هشام المظلوم: «ديواني» يجمع حروف اللغة العربية تحت سقف واحد
عند الحديث مع الفنان الإماراتي، هشام المظلوم؛ تشعر ببعض التيه؛ لما تحمله جعبته من خبرات وذكريات وإرث ثقافي كبير؛ إذ يتحدث بكل شغف عن بدايته مع فن تصميم الملصقات، مروراً بخبرته الواسعة بالفن التشكيلي، وصولاً إلى مبنى «فيلا ديواني»، الذي يعتبر أحد أحلامه، التي تحولت إلى واقع فني جميل، يأخذك في رحلة مع الخط العربي، والموروثات الإسلامية المختلفة.. «زهرة الخليج» زارت «فيلا ديواني»؛ لتأخذكم في جولة بداخلها، ولقاء مؤسسها؛ وكان معه هذا الحوار:
حدثنا عن مسيرتك في مجال التصميم!
بدأت رحلتي مع عالم التصميم أواخر سبعينات القرن الماضي، وتحديداً عام 1979، حيث أعتبر من رواد حركة التصميم في الإمارات، والأوائل في مجال تصميم الملصقات، حيث ساهمت في تصميم مئات الملصقات، ومنها ما يخص دائرة الثقافة والإعلام، بالإضافة إلى الطوابع البريدية، كما ساهمت في تأسيس جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، وجمعية الإمارات للتصوير الضوئي، والمرسم الحر في جامعة الإمارات.
بداية الفكرة
كيف بدأت فكرة «فيلا ديواني»؟
بدأت الفكرة، فعلياً، بعد امتلاكي قطعة أرض ملاصقة للمدينة الجامعية، والبحث المستمر الذي كنت أقوم به من أجل بناء مركز ثقافي يخدم فن التصميم. من هنا، قررت بناء منزلي الجديد بشكل معاصر، يحتوي على الفنون البصرية الثقافية، التي تعكس هويتي كمثقف ومهتم بهذا الجانب. بدأت الاستشارات الهندسية والفنية لإخراج التصميم بالشكل الحالي الذي هو عليه الآن، بالإضافة إلى الاجتماعات الخاصة مع الفنانين والخطاطين، الذين جمعت أعمالهم داخل «فيلا ديواني» وخارجها. ومن هنا ولد مبنى «فيلا ديواني»، أول وأحدث المباني في إمارة الشارقة، والذي يحتوي على 52 عملاً فنياً وإبداعياً، وجمع مختلف الفنون الخطية الحروفية المتفردة، التي اقتنيت ونفذت خصيصاً لـ«فيلا ديواني» من قِبَل أهم الخطاطين والفنانين الرواد والمعاصرين من مختلف دول العالم، بالإضافة إلى وجود «المنمنات» من العصر السلجوقي في إيران، والتي تم تنفيذها على شكل جدارية داخل المبنى.
لماذا اخترت اسم «ديواني»؟
يعد الاسم متميزاً؛ كونه يجمع أكثر من معنى، منها: الخط الديواني، الذي يعتبر أحد أبرز الخطوط العربية، ونسبةً إلى كلمة «ديوان» (المجلس).
ما الذي يميز «ديواني»؟
يعد «ديواني» أول مبنى في العالم تحتضنه الشارقة، يتم بناؤه على هذا الشكل، حيث قمنا بدراسة المبنى بعناية ودقة متكاملتين؛ لإبراز فن العمارة والخط في الوقت نفسه، حيث تمت مراعاة جميع هذه التفاصيل، لإبرازها بأسلوب متناغم يجمع بين العصرية والحداثة وأصالة الخط العربي. كما قمت بإضافة جناح خاص، يحتوي على الخطوط غير العربية، مثل: الصينية، واللاتينية، والسنسكريتية.
من أبرز الفنانين، الذين شاركوا بأعمالهم في «ديواني»؟
يحمل مبنى «ديواني» بداخله بعض أهم أعمال رواد الخط العربي، منهم: حامد الآمدي، وماجد الزهدي، ومصطفى حليم، وحسن جلبي (تركيا)، بالإضافة إلى: عصام عبدالفتاح (مصر)، وعلي رضى محبي، وأمير فلسفي (إيران)، ومحمد البوسيني (المغرب)، وحسين السري (الإمارات)، وعبدالجليل العليان (السعودية).
إضاءة لونية
مؤخراً، حصلت على جائزتين دوليتين في مزج الخط العربي والحرف بفن العمارة.. حدثنا عنهما!
حصد مبنى «ديواني» جائزتين مرموقتين على مستوى العالم. جاءت الأولى بتصويت عالمي لأفضل تصميم عمارة معاصرة مع مزجها بفن الخط العربي، وتعرف باسم «جائزة لوب للتصميم». فيما جاءت الأخرى، وبتصويت عالمي أيضاً، لتصدره المركز الأول لأفضل تصوير فوتوغرافي لمبنى معاصر، وتعرف باسم «جائزة رؤية أرجايز»، المختصة بالتصوير المعماري في الولايات المتحدة الأميركية.
ماذا عن الواجهة الخارجية لـ«فيلا ديواني»؟
تتزين الواجهة الرئيسية لمبنى «ديواني» بآية قرآنية بالخط الكوفي، التي كتبها الخطاط الأردني زهير عفانة مع بدايات المشروع. وتم تنفيذها في إحدى الدول العربية على 80 قطعة حجر، وتم جلبها من الخارج منفردة؛ لتشكل هذه الآية الكريمة، وتمت إعادة تركيبها بالشارقة، بارتفاع 3 أمتار، وعرض 25 متراً طولياً، إلا أنها في الوقت نفسه تمثل فن عمارة «المشربية» القديم، استخداماً وشكلاً، بالإضافة إلى الجمالية التي تضفيها منقوشة الآية في الفترة المسائية، باستخدام خلفيات بإضاءة لونية، لتصبح ذات رونق معين، حسب موضوعها أو استخدامها. كما في المناسبات الوطنية والعالمية الأخرى، إذ يتم استخدام ألوان معينة على المباني المميزة.
على غرار متحف المستقبل.. إلى أي مدى تتمنى مشاهدة المزيد من التصاميم المعمارية، التي تحمل اللغة العربية على واجهة مبانيها؟
لدينا إرث كبير وجمالية غير متناهية للخط العربي، حيث نمتلك أكثر من 50 نوعاً للخط العربي، وأكثر من وزن. هذه الخطوط متوارثة ثقافياً، على عكس الثقافات الأخرى. لذلك، نحن نمتلك جانباً ومدخلاً مهماً للمعماريين؛ لتنفيذ مبانٍ تحمل هويتنا ولغتنا العربية بشكل متفرد وأصيل، ليس فقط داخل الدولة، وإنما في بقية الدول العربية، التي تمتلك هذا الإرث، مثل: العراق، ومصر.