الفن والثقافة عمودان أساسيان وجوهريان في بنية المجتمع، فهما انعكاس للقيم والتاريخ والهوية الثقافية، فالفن يفتح آفاقاً للتعبير الإبداعي عن مفردات القيم المجتمعية، والثقافة تمارس دورها الرئيسي في ربط كل مكونات المجتمع من خلال القيم والمبادئ والسلوكيات المشتركة، وقوة حراكهما تساهم في تعزيز التفاهم والتسامح بين مختلف أفراد المجتمع، وبين مختلف المجتمعات الأخرى، التي تتماسّ معه في المجالات المختلفة.
تتميز الإمارات بتراث ثقافي وفني غني، يعكس تقاليدها العريقة، وتأثيرات مختلف الحضارات. بدءاً من الفنون التقليدية، مثل: الشعر النبطي، والرقصات الشعبية، وصولاً إلى العصر الحديث حيث تبرز الإمارات مركزاً عالمياً للفن المعاصر، والمبادرات الثقافية الرائدة.
في السنوات الأخيرة، شهدت الإمارات تطوراً كبيراً في الاهتمام بالفنون والثقافة، ما يعكس رؤية تضع الإبداع والابتكار في مقدمة القطار الحضاري للدولة. ما من حضارة صنعت تاريخاً، إلا كانت للفن والثقافة أعمدة رئيسية في البنية الحضارية للمجتمع. وشهدت الإمارات، خلال السنوات الأخيرة، حركة فنية واهتماماً بالفنانين الشباب، وبإنشاء المتاحف والمعارض الفنية، مثل متحف اللوفر أبوظبي. كما تحرص الدولة على دعم الفعاليات الفنية والثقافية المختلفة، ولم يغب الاهتمام بالهوية الثقافية للمجتمع الإماراتي، والحفاظ على مفرداتها حية مندمجة في النسيج الحداثي للمجتمع الإماراتي. ومن ثَمَّ أصبح الفن الإماراتي لاعباً مهماً في الحوار الثقافي العالمي، معززاً بذلك مكانته وتأثيره على المستوى الدولي.
يبقى التحدي الأهم في هذا الإطار، هو إيجاد التوازن بين الحداثة والموروث في الفن والثقافة، والذي يعد قضية محورية في الإمارات، خاصة مع سرعة التطور والتحديث التي تشهدها الدولة. وعدم تحقيق التوازن بين الموروث والحداثة في الفن والثقافة، يمكن أن يؤدي إلى تداعيات سلبية عدة، من أخطرها فقدان الهوية الثقافية للمجتمع، وهذا يعني انهيار منظومة القيم الإنسانية والأخلاقية الموروثة، التي تعبر عن تفرد المجتمع الإماراتي. حيث إن التركيز المفرط على الحداثة، قد يؤدي إلى تهميش الفنون التقليدية، ما يؤدي إلى فقدان جزء مهم من الهوية الثقافية والتراث.
إن الحفاظ على التوازن بين الموروث والحداثة أمر حيوي؛ لضمان نمو واستدامة الثقافة الإماراتية، بطريقة تحترم الماضي، وترحب بالمستقبل.