مع بداية العام الجديد، تضع سيدات عديدات أهدافاً لتحقيقها، من بينها: الحصول على وظيفة جديدة، وخطط السفر، وخسارة الوزن الزائد، التي تعد من أبرز الأهداف الشائعة لدى المرأة. ورغم البداية الناجحة في كل عام، فبعضهن يفشلن في الاستمرار، وتحقيق هذا الأمر لأسباب عدة، منها: عدم وجود الوقت الكافي لممارسة الرياضة، أو الشهية المفتوحة لتناول الحلويات، أو حتى لأسباب نفسية، من بينها: القلق، والاكتئاب. عموماً، تتعدد الأسباب والنتيجة واحدة: «عدم تحقيق الهدف المطلوب».. فكيف يمكن أن نبدأ رحلة خسارة الوزن، ونصل إلى نهايتها بنجاح؟!
تقول أخصائية التغذية العلاجية في مستشفى «كوزموسيرج»، فرح شبيب، إن إحدى الطرق، التي يمكنك من خلالها الحفاظ على قراراتك الخاصة بإنقاص الوزن، هي التركيز على الأهداف، التي يمكنك التحكم فيها. على سبيل المثال، بدلاً من قول: «إنني سأخسر 10 كيلوغرامات في أسبوعين»، يمكن أن يكون هدفك هو:
• تحريك الجسم كلَّ يوم لمدة أسبوع، ثم كلَّ يوم خلال الأسبوعين التاليين، ثم كلَّ يوم لمدة 28 يوماً.. وهكذا.
• استبدال المشروب الغازي بالماء.
• تحديد أهدافك المتعلقة بالصحة واللياقة البدنية في مدة 28 يوماً، حيث تعد فترة كافية لرؤية النتائج.
• إنشاء بعض القواعد البسيطة حول قراراتك المتعلقة بالأكل الصحي، ويمكن أن تتضمن، ببساطة، زيادة كمية الماء التي يتم تتناولها، أو تقليل تناول الكافيين.
• الالتزام بالقيام بنوع من النشاط الرياضي كل يوم لمدة 28 يوماً، ويمكن أن تتضمن حركتك اليومية ممارسة: اليوغا، أو ركوب الدراجة، أو السباحة.
• تخصيص وقت لعقلك، فـ«العقل السليم لا يقل أهمية عن الجسم السليم»؛ لأن العقل السليم يساعدك على الوصول إلى الجسم السليم، والعكس صحيح.
• عندما تصلين إلى اليوم الـ28، خذي نفساً عميقاً، وتأملي التقدم الذي أحرزته؛ لتعرفي إلى أين نجحت؟.. وأين يجب إجراء التحسينات؟.. ثم حددي لنفسك هدفاً جديداً مدته 28 يوماً. اغتنمي هذه الفرصة لتحدي نفسك، والبناء على التقدم الذي أحرزته.
• رغم أنك ربما تكونين قد فشلت في تنفيذ قرارات العام الجديد سابقاً، فإن الشيء المهم الذي يجب أن تتذكريه هو أن إخفاقاتك الماضية لا تملي نتائجك المستقبلية؛ إذ يجب أن تفصلي بين شخصيتك القديمة، وبين ما تريدين تحقيقه.
أفضل الحميات الغذائية
وعن الحميات، التي تنصح بها، تقول فرح شبيب: يعتبر نظام منطقة البحر الأبيض المتوسط أفضل حمية غذائية وصحية للجسم.
وضمن فئتين جديدتين، تمت إضافتهما لعام 2023، تعادلت حمية البحر الأبيض المتوسط مع نظام (TLC)، والنظام الغذائي النباتي المرن كأفضل نظام غذائي صديق للعائلة. ليس ذلك فحسب، وإنما تعادلت، أيضاً، مع نظام «داش» كأفضل حمية غذائية صحية للعظام والمفاصل.
ووجد العديد من الدراسات أن حمية البحر الأبيض المتوسط يمكن أن تقلل مخاطر الإصابة بمرض السكري، وارتفاع الكوليسترول، والخَرَف، وفقدان الذاكرة، والاكتئاب، وسرطان الثدي.
وتعتمد هذه الحمية على الخضار، والفاكهة، والمكسرات، والبقوليات، والحبوب الكاملة، وزيت الزيتون، والأسماك. وتتطلب الحد من تناول اللحوم، ومنتجات الألبان، والدهون المشبعة.
إبر التخسيس
إن اللجوء إلى إبر التخسيس بات من الأمور الشائعة اليوم، حيث تلجأ إليها العديدات؛ لتحقيق هذا الهدف بأسرع وقت، دون الانتباه إلى مخاطرها الجانبية. تقول فرح: السمنة حالة معقدة، يساهم العديد من العوامل في حدوثها (وتكرار حدوثها) بمرور الوقت، وهذه العوامل ليست نفسها بالنسبة للجميع. ومع ذلك، لا يمكنك الهروب من الضجيج حول حقن إنقاص الوزن.
وتضيف شبيب: لا أعتقد أن الحل لفقدان الوزن يكمن في الحقن وحدها، لكنَّ البعض قد يستفدن من هذه الأدوية، مثل مريضات السكري من النوع الثاني، حيث تساعد على تنظيم مقاومة الأنسولين لديهن، فهذه الأدوية فعالة، لكن لايزال يتعين علينا استخدامها بحذر شديد. ومن المهم أن نعلم أن الحقنة وحدها لا تفعل شيئاً؛ للوصول إلى السبب الجذري وراء زيادة الوزن. ومن المحتمل جداً أن يؤدي عدم معالجة السبب الجذري إلى استعادة الوزن، إضافة إلى أن قائمة الآثار الجانبية المحتملة مثيرة للقلق للغاية. لذا، قد تكون هذه الأدوية فعالة، لكنها ليست مناسبة للجميع، ويجب استخدامها دائماً بعد استشارة الطبيب، والأهم من ذلك مراقبة الجرعة.
وحول اللاتي يعتمدن فقط على ممارسة التمارين البدنية، دون اتباع حمية غذائية، تقول فرح شبيب: ممارسة التمارين الرياضية البسيطة، دون إجراء تغييرات على نظامك الغذائي قد لا تؤدي إلى خسارة كبيرة في الوزن. فلإنقاص الوزن، تحتاجين إلى إحداث عجز في السعرات الحرارية، ما يعني حرق سعرات حرارية أكثر مما تستهلكينه، ويمكن تحقيق ذلك من خلال الجمع بين النظام الغذائي، وممارسة الرياضة.
التمارين البدنية
إن هدف خسارة الوزن، مع بداية العام، قد لا يتحقق دون ممارسة التمارين الرياضية، التي من شأنها تحقيق هذا الهدف، إذ تقول المدربة الرياضية فاطمة العصار: لا يجب ربط خسارة الوزن بالعام الجديد، فقد يأتي الأمر بنتيجة عكسية ونصاب بالإحباط، لكننا نستطيع تحقيقه دون شك من خلال الاستمرارية، والمحافظة على ممارسة التمارين البدنية، ويمكن تحقيقه من خلال أمور عدة، منها: اعتماد نظام الصيام المتقطع، الذي ثبتت فاعليته في خسارة الوزن الزائد، وهو آمن للكثيرات عدا المرأة الحامل، أو المرضع، أو المصابات بأمراض السكري، أو اللاتي يعانين حصوات الكلى.
وهناك العديد من التطبيقات، التي يمكن أن تساعدنا في خسارة الوزن؛ إذ يمكن من خلالها احتساب السعرات الحرارية للوجبات التي نتناولها، مع اختلافها حسب وزن وعمر كل سيدة.
وتؤكد العصار أن اتباع أسلوب حياة صحي، والابتعاد عن الحميات المعقدة، قد يساعدان في رحلتنا لخسارة الوزن، وأيضاً الأكل حسب احتياجات الجسم، وتشدد على شرب كمية وافرة من المياه، لا تقل عن لتر ونصف اللتر يومياً.
وحول أهم التمارين البدنية، التي يمكن ممارستها للحصول على نتائج مرضية، توضح العصار: يجب على كل سيدة وضع خطة وجدول تمارين شهري، وقد تساعدها في ذلك المدربة الرياضية، إذ تحدد لها نوعية التمارين حسب شكل جسمها، وتؤكد العصار أهمية ممارسة تمارين الكارديو، ويقصد بها أي نشاط بدني أو رياضي، يزيد معدل ضربات القلب، ويدفعه إلى ضخ المزيد من الدم بقوة، مثل: الجري، وركوب الدراجات، والسباحة، والمشي لمسافات طويلة، وللاستفادة من تمارين الكارديو، بشكل صحيح، تنبغي ممارستها بشكل منتظم لمدة لا تقل عن 30 دقيقة، ويمكن الجمع بينها وبين تمارين المقاومة، مثل: تمارين سحب الحبال، كما يمكن إدخال التمارين الهوائية، ويقصد بها: المشي، والسباحة، وركوب الدراجات، حيث تساعد في الحصول على جسم أقوى، وأكثر لياقة.
أخطاء شائعة
وعن الأخطاء الشائعة المرتبطة بممارسة الرياضة البدنية، تقول فاطمة العصار إن أبرزها الخوف من زيادة وزن الأثقال للسيدات، أو تقليل كمية الطعام، وهما أمران لا ينصح بهما، خاصة أن تناول البروتينات مهم جداً لبناء الكتلة العضلية، وإجهاد العضلات بشكل مبالغ به قد لا يساعدنا في الحصول على مبتغانا؛ لذا يجب الحصول على يومَيْ راحةٍ قبل العودة إلى ممارسة التمارين الرياضية المكثفة، كما أن التنويع في ممارسة التمارين أمر مطلوب ومهم جداً للوصول إلى الهدف المطلوب، للتركيز على جميع عضلات الجسم، ويمكن اتباع المثال التالي:
اليوم الأول: تمرين الجزء العلوي، من خلال اختيار من 3 إلى 5 تمارين بدنية، مع التكرار من 10 إلى 12 مرة، مع زيادة الوزن كلَّ مرة.
اليوم الثاني: اختيار من 3 إلى 5 تمارين بدنية، مع التكرار من 10 إلى 12 مرة، مع زيادة الوزن كلَّ مرة.
والنقطة الأهم هي الحصول على قسط كافٍ من النوم؛ لضمان الحصول على الاستشفاء العضلي.
العامل النفسي
وقد يلعب العامل النفسي دوراً كبيراً في عملية خسارة الوزن.. وهنا يقول الدكتور سيف أحمد درويش، استشاري طب المجتمع والصحة العامة: الحمية الغذائية، أو كما هو متعارف عليها اليوم «الدايت»، فكرة خاطئة في حد ذاتها، وقد تصيب بالإحباط؛ لعدم تحقيقها الهدف المرجوّ، وما يحصل قد يكون عكس هذا الأمر، بسبب الحرمان من تناول الأطعمة التي يرغب فيها أي شخص؛ لذلك يعد الاعتدال في تناول الطعام هو البديل الأفضل للحصول على نتائج مُرْضية، وعوضاً عن وضع الأهداف، التي من شأنها المساعدة في خسارة الوزن، يفضل اتباع أسلوب حياة صحي على المدى الطويل.
وحول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي اليوم، يقول درويش: وسائل التواصل الاجتماعي «سلاح ذو حدين»، فبعضها يروج العديد من المأكولات غير الصحية، التي قد تدفع العديدات إلى تناولها، خاصة أنها تكون غنية بالسعرات الحرارية. ومن الناحية الأخرى، إن ترويج الجسم المثالي قد يصيب بالإحباط والاكتئاب، خاصة المراهقات، فهنَّ الأكثر تأثراً بهذا النوع من المحتوى. هنا، يأتي دور البيت والمدرسة في تثقيفهنَّ صحياً، وتوعيتهنَّ بعدم الانجراف خلف هذا النوع من المحتوى، خاصة مع انتشار برامج تعديل الصور؛ لأن تأثير هذا النوع من المحتوى قد يصيبهنَّ بأمراض نفسية، مثل: القلق والاكتئاب، الأمر الذي قد يدفعهنَّ إلى تجربة حلول سريعة لخسارة الوزن الزائد، مثل الأعشاب التي روجها البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو إبر التنحيف، التي قد يكون استخدامها، دون استشارة الطبيب المختص، ضاراً.