يشير تأثير مانديلا إلى الموقف الذي تعتقد فيه مجموعة كبيرة من الناس أن حدثاً ما قد وقع في حين أنه لم يحدث، وقد نشأ هذا المصطلح في عام 2009 من قبل الباحثة فيونا بروم، بعد أن اكتشفت أنها وعددا كبيرا آخر يعتقدون أن نيلسون مانديلا قد توفي في الثمانينات، مع أنه لم يكن قد توفي حينها، وإنما توفي عام 2013.
أصول تأثير مانديلا
تمت صياغة مصطلح «تأثير مانديلا» لأول مرة في عام 2009 من قبل الباحثة فيونا بروم عندما أنشأت موقعاً إلكترونياً يوضح تفاصيل مراعاتها لهذه الظاهرة، حيث كانت في مؤتمر تتحدث مع أشخاص آخرين مأساة وفاة رئيس جنوب إفريقيا السابق نيلسون مانديلا في أحد سجون جنوب إفريقيا في الثمانينات، ومع ذلك، لم يمت نيلسون مانديلا في ذلك الوقت في السجن، وإنما توفي في عام 2013.
وعندما بدأت بروم في التحدث مع أشخاص آخرين عن ذكرياتها، علمت أنها ليست وحدها، وتذكر آخرون أنهم شاهدوا تغطية إخبارية لوفاته بالإضافة إلى خطاب ألقته أرملته!
وحينها صُدمت بروم في أن هناك عددا كبيرا من الناس يمكنهم تذكر الحدث المتطابق نفسه بمثل هذه التفاصيل في حين أنه لم يحدث أبداً، وبدأت بمناقشة ما أسمته «تأثير مانديلا» أو «الذاكرة الكاذبة» من خلال حوادث أخرى مثله.
أمثلة بارزة على تأثير مانديلا
قصة نيلسون مانديلا ليست المثال الوحيد على هذا النوع من الذاكرة الجماعية الزائفة أو الكاذبة، إذ هناك الكثير من الذكريات التي تتعلق بشخصيات أو مواقف أخرى وهنا نذكر أبرزها:
هنري الثامن يأكل ساق الديك الرومي
كان لدى الناس ذكرى أن هناك صورة لهنري الثامن تظهره وهو يأكل أو يمسك ساق الديك الرومي، رغم عدم وجود مثل هذه اللوحة على الإطلاق. ومع ذلك، فقد تم إنشاء رسوم كاريكاتورية مماثلة، وقد يكون هذا مرتبطاً بالمعرفة العامة بهنري الثامن كرجلٍ كبير.
لوك أنا والدك
إذا شاهدتِ Star Wars: الحلقة V-The Empire Strikes Back، فمن المحتمل أنكِ تتذكرين دارث فيدر وهو ينطق الجملة الشهيرة، «لوك، أنا والدك» في المشهد المحوري قرب نهاية الفيلم.
وقد تتفاجئين عندما تعلمين أن الجملة كانت في الواقع: «لا، أنا والدك»، والغريب أن معظم الناس يتذكرونها بشكلٍ خاطئ.
مرآة، مرآة على الحائط
في حال شاهدتِ سنو وايت والأقزام السبعة، فمن المحتمل أنكِ تتذكرين الجملة التالية: «مرآة، مرآة على الحائط، من هي أجملهن جميعاً؟» ولكن الجملة الفعلية هي «مرآة سحرية على الحائط».
موقع نيوزيلندا
أين تقع نيوزيلندا بالنسبة لأستراليا؟ إذا نظرت إلى الخريطة، سترين أنها تقع جنوب شرق البلاد، ومع ذلك، هناك العديد من الأشخاص الذين يدعون أنهم يتذكرون أن نيوزيلندا كانت تقع في الشمال الشرقي وليس في الجنوب الشرقي.
ويبقى السؤال هنا لماذا يحدث هذا التأثير؟
ذكريات كاذبة
التفسير الأكثر احتمالاً لتأثير مانديلا ينطوي على أننا نحمل ذكريات كاذبة.
لقد تعلم معظم الأميركيين في المدرسة أن ألكسندر هاميلتون هو الأب المؤسس للولايات المتحدة الأميركية، لكنه لم يكن رئيساً، ومع ذلك، عند سؤالهم عن رؤساء الولايات المتحدة، يعتقد الكثير من الناس خطأً أن هاميلتون كان رئيساً، لماذا؟
إذا نظرنا إلى تفسيرٍ بسيط لعلم الأعصاب، فإن ذاكرة ألكسندر هاميلتون مشفرة في منطقة من الدماغ حيث يتم تخزين ذكريات رؤساء الولايات المتحدة، وتسمى الوسيلة التي يتم من خلالها تخزين آثار الذاكرة بالإنجرام، ويسمى الإطار الذي ترتبط فيه الذكريات المتشابهة مع بعضها البعض بالمخطط.
لذلك عندما يحاول الناس تذكر هاميلتون، فإن هذا يحفز الخلايا العصبية على الاتصال الوثيق ببعضها البعض، جالبة معها ذكرى الرؤساء.
الخلط
يتضمن الخلط أن يقوم عقلك بملء الفجوات المفقودة في ذكرياتك لجعلها أكثر منطقية، وهذا يعني تذكر تفاصيل لم تحدث أبداً، ويميل الخلط إلى الزيادة مع تقدم العمر.
معلومات مضللة بعد الحدث
المعلومات التي تتعلميها بعد حدث ما يمكن أن تغير ذاكرتك للحدث، فإذا كانت المعلومات غير دقيقة عن الحدث فإن الدماغ يستمر في تذكرها على أنها الحقيقة.
حقائق بديلة
إحدى النظريات لأساس تأثير مانديلا تنبع من فيزياء الكم وتتعلق بفكرة أنه بدلاً من وجود جدول زمني واحد للأحداث، قد تحدث حقائق أو أكوان بديلة وتختلط مع خطنا الزمني، ومن الناحية النظرية، قد يؤدي هذا إلى وجود مجموعات من الأشخاص لديهم الذكريات نفسها لأن الجدول الزمني قد تغير أثناء انتقالنا بين هذه الحقائق المختلفة.
ولسوء الحظ، فكرة الحقائق البديلة غير قابلة للدحض، مما يعني أنه لا توجد طريقة لدحض أن هذه الأكوان الأخرى غير موجودة حقاً.