في الآونة الأخيرة، جذبت الثقافة اليابانية اهتمام الكثير من الأشخاص، لا سيما أنهم يشعرون بأنها تقدم لهم طرقاً مذهلة للعيش والتعلم من خلال فلسفتها، ولذا في حال كنتِ مهتمةً بهذه الثقافة الآسيوية، فإننا هنا جمعنا لكِ بعضاً من مفاهيمها الفريدة التي من شأنها أن تغير حياتكِ على الفور.
كينتسوغي: فن الإصلاح الذهبي
هو فن ياباني يهتم بإصلاح الفخار المكسور عن طريق إصلاح الأجزاء التالفة بإضافة غبار الورنيش أو مزيج مسحوق الذهب أو الفضة أو البلاتين. ومن الناحية الفلسفية، فإن هذا الفن يعامل الكسر كجزءٍ من تاريخ أي شيء بدلاً من إنكاره.
وعندما ننظر إلى حياتنا، فكل واحد منّا جمع الكثير من الندوب خلال حياته والتي لم يخبر بها أحداً، مثل الشعور بالفشل في تحقيق بعض الأحلام، أو التعرض للتنمر في المدرسة، مما يجعلنا أحياناً نشعر بالضعف رغم مرور كل تلك السنين.
ولكن عندما ننظر إلى ندوبنا التي سحقت أرواحنا من خلال منظور كينتسوغي، فإن الأمر سيختلف، إذ يعتمد هذا الفن على فكرة بسيطة ولكنها متحررة، وهي إصلاح الأشياء المكسورة باستخدام معدن لامع مثل الذهب، لذا يجب علينا أيضاً أن نحاول شفاء أنفسنا بطريقة أكثر جمالاً، و لتبسيط الأمر دعينا نجزّئ الأمر كالآتي:
القبول: نتردد في مشاركة ندوبنا مع الناس لأننا نشعر أنهم قد يجعلوننا ننظر إلى الضعف، ولكن بدلاً من ذلك عندما نشارك ندوبنا وخسائرنا مع الناس، يمكن أن نتحرر من تلك المشاعر العاطفية السلبية.
الإصلاح: وهي أن نشفي ندوبنا مع إضافة الغرز الذهبية، وأفضل طريقة للقيام بذلك هي إيجاد بعض الخير الذي خرج من قلبكِ واستخدامه لجعل العالم مكانًا أفضل. على سبيل المثال، إذا تعرضتِ للتخويف في المدرسة، يمكنكِ تطوير هذا الشعور وتحويله إلى رحمة تجاه الأشخاص الذين تعتقدين أنهم يتعرضون لذلك الآن.
باختصار، اكشفي عن ندوبكِ ولا تخفيها بعد الآن، واحتضني قصتكِ، وابحثي عن بعض الخير الذي يخرج من الأحداث المثيرة للروح في حياتكِ واستخدميها لتكوني شخصاً أفضل وجعل هذا العالم مكانًا أفضل.
ما: الفضاء السلبي
يشير المفهوم الياباني لـ Ma إلى العدم أو الصمت، إذ إن ثقافتهم بأكملها مليئة بالصمت بعدة طرق مختلفة، على سبيل المثال: المحادثات لها فترات صمت متكررة، حتى عندما ينحنون، يتعمدون التوقف قليلاً قبل العودة للأعلى.
و«ما» هو مفهوم جميل، ففي حين أن الغالبية تحاول يائسة ملء كل فراغ الحياة، وتشعر بالخوف من العدم، ونادراً ما نجلس في صمت مع أنفسنا، إلا أن دمج مفهوم «ما» في حياتنا يمكنه أن يحسنها بطرق عدة.
بعبارةٍ أخرى، يعاني الكثير منا نقص حاد في المحفزات العقلية الداخلية، وهو أمر مميت لعقليتنا، فنحن نعمل طوال اليوم، وعندما لا نعمل، نلعب الألعاب على الهاتف أو نشاهد مواقع التواصل الاجتماعي أو نقضي الوقت مع عائلاتنا، أي أننا نركز دائمًا على شيء خارجي، ولم نعد نفكر أبداً، مع أن العالم يتوق إلى الأشخاص الذين يأخذون الوقت الكافي للجلوس والتفكير. ونظراً لذلك من المهم القيام بما لا يقل عن 30 دقيقة من التفكير كل يوم مع الحرص على القيام بأمرين:
أولاً، عدم استغلال هذا الوقت للندم على الماضي أو القلق بشأن المستقبل، وأنما استغلاله لجعل حياتكِ أفضل، لذلك، فكري في الإجابة على السؤال التالي: «كيف يمكنني أن أجعل حياتي أفضل؟»، ومن الإجابات التي تحصلين عليها قومي بتنفيذ ما يمكنكِ.
ثانياً، السماح لعقلك بالخروج عن السيطرة وعدم تقييد ذهنكِ أكثر من اللازم، والسماح له بالانطلاق في كل ما يمكن تخيله.
شينرين يوكو: الاستجمام في الغابات
يشير هذا المفهوم إلى الارتباط الروحي بالطبيعة. لكن الأمر لا يتعلق بالمشي لمسافات طويلة أو الركض في حديقة، بل إشراك حواسكِ لامتصاص كل ما تقدمه الطبيعة مثل الإسفنج، أي الاقتراب من الطبيعة بكل ما فيها.
ومن أجل القيام بذلك، ستحتاجين أولاً إلى العثور على مكان كالغابة، ولكن إذا لم تكن الغابة تحت تصرفك، فيمكن لحديقة منزلكِ فعل الشيء نفسه، إذ إن المفتاح هو إشراك حواسكِ الخمسة في الطبيعة ومزامنتها مع دماغك.
استمعي إلى زقزقة العصافير، واستمتعي بحفيف الأوراق التي تنسحق تحت قدميكِ أثناء التنزه، وانظري إلى مدى جمال ألوان الطبيعة، واستنشقي رائحة الزهور وامشي بين الأشجار، باختصار، افعلي كل ما تشعرين به ومن دون هدف، اتركي فضولكِ يرشدكِ وحواسكِ تخبركِ ما يمكن القيام به. سوف يرفع الاستجمام في الغابات حياتكِ روحياً وعقلياً وجسدياً، لذا قومي بجدولة جلسةٍ كهذه أسبوعياً.