يتطلب إطلاق العنان لقدراتكِ العقلية، والحفاظ على الطاقة العقلية المستدامة، اتباع نهج شامل، يتناول جوانب مختلفة من نمط حياتك، حيث تؤثر الطاقة العقلية في إنتاجيتك وتركيزك ورفاهيتك بشكل عام. بينما تعد عملية الحفاظ على الطاقة العقلية المستدامة تحدياً قوياً، خاصة في عالم اليوم سريع الخطى. لذلك، سنطلع على أفضل التقنيات، التي يمكن أن تساعدك على تنمية طاقتك العقلية، والحفاظ عليها.
تقنيات الطاقة العقلية المستدامة:
الأولى: إعطاء الأولوية للرعاية الذاتية:
الرعاية الذاتية ضرورية للحفاظ على الطاقة العقلية المستدامة. ويعد الاهتمام بصحتنا الجسدية، من خلال ممارسة التمارين الرياضية بانتظام والتغذية السليمة والنوم الكافي، مؤثراً بشكل كبير في مستويات الطاقة العقلية لدينا. وعندما نعطي الأولوية للرعاية الذاتية، فإننا نسمح لأنفسنا بإعادة شحن عقولنا، وتعزيز رفاهيتنا بشكل عام.
ومن خلال تخصيص وقت في جداولنا المزدحمة للمشاركة في الأنشطة، التي تغذي أجسادنا وعقولنا، مثل: ممارسة الرياضة، وتناول وجبات مغذية، والحصول على قسط كافٍ من الراحة، يمكننا تجديد احتياطيات الطاقة العقلية لدينا، ومنع الإرهاق.
الثانية: ممارسة اليقظة الذهنية:
اليقظة الذهنية تقنية قوية تساعدنا في إدارة طاقتنا العقلية بفاعلية، حيث يساعد الوجود الكامل في اللحظة، ومراقبة أفكارنا دون إصدار أحكام، في تقليل الفوضى العقلية، وتحسين التركيز، بالإضافة إلى أن ممارسة اليقظة الذهنية المنتظمة تعزز الوضوح العقلي، والطاقة العقلية المستدامة.
وعندما نمارس اليقظة الذهنية، فإننا ندرب عقولنا على البقاء حاضرة وواعية، ما يسمح لنا بالمشاركة الكاملة في مهامنا، وتجنب التعب العقلي. ومن خلال دمج تقنيات اليقظة الذهنية، مثل: تمارين التنفس العميق، أو التأمل، أو الأكل اليقظ في روتيننا اليومي، فإننا ننمي الشعور بالهدوء والتركيز، اللذين يحافظان على طاقتنا العقلية طوال اليوم.
الثالثة: تحديد أهداف واضحة:
يعد تحديد أهداف واضحة أمراً ضرورياً؛ للحفاظ على الطاقة العقلية المستدامة. وعندما تكون لدينا رؤية واضحة لما نريد تحقيقه، فيمكننا توجيه طاقتنا العقلية نحو مهام ذات معنى، مثل عملية تقسيم الأهداف إلى خطوات أصغر يمكن التحكم فيها، ما يمكننا من الحفاظ على التركيز، ومنع الإرهاق العقلي.
وعندما نضع أهدافاً محددة وقابلة للقياس والتحقيق، وذات صلة ومحددة زمنيًا (SMART)، فإننا نزود أنفسنا بخريطة طريق لتحقيق النجاح، ويسمح لنا هذا الوضوح بتخصيص طاقتنا العقلية بشكل فعال، لأننا نعرف بالضبط ما يجب القيام به، ويمكننا تجنب إهدار الطاقة في المهام غير الضرورية أو الانحرافات، وتعتبر مراجعة الأهداف، وتعديلها بانتظام ضمناً؛ لتظل متوافقة مع أولوياتنا، وتستمر في تغذية طاقتنا العقلية.
الرابعة: فترات راحة منتظمة:
أخذ فترات راحة منتظمة أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الطاقة العقلية، إذ تحتاج أدمغتنا إلى وقت للراحة، وإعادة الشحن، ويساعدنا الانخراط في الأنشطة التي تجلب لنا السعادة والاسترخاء، مثل: المشي، أو ممارسة هواية ما، أو قضاء الوقت مع أحبائنا، في تجديد طاقتنا العقلية، ومنع الإرهاق. عندما ندفع أنفسنا دون فترات راحة، تستنزف طاقتنا العقلية، ما يؤدي إلى انخفاض التركيز والإنتاجية والرفاهية بشكل عام.
ومن خلال دمج فترات الراحة القصيرة في روتيننا اليومي، فإننا نسمح لعقولنا بالراحة، وإعادة ضبط النفس، كما يمكن أن تكون هذه الاستراحات بسيطة، مثل: قضاء بضع دقائق للتمدد، أو الخروج للخارج لاستنشاق بعض الهواء النقي، أو المشاركة في تمرين سريع لليقظة الذهنية. ومن خلال جدولة فترات راحة منتظمة، وتكريمها كمكونات أساسية لرفاهيتنا العقلية، يمكننا الحفاظ على طاقتنا العقلية على المدى الطويل.
الخامسة: ممارسة إدارة الوقت:
الإدارة الفعالة للوقت أمر حيوي للحفاظ على الطاقة العقلية. ومن خلال تحديد أولويات المهام، وتحديد مواعيد نهائية واقعية، وتجنب المماطلة، يمكننا تحسين استخدامنا للطاقة العقلية، كما يساعد إنشاء جدول زمني، أو استخدام أدوات الإنتاجية في إدارة وقتنا بكفاءة، والحفاظ على مستويات الطاقة العقلية المستدامة.
وعندما نتحكم في وقتنا، ونتخذ خيارات واعية حول كيفية تخصيصه، فإننا نقلل احتمالية التعرض للإرهاق العقلي، ومن خلال تحديد أهم مهامنا، وتخصيص فترات زمنية للعمل عليها، فإننا نضمن توجيه طاقتنا العقلية نحو الأنشطة التي تتوافق مع أهدافنا وقيمنا. وعن طريق ممارسة تقنيات، مثل تقنية بومودورو، حيث نعمل على دفعات مركزة تليها فترات راحة قصيرة، يمكننا الحفاظ على طاقتنا العقلية ومنع الإرهاق.
السادسة: الحد من عوامل التشتيت:
في العصر الرقمي اليوم، تكثر عوامل التشتيت، التي تستنزف طاقتنا العقلية. وللحفاظ على الطاقة العقلية، من الضروري الحد من عوامل التشتيت، مثل: الاستخدام المفرط للهاتف، أو تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، أو تعدد المهام، لذلك لا بد من توفير بيئة مواتية، وتقليل الانقطاعات، التي تمكننا من تعزيز التركيز، وزيادة قدرتنا على التحمل العقلي.
وعندما نسمح لأنفسنا بأن نتعرض باستمرار للإخطارات، ورسائل البريد الإلكتروني، وتحديثات وسائل التواصل الاجتماعي، تصبح طاقتنا العقلية مجزأة ومستنفدة، كما أن إنشاء حدود عمداً حول أجهزتنا الرقمية، وتحديد أوقات للتحقق من رسائل البريد الإلكتروني، أو التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، تساعد على حماية الطاقة العقلية، والحفاظ على مستوى أعلى من التركيز. وتعتبر ممارسة مهمة واحدة، وتكريس اهتمامنا الكامل لمهمة واحدة في كل مرة، أفضل وسيلة لتحسين استخدام الطاقة العقلية لدينا، وإنجاز المزيد في وقت أقل.
السابعة: الحديث الإيجابي مع الذات:
الحديث الذاتي الإيجابي أسلوب قوي للحفاظ على الطاقة العقلية، ومن خلال استبدال الأفكار السلبية بتأكيدات إيجابية، يمكننا تنمية عقلية مرنة، وتعزيز طاقتنا العقلية، ويعتبر تشجيع الذات، والتركيز على نقاط قوتنا، مساعدة مثالية في التغلب على التحديات، والحفاظ على نظرة إيجابية.
وعندما ننخرط في حديث سلبي مع أنفسنا، أو ننتقد أنفسنا باستمرار، تصبح طاقتنا العقلية مستنزفة، وتتأثر ثقتنا بأنفسنا. ومن خلال استبدال الأفكار السلبية عمدًا بتأكيدات إيجابية وتمكينية، يمكننا تحويل عقليتنا نحو حالة أكثر تفاؤلاً ونشاطًا، بالإضافة إلى أن الاعتراف بإنجازاتنا وبقدراتنا وتذكير أنفسنا بقيمتنا، يمكننا من الحفاظ على طاقتنا العقلية، ومواجهة التحديات بعقلية إيجابية ومرنة.
الثامنة: الانخراط في أنشطة تعزيز الدماغ:
يساعد الانخراط بأنشطة تعزيز الدماغ في الحفاظ على الطاقة العقلية، ويمكن لأنشطة، مثل: القراءة، أو حل الألغاز، أو تعلم مهارة جديدة، أو الانخراط في أنشطة إبداعية، أن تحفز عقولنا، وتحسن الوظيفة الإدراكية، ومن خلال تحدي أنفسنا فكريًا، يمكننا تعزيز الطاقة العقلية، وصحة الدماغ، على المدى الطويل.
والعمل على أنشطة تتطلب مجهوداً عقلياً، وتحفز فضولنا، يحافظ على عقل حاد ونشيط. ومن خلال تعريض أنفسنا بانتظام للأفكار الجديدة، وتجارب التعلم والتحديات الفكرية، فهذا يمنع الركود العقلي، ويحافظ على مستوى عالٍ من الطاقة العقلية، لذلك ينصح بالاعتماد على أنشطة تعزيز الدماغ في روتيننا اليومي، مثل: قراءة كتاب، أو حل الكلمات المتقاطعة، أو تعلم آلة موسيقية، التي يمكنها تغذية العقل، والحفاظ على الطاقة العقلية مع مرور الوقت.
التاسعة: تعزيز العلاقات الإيجابية:
العلاقات الإيجابية لها تأثير كبير في مستويات الطاقة العقلية لدينا، إذ إن إحاطة أنفسنا بأفراد داعمين ومشجعين يوفر تغذية عاطفية، ويعزز رفاهيتنا بشكل عام. وتساعد التفاعلات الاجتماعية المنتظمة، والاتصالات الهادفة، في الحفاظ على الطاقة العقلية، وتعزيز العقلية الإيجابية.
وعند إحاطة أنفسنا بأشخاص يرفعون من شأننا ويلهموننا، فإننا نوفر بيئة تغذي طاقتنا العقلية، بالإضافة إلى أن تعزيز العلاقات الإيجابية مع العائلة أو الأصدقاء أو الزملاء أو الموجهين، يساعد على الاستفادة من نظام الدعم الذي يوفر التغذية العاطفية والتشجيع، كما أن الانخراط في محادثات هادفة، وطلب الدعم عند الحاجة، وتقديم دعمنا للآخرين، تعمل على إنشاء حلقة من ردود الفعل الإيجابية، التي تحافظ على طاقتنا العقلية ورفاهيتنا، بشكل عام.
العاشرة: ممارسة الامتنان:
هي تقنية يمكنها تعزيز الطاقة العقلية، وتحسين السعادة العامة، حيث إن الاعتراف وتقدير الجوانب الإيجابية في حياتنا، يساعد على تحويل تركيزنا من السلبية إلى الإيجابية، كما أن الامتنان يساعدنا في الحفاظ على عقلية إيجابية، وتقليل التوتر، والحفاظ على طاقتنا العقلية على المدى الطويل، وعندما نركز عمداً على الأشياء التي نشعر بالامتنان لها، فإننا ندرب عقولنا على رؤية الجوانب الإيجابية في حياتنا، حتى في الأوقات الصعبة.