رحاب لوتاه: الادخار طريق لتحقيق أحلام المرأة
بحسها القيادي، وعملها الدؤوب، وشغفها الدائم.. وضعت رحاب لوتاه بصمتها في القطاع المصرفي بدولة الإمارات العربية المتحدة، مستندة على خبراتها الطويلة، التي تخطت الـ20 عاماً في القطاعَيْن الحكومي والخاص، بعدما استطاعت - عبرهما - تنفيذ العديد من المشاريع التجارية والاجتماعية الناجحة، كما لعبت دوراً أساسياً في تطوير برامج الاستثمار والادخار، من خلال منصبها نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة «الصكوك الوطنية». وإضافةً إلى قائمة الإنجازات التي حققتها، تم اختيار لوتاه سفيرة النوايا الحسنة للمرأة والطفل من قِبَل هيئة المرأة العربية؛ لتكون بهذا أول امرأة إماراتية وعربية تشغل هذا المنصب.. وخلال حديثها إلى «زهرة الخليج»، أطلعتنا رحاب لوتاه على جوانب مهنية وحياتية عدة، وتالياً نص الحوار:
حدثينا عن نشأتك، والعوامل التي شكّلت شخصيتك، وساهمت في نجاحك!
نشأت في عائلة مكونة من 8 أفراد، ورغم أن والدتي كانت غير متعلمة، فإنها كانت كما وصف الشاعر حافظ إبراهيم الأم؛ عندما قال: «الأم مدرسة»، حيث كانت تحثنا على الدراسة والتعليم، كما وفّرت لنا بيئة من المحبة والتآخي، ونمت لدينا الاعتماد على الذات. وكوني الأخت الوسطى في العائلة؛ أخذت على عاتقي مسؤولية رعاية إخوتي الذين يصغرونني سناً، وهي مسؤولية مبكرة ساعدتني في صقل شخصيتي. وقد تزوجت وأنا طالبة جامعية، وعندما أصبحت أماً سعيت إلى تحقيق أفضل نموذج في أعين أطفالي، ما أثرى تجربتي الحياتية، بالمزيد من التعلم والتطور والطموح، وهذا هو سر نجاحي.
ما أهم إنجازاتك في الجانب الاجتماعي؟
لديّ شغف كبير بهذا الجانب، وقد عملت جاهدة - عبر مراحل عدة من مسيرتي المهنية - على المشاريع التي تصب في خدمة الشباب، فمثلاً، خلال عملي كنائب الرئيس لشركة موارد للتمويل لسنوات عدة، عملت على تنمية أعمال الشركات الصغيرة والمتوسطة التي يقودها الشباب الإماراتي، كما شاركت في تأسيس «جائزة التميز»، التي كانت تستقطب طلاب الجامعات بهدف إقامة مشاريع، وكنا نمنح الفائزين مبالغ مالية لإطلاق مشاريعهم؛ ليحصلوا بعدها على وظائف في شركة موارد للتمويل. وخلال عملي في «الصكوك الوطنية»، قمت بالعمل على إطلاق برنامج «صكوك الوقف»، وهو مبادرة رائدة نالت تقدير الجهات الحكومية في دولة الإمارات؛ لنهجها الإنساني الذي يحث على استدامة العمل الخيري بالدولة.
مهمة نبيلة
ماذا يمثل لكِ اختيارك، من قِبَل هيئة المرأة العربية؛ سفيرة النوايا الحسنة للمرأة والطفل، وما مهامك من خلال هذه المنصب؟
كان هذا الاختيار شرفاً كبيراً بالنسبة لي، وأود أن أعبّر عن شكري وتقديري لهيئة المرأة العربية على هذا الاختيار. لا شك في أن لديَّ شعوراً كبيراً بالفخر والاعتزاز لتمثيل المرأة العربية، الذي أعتبره تشريفاً وتكليفاً، فقد وضعني أمام مسؤولية كبيرة لمضاعفة الجهود لرفد العمل الإنساني والتنموي. خلال هذه المهمة النبيلة، سأقوم بالعمل على مبادرات ومشاريع من شأنها الارتقاء بمكانة المرأة والطفل، لاسيما بالبلدان التي تعاني فيها المرأة ضعف الإمكانات، وهشاشة الأنظمة الصحية، حيث إن حقول وميادين العمل من أجل العناية بواقع المرأة واسعة وكبيرة، خاصة على نطاق الصحة والتعليم والتدريب.
كيف كانت مسيرتك في القطاع المصرفي؟
بدأت رحلتي في القطاع الحكومي عام 2002، من خلال عملي بإدارة المشاريع بالحكومة الإلكترونية، وشاركت في إدارة مشاريع التحول الإلكتروني بالدوائر الحكومية، وقمت بالتنسيق بين تلك الدوائر؛ لتحقيق أهدافها المنشودة من هذه المشاريع، محققة تجربة مميزة من ناحية إنجاز العمل على أفضل وجه من خلال تحليل المعطيات. بعدها، انتقلت إلى القطاع الخاص لأعمل مع شركة موارد للتمويل، وخلال أقل من عامين حصلت على 5 شهادات بالصيرفة الإسلامية، وأصبحت مراقباً ومدققاً شرعياً. بعد ذلك، انتقلت إلى «الصكوك الوطنية»، حيث طورت بعض المنتجات لدى الشركة، منها خطة «الراتب الإضافي»، برنامج الادخار الأول من نوعه، الذي تم ابتكاره خصيصاً لسكان دولة الإمارات، مواطنين ومقيمين؛ لمساعدتهم على تحقيق دخل إضافي. كما ساهمت في تطوير برنامج «خطة المليون»، خطة الادخار الجديدة، التي تلبي تطلعات المشاركين نحو تحقيق مدخرات وأرباح تراكمية متوقعة، تصل قيمتها إلى مليون درهم خلال مدة زمنية محددة.
ما المبادئ التي تتخذينها نهجاً في حياتك؟
تقدم دولة الإمارات نموذجاً يحتذى في التطور والريادة بالقطاع المصرفي، وتمكنت من تحقيق قدر مبهر من التطور خلال زمن قصير، بطموح غير محدود ولا يعترف بالمستحيل. أما خلال مسيرتي المهنية، فقد حظيت بدعم وإرشاد من مديري وقيادات العمل، فتعلمت منهم أساليب القيادة الناجحة، وقمت بتطبيق التجربة ذاتها مع فريق عملي، انطلاقاً من إيماني الراسخ بأن فريق العمل يكمل المسيرة؛ لذلك يعد تمكين الموظفين، ودعمهم، من أهم المبادئ التي أتخذها نهجاً في حياتي.
حلول استباقية
كيف ترين حضور المرأة الإماراتية بالقطاع المصرفي؟
في ظل الجهود الحثيثة، والدعم غير المحدود من قيادتنا الرشيدة، حققت المرأة الإماراتية تقدماً ملحوظاً في مختلف المجالات، فخلال الخمسة عشر عاماً الماضية شهدنا إطلاق العديد من القوانين والسياسات، الرامية إلى دعم وتمكين المرأة في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والمهنية. وتمثل المرأة، اليوم، نصف القوى العاملة في دولة الإمارات، وارتفعت نسبة تمثيلها في مجالس الإدارات من 4 إلى 8.8 % في غضون عامين فقط. كما تشكل المواطنات الإماراتيات العاملات نسبة تتجاوز الـ75% من إجمالي المواطنين العاملين في القطاع المصرفي، ليصبح بذلك أحد أكبر القطاعات التي توظف وتمكن المواطنات، بما يتيح لهن إبراز قدراتهن ومهاراتهن القيادية، كما يعزز دور الإمارات الريادي في مجال تمكين المرأة.
ما فوائد الادخار لفئات المجتمع عامة، والمرأة خاصة؟
يمنح الاستثمار والادخار المرأة الاستقلال المالي المطلوب لتحقيق أحلامها، فمن السيدات من تدخر لشراء منزلها الخاص، أو سيارة أحلامها، أو حتى تأمين مستقبلها ومستقبل أطفالها المالي، دون الحاجة إلى طلب المساعدة من أي شخص آخر، ومن خلال الاعتماد الكامل على الأموال التي قامت بادخارها. نحن في «الصكوك الوطنية»، وانطلاقاً من دورنا المجتمعي، نعمل على تمكين المرأة من خلال البرامج والخدمات التي نقدمها. ويتمثل هدفنا في تزويد المرأة بالمعرفة والأدوات اللازمة؛ لتحقيق أحلامها، وتعزيز دورها الريادي.
هل يفيد الادخار في الحفاظ على نسيج الأسرة وترابطها؟
يساعد الادخار في تخفيف الأعباء عن كاهل حياة الأفراد وأسرهم اليومية، مثل: الادخار من أجل الحالات الطارئة، والتعليم، والصحة، والخدمات الأساسية، ما يساهم في تنمية المجتمع، وجعله أكثر صحة وسعادة، فأفراد الأسرة عرضة لعدد من المتغيرات، التي قد تؤثر سلباً فيهم، لذلك يجب وضع حلول استباقية، والبدء بالادخار؛ لتجنب هذه المتغيرات، والتفرقة بين الأساسيات الأسرية، وبين الكماليات التي قد لا نحتاج إليها، سعياً إلى تحقيق الاستقرار المادي، الذي يعتبر عاملاً مهماً لاستقرار الأسرة.