشطتنا أنها مصنوعة بعناية تامة من مواد غير سامة وعالية الجودة نجلبها من مصادر موثوقة. ونفخر بتصميم أكثر من 400 منتج «سعادة» على مدار السنوات العشر الماضية.

مركز حيوي

إلى جانب المصنع الذي افتتحته لإنتاج المنتجات الخاصة بـ«صندوق السعادة»، لماذا قمت بإطلاق استوديو خاص بالمشروع؟

كان قرار إطلاق «استوديو السعادة» إلى جانب المصنع مدفوعاً برؤيتنا في أن نؤسس عملاً يذهب إلى أبعد من كونه مجرد منشأة إنتاج، بل تمثل هدفنا في إنشاء مركز حيوي يزخر فيه الإبداع. هذا الاستوديو هو القلب النابض لعملياتنا، وفيه يولد صندوق السعادة بكل ما يحتويه من جوانب، وفيه نختبر منتجاتنا وأنشطتنا بعد تصميمها وإنتاجها حتى نضمن استيفاءها معاييرنا الصارمة في الجودة والالتزام. كما يضم فعاليات تفاعلية وورش عمل فنية وحرفية وحفلات أعياد الميلاد وجلسات التصوير.

كيف تختارين كادر العمل بمختلف التخصصات؟

بالحديث عن فريق السعادة، فهو يزخر بحرفيين ينتجون أعمالاً يدوية مصممة لتعزيز مهارات الطفل في الحركة والنمو وقائمة بأكملها على الموضوعات المختارة. أما النساء فهن يشكلن 80% من العاملين، وهن من الفئات منخفضة الدخل ممن انضممن إلى برنامجنا التدريبي لتحسين المهارات حتى يحصلن على فرصة للتطور والاكتفاء الذاتي والاستقلال بعمل ما يحبونه. وفي سياق آخر، أنا أومن بمفهوم الأعمال من أجل الخير، فرغم أهمية الربحية في الأعمال، فإن المشاريع المدفوعة بتحقيق الأثر هي التي تدوم طويلًا. 

  • صندوق السعادة

هل لديك رسالة إنسانية من خلال مشروعك؟

لم يكن قد بلغ عمر صندوق السعادة سنة قبل أن أنشئ القسم العالمي للمسؤولية الاجتماعية المؤسسية، الذي أطلقت عليه اسم قلوب سعيدة، ليقدم مجموعات تعليمية للأطفال المحتاجين على مستوى العالم. وقد عمل البرنامج حتى الآن مع منظمات غير حكومية مثل: اليونيسف، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة إنقاذ الطفل، وغيرها من أجل تقديم الآلاف من هذه المجموعات للأطفال المحتاجين في أكثر من 11 دولة حتى الآن. وهذا النوع من الأعمال الخيرية هو الأقرب والأعز على قلبي ويتوافق مع كل قيمة أمتلكها. 

ما شعورك بعد مرور 10 سنوات على إطلاق مشروعك التجاري؟

يغمرني الفخر والامتنان عند التفكير برحلة صندوق السعادة، فعند الشروع في هذا المسعى الريادي قبل عشر سنوات، تصورت منصة تجلب السعادة للأسر وتكون ذات تأثير مفيد على المجتمع. وعندما أنظر اليوم إلى الإنجازات التي حققناها والأرواح التي لامسناها، يغمرني شعور شديد بالإنجاز الذي حققته. وتكمن أكثر اللحظات التي يتردد صداها بشكل كبير في ذهني في رؤية الابتسامات على وجوه الأطفال أثناء تفاعلهم مع تجاربنا المنسقة، ومشاهدة الأسر تجتمع معاً في لحظات يملؤها الإبداع والتواصل، ومعرفة أننا لعبنا دوراً كبيراً في تهيئة مستقبل واعد لعدد كبير من الأفراد.

ماذا عن أهدافك وطموحاتك مستقبلاً؟

تعد ريادة الأعمال وسيلة فعالة للنمو الاقتصادي الجماعي؛ إذ تتطور الاقتصادات العالمية بتقدم المرأة. وهذه الرسالة هي التي آمل نشرها من خلال كل جانب من جوانب عملي. أما طموحي فيتمثل في تجسيد هذا الاعتقاد بشكل فعلي، بالإضافة إلى تعزيز دور المرأة في كل من ريادة الأعمال وقطاع التكنولوجيا.