آمنة الريسي: لا تخافوا من البدايات الجديدة

رغبة طموحة في ترك بصمة مجتمعية مؤثرة، قادت المهندسة العمانية، آمنة الريسي، إلى الانتقال من مجال هندسة الاتصالات إلى عالم التنمية الذاتية، خاصةً في إدارة الأعمال والعلاقات الدبلوماسية والدولية، مستندة إلى سنوات من الخبرة والدورات والأبحاث العلمية، التي قامت بها؛ لتجوب بعلمها دول مجلس التعاون الخليجي،

رغبة طموحة في ترك بصمة مجتمعية مؤثرة، قادت المهندسة العمانية، آمنة الريسي، إلى الانتقال من مجال هندسة الاتصالات إلى عالم التنمية الذاتية، خاصةً في إدارة الأعمال والعلاقات الدبلوماسية والدولية، مستندة إلى سنوات من الخبرة والدورات والأبحاث العلمية، التي قامت بها؛ لتجوب بعلمها دول مجلس التعاون الخليجي، والوطن العربي، مقدمةً ورشاً وبرامج تدريبية ومؤتمرات في مجال القيادة وتطوير العلاقات الدبلوماسية والبروتوكول والإتيكيت والمراسم الدولية، إلى جانب جلسات لتدريب الأفراد المهتمين بتنمية الجوانب الشخصية والأسرية والنفسية.. حرصت «زهرة الخليج» على لقاء الريسي؛ للاطلاع على قصتها الملهمة، وبعض النصائح التي تقدمها في بداية العام الجديد، وتالياً نص الحوار:

كيف تحولتِ من مهندسة اتصالات إلى مدربة تنمية ذاتية في إدارة الأعمال والعلاقات الدبلوماسية والدولية؟

 تخصصي الأكاديمي كان في «هندسة الاتصالات والإلكترونيات»، وقد تعلمت منه كيفية عمل الدوائر الكهربائية، التي من خلالها تعمل الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، وقد تعمقت في هذا المجال لسنوات طويلة، وبعدما أصبحت ملمة بجوانب هذا العلم : النظرية والأكاديمية والعملية. قررت بعدها البحث في مجال آخر، لكن جميع المجالات الأخرى لم تكن تثير بداخلي أي فضول؛ لأنني كنت أستطيع فهمها بسهولة. بعد ذلك، أكملت دراستي العليا في تخصص إدارة الأعمال، لكنه لم يحرك داخلي ذلك الشغف الذي وجدته مع الهندسة، فقررت - بالإضافة إلى دراسة هذا التخصص - أن أتعلم شيئاً آخر، وفي ذلك الوقت توفرت لي بيئات عدة، شجعتني على تقديم ورش وبرامج تدريبية، فقمت بدراسة التدريب الدولي، القيادة، علم النفس، الإعلام، العلاقات الدبلوماسية، وماستر في «الكوتشينج».

  • آمنة الريسي مدربة تنمية ذاتية في إدارة الأعمال

ما طبيعة البرامج والورش التدريبية، التي تقدمينها في مجال القيادة؟

 البرامج والورش والمؤتمرات، التي أقدمها، تساعد في دعم وتطوير هذا المفهوم. فالمواد التي أطرحها في برامجي هي لتشجيع وتوعية الأشخاص ذوي المناصب القيادية، أو أفراد المجتمع، بأهمية وجود منهج يُحرك الأشخاص نحو التنمية والتطور، وفي الوقت ذاته الوقاية من تحديات وقع فيها من سبقونا، إذ إن تركيزي الأساسي يكون حول معرفة ماهية الاضطرابات النفسية، التي قد تتحول إلى أمراض نفسية، وبالتالي إلى جسدية، إذا لم يعلم الفرد كيفية علاجها، أو على مستوى أكثر تطوراً كيفية الوقاية منها، وهذا هو المحرك الأساسي الذي تنطلق منه جميع البرامج التدريبية التي أقدمها، فتوعية القائد بهذه الاضطرابات، التي إذا لم يتم التعامل معها بطريقة وقائية سليمة، فقد توصله إلى خسارة كل ما بناه في حياته، وهذا ما أعمل على عدم حدوثه.

مشاعر طبيعية

من خلال نصائح تساعد في تنمية الذات.. كيف يمكن الرد على سؤال محرج بطريقة مناسبة؟

من يسأل سؤالاً محرجاً هو شخص خائف وقلق من مجهول يراه في الشخص الذي يوجه إليه السؤال، فالسؤال المحرج هو رغبة داخلية للشعور بالطمأنينة من خطر المجهول المتمثل في الآخر. والتعامل مع الأسئلة المحرجة يتم بزيادة الثقة بالنفس، ومعرفة أن ما عندنا غير متوفر لدى الآخر، وهو شيء غامض ومجهول، وبالتالي مخيف، لذلك أنصح الجميع بعدم السماح للأسئلة المحرجة بالسيطرة عليهم، والتحكم فيهم، وتقليل ثقتهم بأنفسهم.

هل هناك طرق للتعامل مع اضطرابات النوم، التي قد تصاحب الأشخاص أثناء مواجهتهم تحديات معينة؟

أهم شيء البعد عن لوم أنفسنا، أو لوم أو تهديد شخص آخر، إنما يجب التعامل بحب ورحمة؛ مهما واجهنا من إخفاقات. ويمكن لقراءة قصص أشخاص واجهوا التحدي ذاته، الذي واجهناه، ومعرفة كيف تغلبوا عليه، أن تكون النقطة الأبرز في هذا الجانب، إذ لا يجب الهروب من الفشل بالنوم مثلاً، كما يمكن استخدام ألوان هادئة في غرفة النوم. ومن الضروري تجنب أي انفعال في الساعة التي تسبق النوم، بل يجب أن تكون هذه الدقائق مريحة وهادئة.

كيف يمكن التعامل مع الخوف؟

 بدايةً، علينا عدم الخجل من مخاوفنا؛ فهي مشاعر طبيعية، وتعتبر محفزاً للإنسان يساعده على مواجهة التحديات والصعاب، كما يجب عدم إجبار أنفسنا على القيام بشيء لا نريده، وألا نحاول أبداً التقليل من أنفسنا، أو الاستهزاء بها، ونحن نشعر بالخوف؛ لأن هذا الاستهزاء سيجعلنا نخفي هذه المشاعر، وهذا أمر غير صحي على الإطلاق. علينا تفهم أن الخوف شعور طبيعي وتلقائي، لكن إذا كان الخوف أقوى منا؛ فسيسيطر علينا، ويلغي عقلنا، وهذه النقطة الخطرة، التي يجب عدم الوصول إليها، من خلال التحكم في مشاعرنا.

ما الطرق، التي تجنبنا الدخول في حالات الاكتئاب؟

علينا أن نعوّد أنفسنا على التفاؤل، وأن نبتعد عن الندم والتشاؤم، وألا نمنح سلبياتنا ونقاط ضعفنا حيزاً من التركيز، كما من المهم التعبير عن الذات، ومناقشة أفكارنا مع المحيطين، والتعبير عن كل ما يسبب لنا ضيقاً وإحباطاً، وعلينا معرفة وتحديد الأسباب التي تولد لدينا الضيق للبحث عن طرق للتعامل معها بشكل صحي. وفي حال تعرض الشخص لمواقف تُشعره بالقلق، فعليه مناقشتها مع صديق قريب، أو متخصص، والبحث عن أشخاص يمنحونه الطمأنينة والحب والأمان.

  • نعيش معاناتنا الماضية

فهم الحياة

كيف نتعامل مع إخفاقات الماضي، ونبدأ من جديد؟

تنمية الذات تعد بداية طريق النجاح، بإدراكنا أن القصص التي عشناها هي التي شكلت شخصياتنا الناضجة، التي أصبحنا عليها اليوم، ولولا التجارب التي عشناها في الماضي، لبقينا في مكاننا نعيش معاناتنا الماضية، ولما تحركنا وبحثنا وواجهنا تحديات وصعوبات ساهمت في تطورنا الذاتي، فإخفاقات الماضي نواة نجاحات اليوم، وما واجهناه جعلنا اليوم أكثر فهماً للحياة، وأكثر استيعاباً وتقبلاً لأنفسنا ولمن حولنا. ورغم كل هذا، فكل ما نمر به يمكن أن يظل عالقاً بالذاكرة ومعه مشاعر الخوف، رغم كل النجاحات التي قد يكون الشخص حققها في حياته، وهذا الخوف يكون من البدايات الجديدة؛ تجنباً للشعور بالمعاناة ذاتها. وهنا يمكن طرح أسئلة لحل هذه المشكلة، ويتمثل الشق الأول في: من أنت قديماً؟ وما التجارب التي كانت عندك؟ وما      لأدوات التي كنت تستخدمها؟ وما المراجع التي تعود إليها؟ وما الخطط التي تضعها لحياتك؟.. وعقب إجابة هذه الأسئلة، نبدأ طرح الشق الثاني، وهو: اليوم من أنت؟ وما حصيلة التجارب التي تمتلكها؟ وما المهارات والأدوات التي تستخدمها لمواجهة الظروف الصعبة؟ ومن الأشخاص والكتب الذين سيكونون مرجعاً لك؟ وما خطتك المستقبلية لحياتك؟.. وعند إجابة هذه الأسئلة سيعرف الشخص أن لديه اليوم أسلحة قوية لم يكن يمتلكها قديماً، وبالتالي كل هذه الأسئلة ستمنحه الوضوح الكافي؛ لمعرفة الصواب والخطأ بالنسبة له. وقبل أن يُقدم على أي خطوة سيجد لديه أدوات تحميه من خطر الوقوع في ذلك الألم، وتلك المعاناة، مرة أخرى.

ما نصائحك، ونحن نستقبل عام 2024؟

 مع بداية العام الجديد، علينا اتخاذ قرار مهم في حياتنا، هو ضرورة الاعتناء بصحتنا النفسية والجسدية، وأن حياتنا ملك شخصي لن يهتم بها أحد غيرنا، ولا يوجد طبيب أو أخصائي أو صديق أو أحد من أفراد العائلة سيهتم بنا أكثر من اهتمامنا بأنفسنا، فالطبيب مهما قدم من عناية لن تكون بقدر عنايتنا بأنفسنا، والابن مهما قدر والديه، ورفع من شأنهما؛ سينشغل بحياته وهواياته وعمله، وهذه طبيعة الحياة. لذلك، قرر مع بداية السنة الجديدة، أن تعتني بنفسك، وتضع راحتك النفسية في مقدمة كل الأولويات، وتجتهد لتصبح شخصاً أفضل لك، ولمجتمعك، وللعالم. وعلينا أن نعي جيداً أننا عندما نراعي احتياجاتنا، التي تسعدنا؛ سنصبح قادرين على إسعاد من حولنا.