في عصر التكنولوجيا والتطور الرقمي، ودخول أنظمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي إلى مفاصل وتفاصيل الحياة اليومية، صار لزاماً علينا جميعاً تتبع أثر التكنولوجيا في حياتنا اليومية، سواءً بالإيجاب أو السلب.
ويخشى الكثير من الناس أن يصابوا بظاهرة «الخرف الرقمي»، التي تعني تغير الوظائف الإدراكية، والاعتماد الكلي على التكنولوجيا الرقمية في الحياة اليومية، بحيث يبدو الشخص من دون أي وسيلة مساعدة تكنولوجية مثل الإنسان المصاب بـ«الزهايمر»، لا يعرف ولا يفقه شيئاً مما حوله.
ومعروف أن «الخرف» مصطلح شامل يصف تدهور القدرة على التفكير، ويؤثر في الذاكرة واللغة والمنطق، ويسبب تغيرات في الدماغ، ويسمى مرض الزهايمر، ويتخوف العاملون في القطاع الطبي من أن يصاب الإنسان شديد الهوس والتعلق بالتكنولوجيا بخرف شبيه، أطلقوا عليه اسم «الخرف الرقمي».
ويحذر موقع healthline، المعني بالصحة، من تأثيرات ارتباط الناس بالتكنولوجيا، مشيراً إلى أن البروفيسور وطبيب الأعصاب الألماني، مانفريد شبيتزر، كان قد أطلق مصطلح «الخرف الرقمي» على المتعلقين بالأجهزة الإلكترونية، من خلال إفراطهم في استخدام التكنولوجيا، وهو أمر سبق اكتشاف وتطبيق أنظمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وكان شبيتزر يحذر من انكباب الناس على التكنولوجيا قبل 12 عاماً، في الوقت الذي تطورت فيه التقنيات الرقمية مئات المرات منذ ذلك التاريخ، ما يعني أن خوف البروفيسور الألماني النابغة، حينها، قد صار واقعاً حتمياً هذه الأيام.
وعلى الرغم من أن «الخرف الرقمي» ليس حالة مرضية معترفاً بها طبياً على صعيد العالم، ولا يمكن تشخيصها بشكل رسمي، فإن بعض أعراضه تتشابه مع أعراض «الخرف الحقيقي»، وتشمل: «حدوث مشاكل في الذاكرة»، من خلال نسيان أشياء بسيطة، وصعوبة استرجاع المعلومات، وعدم تذكر المواعيد أو الالتزامات، إضافة إلى «كثرة النسيان، وفقدان الأشياء»، مثل: وضع الهاتف في مكان ما ونسيانه، ونسيان أسماء الأشخاص أو الأماكن المعروفة سابقاً، وتكرار الأسئلة باستمرار. وأيضاً «صعوبة استرجاع الكلمات»، من خلال نسيان كلمات معينة أثناء الحديث، ومواجهة صعوبة في التعبير عن الأفكار بشكل واضح. وكذلك «مشاكل في تعدد المهام»، تنتج عنها صعوبة في التركيز على أكثر من مهمة واحدة في الوقت نفسه، والشعور بالإرهاق عند محاولة إنجاز عدة أمور معاً.
وللوقاية من التأثيرات السلبية للإفراط في استخدام التكنولوجيا، وعدم الوصول إلى الإصابة بـ«الخرف الرقمي»، من الضروري تقليل عدد ساعات استخدام الهاتف والكمبيوتر، للعمل أو للدراسة، فضلاً عن البحث عن اهتمامات أخرى، مثل: الرياضة والقراءة، والتوازن الفعلي في ساعات اليوم الواحد، بحيث يتم تنظيم جدول للنوم، وآخر للعمل أو للدراسة، وآخر للهو والتسلية، ولا بد أيضاً من تخصيص وقت لممارسة التمارين الرياضية الخفيفة، ووقت آخر للاسترخاء، والتأمل.