تشتهر دولة الإمارات بتطورها العمراني والتكنولوجي والعلمي وأبراجها الشاهقة، عدا كونها قبلة للعالم أجمع، لما فيها من تطور وتقدم حضاري، يجمع أكثر من 200 جنسية، يرون فيها جمال الطبيعة الفريد، نظراً لتعدد الفرص الوظيفية، ورفاهية الحياة وأمانها، ما يجعلها الدولة النموذج للعيش بها.
لكن المثير في الأمر، هو الجانب الخفي من الحياة الطبيعية في الدولة، إذ تعد النباتات الطبيعية المحلية، أحد الكنوز التي تحيطها الدولة باهتمام بالغ، وتوليها أهمية قصوى، بالنظر إلى قدرتها على تحمل الظروف المناخية الصحراوية الحارة، كونها تتسم بخصائص فريدة، تميزها عن بقية النباتات، فضلاً عن مقاومتها الأمراض والآفات الزراعية، ودورها في تعزيز الاستدامة بالنظام البيئي الصحراوي. ووفقاً لدراسات هيئة البيئة - أبوظبي، يوجد في الإمارة 436 نوعاً من النباتات المحلية، منها 432 نباتاً برياً، و4 نباتات بحرية.
وبالتزامن مع «عام الاستدامة»، الذي أعلنته الحكومة الإماراتية طيلة شهور عام 2023، أطلقت مبادرة «استدامة وطنية» بهدف الحفاظ على النباتات المحلية، حيث خصصت الحملة محوراً خاصاً لـ«حماية البيئة»، يهدف إلى نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية، ودعم الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالعمل المناخي، بما يحقق التأثير الإيجابي على سلوك الأفراد ومسؤولياتهم، وصولاً إلى مجتمع واعٍ بيئياً.
وجاءت مبادرة «غراس»، التي أطلقتها وزارة التغير المناخي والبيئة عام 2019، والتي تتمثل في موقع إلكتروني مصغر، يتضمن معلومات مفصلة عن النباتات المستهدفة زراعتها وتنميتها.
ويتضمن الموقع معلومات مفصلة، وصوراً للنباتات المحلية، تضم أسماءها العلمية والمحلية المتداولة، والوصف النباتي لها، الذي يشمل أطوالها وألوانها، ومواسم زراعتها وازدهارها، إضافة إلى أماكن ومشاتل توزيع وبيع بذورها وشتلاتها على مستوى الدولة.
ويهدف إطلاق «غراس» إلى توفير قاعدة بيانات معرفية باللغتين العربية والإنجليزية للجمهور، تساهم في زيادة وعيه بطبيعة النباتات المحلية، المستهدف التوسع في زراعتها، إضافة إلى تعزيز مشاركة مختلف فئات المجتمع في تحسين البيئة، والحفاظ على التنوع البيولوجي.
وتضم قائمة النباتات المحلية، التي شملتها المبادرة 72 نوعاً، منها: الغاف، والسمر السنط، والحنة، والسدر، والنبق المرخ، والعوسج، والرمث، والقضب، والعلقة، والفجيلة، والحردة، والتين البري، والنش، واليسر، والأراك، والعثوت، والشنينة، والحرمل، والقطف، والعشرق، والخريزة.
كما يُعد مركز المصادر الوراثية النباتية (بنك الجينات)، الذي تقوم هيئة البيئة - أبوظبي بإنشائه في مدينة العين، المشروع الأول من نوعه في المنطقة، ويهدف إلى توثيق المصادر الوراثية للنباتات المحلية، وتنوعها، ودراسة الأنواع النباتية المهمة وحفظها، من خلال استخدام نهج متكامل، يتضمن طرق الحفظ الداخلية والخارجية لهذه الأنواع من النباتات؛ للمحافظة على التنوع البيولوجي النباتي في دولة الإمارات والمنطقة، وإعادة استزراعها وإكثارها في الطبيعة، وحماية بعض الأنواع المهددة بالانقراض.
ويعتبر «مركز خليفة للتقانات الحيوية والهندسة الوراثية» بجامعة الإمارات، واحداً من المراكز البحثية العلمية النوعية في مجالات الهندسة الوراثية، المتعلقة بالإخصاب الجيني، والتعديل الوراثي للنباتات على مستوى الوطن العربي.
كما يساهم «بنك البذور»، في المؤسسة العامة لحديقة الحيوانات بالعين، في الحفاظ على النباتات المحلية بدولة الإمارات، والتشجيع على زراعتها؛ نظراً لاستهلاكها المحدود للمياه، إلى جانب تحقيق الاكتفاء الذاتي من النباتات، عن طريق تلبية احتياجات المؤسسة لأغراض التطوير والتحسين، بجانب استخدامها كمادة للتبادل مع المؤسسات الأخرى، مثل: الجامعات، وحدائق النباتات الطبيعية.