لكل إنسان نقطة تحول في حياته، تؤتي ثمارها عاجلاً أم آجلاً، لكنها تبقى عالقة بالذاكرة مدى الحياة، فهي الدرجة الأولى التي حطت عليها قدمه على طريق الشهرة والنجاح وتحقيق الأحلام.
وقد شكلت «قمة المليار متابع»، التي استضافتها دولة الإمارات، في يناير الحالي، حدثاً مهماً في مسيرة الشاب الإماراتي خالد المازمي، الذي كان واحداً من خريجي برنامج «فارس المحتوى»، الذي أطلقته أكاديمية الإعلام الجديد، خلال تلك القمة التي جمعت أهم صناع المحتوى في العالم أجمع.
«زهرة الخليج» التقت الشاب الكاتب خالد المازمي، في حوار بيّن خلاله أهدافه وطموحاته، والطريق الذي رسمه لنفسه، وتالياً نص الحوار:
* حدثنا عن مشاركتك في «قمة المليار متابع»، وماذا يعني لك وجودك بها؟
- بدايةً، لا بد لي أن أتقدم بالشكر الكبير لقيادتنا الرشيدة حفظها الله، فهم الداعم الأول للإبداع والمبدعين، وهم من يحثوننا على تحمل المسؤولية، ويمنحوننا القوة لحمل الرسالة، وإدراك أهميتها في كل خير. ونأمل، أن نكون عند حسن ظنهم ما حيينا.
ولا بد لي أن أشكر، بشكل خاص، أكاديمية الإعلام الجديد على احتضانها لنا، وحرصها على بناء أفضل نسخة منا، وتأمين كافة المتطلبات لنا، وتوفير تدريب على أيدي أهم صناع المحتوى، ومنحنا شرف لقائهم.
وجودي في القمة كان بهدف التخرج خلالها، وقد كانت فرصة كبيرة لي لألتقي من فيها، وأشارك في جلساتهم وندواتهم، ما شكل لي إضافة كبيرة على المستوى الشخصي، تمثلت حتى في الأحاديث الجانبية، فأنا أعتبر نفسي مازلت مبتدئاً في صناعة المحتوى، وكنت أتعلم شيئاً جديداً خلال كل لحظة في القمة.
* ما الرسالة التي تطمح إلى إيصالها لكل من يتابعك؟
- أنا أمتهن الكتابة قبل صناعة المحتوى، وقد كرست حياتي لها بعيداً عن منصات التواصل الاجتماعي، لكن الإعلام الجديد منحنا طرقاً مفتوحة توصلنا بأكبر عدد من الناس، ومن المفترض أن نعمل على تكبير هذه الدائرة؛ حتى تكون كلمتنا مسموعة، وهذه هي الحياة الجديدة التي أقبل عليها.
إنني أحمل مسؤولية كبرى نظراً لأهمية هذه الرسالة، خاصةً أن دولتنا وقيادتنا دعمتا صناعة المحتوى؛ عندما تم تخصيص 150 مليون درهم لصندوق وصناعة المحتوى، إضافة إلى إنشاء نادٍ خاص بنا، وهذه كلها خطوات إيجابية تحفزنا للأفضل، وتشجعنا على رد الجميل لدولتنا حتى نحفر أسماءنا بين الناجحين، وتخلد أعمالنا بعد رحيلنا عن الدنيا، من خلال رسائلنا الهادفة.
لقد تعلمنا في «قمة المليار» أهمية صناعة المحتوى، ودحضت هذه القمة، أيضاً، النظرية التي كانت تقول إن صناعة المحتوى ظاهرة ستنتهي بعد وقت قصير، إلا أن الحقيقة أنها أمر متجدد ومتطور، وهي المستقبل بحد ذاته لذلك وعدت الجميع بأن أقدم ما هو أعظم في الأيام المقبلة، وأن أواصل النجاح.
* كيف يمكن لصانع المحتوى أن يجذب المتلقي إلى ما هو مفيد؟
- من المعروف أن كل ما هو ذو قيمة يعيش ويدوم أكثر من غيره، حتى لو وجدت صعوبات في البدايات. أنا لا أريد أن أجري خلف السوق، وأكون بلا شخصية، مثل «الترند» الذي يظهر فجأة ثم يختفي للأبد، فأنا أبحث عن الصعب والأجمل والأفضل والأبقى؛ لأن الأغلبية تختار الدرب السهل، الذي لا يحمل أي طموح أو أهداف، ويضمن الشهرة فقط. أنا أسعى لأن أكون مؤثراً قبل أن أصبح مشهوراً، ولا تهمني الأرقام، ولا أعتد بها كمقياس للنجاح، لكني أبحث عمن يتأثر بكلمتي إيجاباً، وهو أمر ليس هيناً على الإطلاق لكن الكتابة تميزني عن غيري، فأنا اختار ما هو ذو قيمة كبيرة، حتى لو كان الأمر أشد صعوبةً، لكن مردوده يكون أكبر، وسأصل إلى ما أريد، إن لم يكن اليوم فغداً.
* هل تؤمن بالتخصص في تقديم المحتوى، أم أن المؤثر يمكنه تقديم محتوى منوع في مختلف المجالات؟
- التخصص يمنح الإنسان قدرة أكبر على الإبداع، لأنه يكون ملماً بكل جوانب الشأن الذي يتحدث به، ويعرف تماماً ما يقول، فيظهر واثقاً غير متردد؛ لأن ما يقدمه هو الأمر الذي يحبه ويتقنه، ويمتلك القدرة علي خوضه بكل تفاصيله. وطالما يتطور هذا التخصص؛ فإن صانع المحتوى يطور نفسه معه، ويستمر به، ويكبر من خلاله، ويوسع الدائرة التي يشارك بها، دون أن يقحم نفسه في أمور يجهلها.
إن صناعة المحتوى يجب أن تكون صادقةً تماماً، لذلك أنت لا تحتاج إلى قراءة شيء ونقله كما هو، وإنما أن تخرج كل ما في صدرك، وكل ما تعرفه أنت، لكن هذا كله لا يعني ألا يتحدث أي شخص في الشأن العام. على سبيل المثال، بإمكان صاحب أي تخصص أن يدلي بدلوه في قصة إنسانية، أو شأن يخص الدولة، خاصة أن الجمهور يحب الشخصية التي لا تقف في مكان واحد، ويبقى الأهم أن يعرف المؤثر أين يضع نفسه، وماذا يختار.
* كيف يمكن أن نحبب الأجيال الناشئة في القراءة، وننمي لديهم حب المعرفة؟
- البيئة والتنشئة مهمتان جداً، وتعدان سبباً رئيسياً في تحبيب الأجيال في القراءة، لكن ليس هذا هو الشرط الوحيد، فأنا على سبيل المثال أحببت القراءة في الكبر، وهي دائماً تكون متاحة للناس بكل الأعمار. بدايةً، لا بد من اختيار الكتب الصحيحة، كأن يتم اختيار كتاب بسيط يسهل فهمه على القارئ، وبأحد المجالات التي يحبها؛ حتى لا يمل قراءته، ولا يجد صعوبة به، ومن ثم تبدأ عملية تطوير القراءة، والتدرج في المراحل.
الأجيال الحالية تقضي أوقاتاً طويلة على الهواتف الذكية، لذا لا بد من قيام الأهل بتخصيص ساعة واحدة يومياً للقراءة، وهي كافية لتنمية حب القراءة لديهم، وبعد فترة زمنية تصل إلى شهر، سيكون الشخص قد انتقل لمرحلة جديدة في حب القراءة، والنضج والتعود والتأقلم على القراءة.
* يعتبر كتابك «ساعي البريد» أمراً فريداً في حياتك.. حدثنا عنه بتفاصيل أكبر!
- كتاب «ساعي البريد» يعد حالة خاصة بالنسبة لي، وأحبه ويعني لي الشيء الكثير، وأعده مرجعاً لي في صناعة المحتوى، وأحب دائماً أن يكون معي في كل مكان، وأكرر قراءته أكثر من مرة؛ لأنني كلما قرأته استشعرت كل كلمة به؛ كوني كتبته بصدق وإيمان كبيرين. أحببت شخصيتي في الكتاب، وتلك الفترة الزمنية التي كتبته خلالها، والطقوس التي رافقت تأليفي له، فهي أشياء لا تنسى أبداً.
كلما أرى الكتاب، أفتخر بنفسي بشكل أكبر، فقد مثل تأليفه تحدياً بالنسبة لي، تحدياً للاستمرارية، وتقديم شيء أفضل من الإصدار الأول، فلطالما رغبت في نشر فكرته وتفاصيله؛ فمحتواه جديد، ولم أقرأه من قبل، ومواضيعه قيمة للقارئ، وآمل أن يكون «ساعي البريد» من الكتب الخالدة.
* هل تَعِدُ محبيك بمؤلف جديد؟
- طبعاً أعدهم بذلك، لكن دون تحديد وقت، فطالما سرت بهذا الطريق لا بد لي من الاستمرار به، وأريد بكل تأكيد أن يكون لي إصدار ثالث، كما أنني أطمح للمشاركة في مؤلف يشترك به عدد من الكتاب. باختصار.. أريد أن أعيش وأستمتع بـ«ساعي البريد» لأطول فترة ممكنة، ولن يكون لديَّ إصدار ثالث حتى أضمن أن ما سأقدمه أقوى من «ساعي البريد»، وأجمل منه، ولديّ أفكار لكتابي الجديد، لكن طرحه يجب أن يأخذ الوقت الكافي.
من ناحية أخرى، وفي مجال الكتابة أيضاً، أبشر كل من يحبني بأنني مقبل على تجربة جديدة، تتمثل في كتابة الأعمال الفنية الغنائية، وبات لديَّ عملان جاهزان: الأول أغنية وطنية، والثاني أغنية «سنغل» باللغة العربية الفصحى. كما أنني بذات الوقت مستمر في صناعة المحتوى.
* هل يمكن أن تخبرنا عن تفاصيل عملك الغنائي، واسم الفنان الذي سيقدمه؟
- العمل المقبل من كلماتي، وألحان الملحن الإماراتي عبدالعزيز المدني وهو مدير فرقة الإمارات بوزارة الثقافة، وصاحب بصمة موسيقية مميزة، فألحانه تأخذ المستمع إلى مكان مختلف. وسيكون لي الشرف أن أدخل المجال الغنائي بصوت الفنانة القديرة والجميلة ريهام عبدالحكيم، والعمل بات جاهزاً، وفي لمساته الأخيرة، وسيكون حاضراً للجمهور، خلال فترة قصيرة.