فاطمة الظنحاني: لكل عمل فني قصة.. وتلهمني الطبيعة والقصائد
لطالما كانت الفنون طريقاً عابراً للثقافات واللغات والمجتمعات، كونها تحاكي الحواس برقيّ وترفّع، وأينما وجد الفنان كان الفن بابه الواسع إلى العالم، ولغة تواصل وحوار، وتبادل للأفكار والتصورات. ومن هذا المنطلق، حملت الفنانة فاطمة الظنحاني إرثها الفني، من وطنها دولة الإمارات، إلى دول ومجتمعات عدة، من خلال معارض فنية مشتركة، في السعودية، والكويت، ومصر، والبرازيل، وكوريا، وغيرها.
ويتميز الفن، الذي تقدمه فاطمة الظنحاني، بإبراز هويتها العربية، من خلال فن الخط العربي، وقد اتخذت من الحرف العربي رهاناً تشكيلياً، يتجاوز - في بعض مواضعه - أطر التوظيف اللغوي نحو صياغة بصرية تفيض حيوية وطاقة، بكل ما تملكه الحروف من سحر وألق، بفن أصبح من أهم مدارس الفنون الحديثة، بعدما حقق انتشاراً واسعاً على مستوى العالم، ليتجاوز حدود اللغة والجغرافيا، وهذا يتحقق في الكثير من المعارض الدولية، بوجود لوحات الحروف في أكبر المتاحف العالمية.. «زهرة الخليج» التقت الفنانة الإماراتية؛ فكان هذا الحوار:
حدثينا عن بدايتك في عالم الرسم!
البداية كانت في المرحلة الابتدائية، عندما أقيمت مسابقة على مستوى منطقة الفجيرة، وكنت من المشاركين فيها. عقب المسابقة، فوجئت خلال طابور الصباح بأنني حصلت على جائزة في المسابقة، وكانت أدوات فنية أكثر احترافية من التي كنت أستخدمها.. ومن هنا بدأت مسيرتي الفعلية في عالم الرسم.
كيف انتقلت إلى مجال الخط العربي؟
أثناء تحضيراتي للمشاركة في برنامج الموهوبين، التابع للهيئة العامة للشباب والرياضة بدبي عام 2013، سجلت في أحد مراكز الفنون بقسم الرسم؛ لتطوير مهاراتي، والاستعداد للبرنامج بشكل تام. وهناك، لفت انتباهي وجود قسم خاص بالخط العربي، وعلى الفور تغيرت الوجهة من قسم الرسم إلى قسم الخط. وفي هذا الوقت، تمكنت من الحصول على جائزة في برنامج الموهوبين بمجال الرسم الحي، وكان هذا آخر عهدي بالرسم.
دعم أسري
ما دور العائلة في دعم مسيرتك الفنية؟
نشأت في بيت يدعم الفن، فقد كنت دائماً أجد عائلتي أمامي، تدفعني ألف خطوة إلى الأمام في كل شيء أقوم به، وتُعزز ثقتي بنفسي، وتقوي عزيمتي، مادياً ومعنوياً. ففي كل مرة، كنت كلما بدأت تصميم لوحة جديدة، يبدي الجميع رأيهم في التصميم، وعلى رأسهم أبي وأمي، وكذلك إخواني، الذين يتابعون معي إنجاز العمل حتى ينتهي، وهذا الأمر يسعدني كثيراً.
كيف صقلت موهبتك في المجال الفني؟
أرى أن المتابعة مع متخصص، بشكل مستمر، تختصر الكثير من الوقت، بجانب التغذية البصرية، من خلال حضور معارض الخط، أو عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي. وكذلك، الاطلاع على الكتب والمجلدات، وما إلى ذلك. كما من المهم جداً أن يكون الخطاط مثقفاً، ولديه معلومات فنية، إلى جانب موهبته.
فخر.. واعتزاز
أخبرينا بشعورك عند نيل جائزة التحكيم الخاصة للخطاط الإماراتي!
في الحقيقة، كانت عيني على هذه الجائزة، منذ أن تم الإعلان عنها عام 2018. وقد كان هدفي الحصول عليها؛ لذلك عملت بجهد مضاعف؛ حتى نلت الجائزة في دورتها الثانية، وكان هذا الشعور كله فخر واعتزاز.
ممن تستلهمين أعمالك الفنية؟
أستلهم أعمالي من الفنون المعمارية القديمة، وأحياناً تلهمني قصيدة أو رواية، وقد تكون الطبيعة مصدر إلهام، فلكل عمل فني قصة، ومصدر إلهام، وقد نستلهم بالتأكيد من لوحات خطاطين آخرين، من العصور السابقة، أو من عصرنا هذا.
كيف ترين موقع الفتاة الإماراتية على خريطة فن الخط العربي؟
دولة الإمارات عززت حضور الخط العربي، وأرى أن الفتاة الإماراتية حاضرة بقوة، وأثبتت وجودها في هذا العالم، فهي قادرة، كذلك، على نشر ثقافة الخط العربي عالمياً.
هل صقلتْ مشاركاتك في المعارض المحلية والدولية خبراتك الفنية؟
بالتأكيد، فوجودي في المعارض والفعاليات الفنية يتيح لي التعرف إلى فنانين لديهم خبرة واسعة بالخط، فعلى هامش المعارض تكون هناك حوارات فنية عميقة وغنية، كما أن الآراء الإيجابية للخطاطين حول أعمالي المعروضة تزيد ثقتي، وتشجعني على تقديم المزيد، كما أن الانتقاد الإيجابي للعمل يعطيني حافزاً لتقديم الأفضل. وقد دفعتني مشاركاتي الأخيرة في البرازيل، وكوريا، إلى تقديم المزيد، والعمل بشكل مكثف أكثر مما سبق.
توأم متكامل
ربطت بين الحروف بإيقاعاتها المتباينة لتعززي حضور اللغة العربية، فما دور الفنان في إبراز مكانة وجماليات «لغة الضاد»، وقدرتها على جذب الأنظار، ومخاطبة الفكر والوجدان؟
اللغة العربية والخط، توأم متكامل، لا يستغني أحدهما عن الآخر، ودائماً نجد أنفسنا أمام مسؤولية خدمة اللغة العربية. ودورنا كفنانين عميق جداً، إذ لدينا القدرة على إبراز جماليات لغتنا، من خلال نقل ثقافة الخط العربي، وجعلها لغة تواصل بين الشعوب، وذلك بتقديم أعمال مبتكرة خارجة عن المألوف، واختيار نصوص تخاطب المتلقي، وتحرك مشاعره، وتصاميم تجبر الزائر على الوقوف طويلاً، وتأمل جمال الحرف، والهوية العربية. لذلك، أرى أن عظمة اللغة العربية، والخط، تستحق أن تتصدر المعارض الخارجية، والمحافل الدولية؛ فنخطف الأنظار بثقافتنا، وهويتنا العربية.
ما اللوحة الأقرب إلى قلبك؟
السؤال أشبه بمن يسأل الأم: من أحب أبنائك إلى قلبك؟.. فيكون الأقرب إلى القلب أصغر الأبناء غالباً. كذلك أنا، فكل أعمالي لها محبة خاصة، وحينما يُقتنى مني عملٌ ما، أشعر بأنني فقدت جزءاً مني. الأقرب إلى قلبي، حالياً، آخر أعمالي، الذي شاركت به في بينالي دبي للخط خلال أكتوبر 2023، وعرض في متحف الاتحاد، وهو لوحة «من سَجد وجد».
ما المشاريع الفنية، التي تعملين عليها حالياً؟
أحضر أعمالاً جديدة لملتقى الشارقة للخط في دورته الحادية عشرة. كما لديَّ خطة لتعلم خط جديد، إلى جانب الخطوط التي أجيدها. كذلك، كانت لديَّ أفكار مؤجلة لبعض المشاريع، وقد بدأت العمل على إعادة التخطيط لأحدها خلال جائحة «كورونا»، ومازال العمل عليه مستمراً، وأتمنى أن يرى النور قريباً.
ما طموحاتك المستقبلية؟
دائماً، كنت أحلم بأن أكون عضواً في لجان التحكيم، وأتمنى أن تتاح لي هذه الفرصة يوماً ما. وكذلك من الأشياء التي أطمح إليها، إقامة معرض شخصي بطريقة جديدة ومبتكرة.