أن تكوني ذكيةً، لا يعني هذا أن تضعي كل ما لديكِ من ذكاءٍ ليراه العالم، بل يتعلق الأمر باختيار لحظاتكِ، ومعرفة متى تشاركينها، ومتى تلتزمين الصمت، إذ يفهم الأشخاص الأذكياء حقاً هذا الأمر، لذا هناك أشياء معينة يختارون الاحتفاظ بها لأنفسهم.
وفي الحياة، لا يتعلق الأمر دائماً بما تكشفينه، بل بما لا تكشفينه، وقد أتقن الحكماء هذا الفن، وهنا نشارككِ أشياء غالباً يحتفظ بها الأشخاص الأذكياء لأنفسهم.
الإنجازات الشخصية:
هناك فكرة خاطئة، مفادها أن الأشخاص الأذكياء يحبون التباهي بإنجازاتهم، إلا أن هذا بعيد عن الحقيقة، إذ إن الذكاء الحقيقي يميل إلى أن يأتي مع التواضع، ولا يشعر الأذكياء الحقيقيون بالحاجة إلى عرض إنجازاتهم باستمرار، أي أنهم لا يعتمدون على المدح الخارجي؛ ليشعروا بالرضا عن أنفسهم.
بعبارةٍ أخرى إنهم يفهمون أن معرفتهم ونجاحهم يتحدثان عنهم، دون الحاجة إلى الترويج المستمر للذات.
كما أن هذا لا يعني أنهم يخجلون من مشاركة إنجازاتهم؛ عندما يكون ذلك مناسباً أو ضرورياً، لكنهم يفعلون ذلك بطريقة متواضعة، وليس متفاخرة.
الفشل.. والنكسات:
الحياة عبارة عن جولة من الصعود والهبوط، وقد يحدث فيها الكثير من الفشل والنكسات، ويختار الأشخاص الأذكياء الاحتفاظ بهذه الأمور لأنفسهم، إنهم يفهمون قوة معالجة إخفاقاتهم على انفراد، ولا يستخدمونها كوسيلة للحصول على التعاطف أو الاهتمام. وبدلاً من ذلك، يستخدمونها كنقطة انطلاق، للارتداد بشكل أقوى.
وفي حين أن مشاركة الصعوبات التي نواجهها يمكن أن تكون أمراً مريحاً، يساعدنا على العثور على الدعم، إلا أن الأشخاص الأذكياء يعرفون متى يشاركون ومع من، أي أن إخفاقاتكِ هي تجارب التعلم الشخصية الخاصة بكِ، وكيفية التعامل معها تحدد شخصيتكِ ومرونتكِ.
الخطط المستقبلية:
هل سمعت، يوماً، عن الظاهرة التي تسمى «تأثير زيجارنيك»؟.. سُميت على اسم عالم النفس الروسي بلوما زيجارنيك، الذي اكتشف شيئاً رائعًا عن أدمغتنا، وهي أننا أفضل في تذكر المهام غير المكتملة أو المتقطعة من تلك التي أكملناها.
والآن، هذا هو المكان الذي يصبح فيه الأمر مثيراً لاهتمام الأشخاص الأذكياء، إذ يعرفون أنه عندما يشاركون خططهم المستقبلية، فإن ذلك يخلق شعوراً بالاكتمال في أذهانهم، أي أن الدماغ ينخدع إلى اعتقاد أن المهمة قد تم إنجازها، ما يقلل الدافع للقيام بذلك بالفعل. والأفراد الأذكياء يفهمون علم النفس هذا، وعليه يفضلون الاحتفاظ بخططهم المستقبلية لأنفسهم؛ حتى يحققوا تقدماً كبيراً، أو حتى يحققوها.
المعتقدات الشخصية:
يعرف الأشخاص الأذكياء أن لكل شخص الحق في معتقداته الخاصة، كما أنهم يفهمون أن المعتقدات الشخصية، خاصة تلك المتعلقة بالسياسة أو الدين أو الموضوعات المثيرة للجدل، يمكن أن تكون حساسة للغاية، وتؤدي مشاركة مثل هذه المعتقدات إلى مناقشات وصراعات غير ضرورية، وفي حين أنه من المهم إجراء مناقشات مفتوحة، واحترام وجهات النظر المتنوعة، فمن المهم أيضاً معرفة متى يجب التراجع.
وهذا لا يعني أنهم يقمعون آراءهم، بل إنهم بدلاً من ذلك يختارون الوقت والمكان والجمهور المناسبين إذا قرروا المشاركة، أي أنهم يدركون التأثير الذي يمكن أن تحدثه كلماتهم، ويسعون جاهدين لتعزيز الانسجام بدلاً من الخلاف.
مصدر معرفتهم:
هل تساءلتِ يوماً كيف يبدو أن الأشخاص الأذكياء يعرفون الكثير عن أشياء كثيرة؟ ذلك لأنهم متعلمون مستمرون، ولكن هنا تكمن المشكلة، فهم غالباً يحتفظون بمصادر معرفتهم لأنفسهم. وهذا ليس لأنهم يريدون تخزين المعلومات، بل لأنهم يفهمون قيمة اكتشاف الأشياء وتعلمها بشكل مباشر. وقد تزود مشاركة المصدر الآخرين بالمعلومات، لكنها تزيل رحلة الاكتشاف، حيث يحدث التعلم الحقيقي.