تنبع أهمية اللغة العربية من كونها حاضنة غنية للمعرفة والفكر العربي، فهي ركن مهم من أركان التنوع الثقافي للبشرية، وتعد إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة حول العالم.
وعدا كونها لغة القرآن الكريم، تتيح اللغة العربية، الذي يوافق يومها العالمي الثامن عشر من ديسمبر كل عام، الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، ومنها تنوع الأصول والمشارب والمعتقدات، كما أنها أبدعت بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، آيات جمالية رائعة، تأسر القلوب، وتخلب الألباب في ميادين متنوعة، تضم على سبيل المثال لا الحصر: الهندسة والشعر والفلسفة والغناء.
وسادت اللغة العربية، لقرون طويلة من تاريخها، بوصفها لغة السياسة والعلم والأدب، فأثرت تأثيراً مباشراً في كثير من اللغات الأخرى، مثل: التركية والفارسية والكردية والأوردية والماليزية والإندونيسية والألبانية، وبعض اللغات الأفريقية، مثل: الهاوسا، والسواحيلية، وبعض اللغات الأوروبية، خاصةً المتوسطية منها، مثل: الإسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية.
وكانت اللغة العربية، كذلك، حافزاً لإنتاج المعارف ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة، كما أتاحت إقامة حوار بين الثقافات على طول المسالك البرية والبحرية لطريق الحرير، من سواحل الهند إلى القرن الأفريقي.
وفي إطار دعم وتعزيز تعدد اللغات وتعدد الثقافات في منظمة الأمم المتحدة، اعتمد تاريخ 18 ديسمبر من كل عام يوماً عالمياً للاحتفاء باللغة العربية، بالتزامن مع اليوم الذي صدر به قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1973، باعتماد العربية واحدة من اللغات الست الرسمية في الأمم المتحدة. ويأتي الغرض الرئيسي من الاحتفاء بهذا اليوم، إذكاءً للوعي بتاريخ اللغة العربية وثقافاتها وتطورها.
وتختار منظمة الأمم المتحدة شعاراً للاحتفائية سنوياً، حيث تم اختيار شعار «العربية.. لغة الشعر والفنون»، عنواناً للاحتفاء لعام 2023، حيث اشتهرت اللغة العربية منذ زمن بعيد بمساهمتها في الشعر والفنون، فهي لغة ذات قوّة راسخة، وأبدَعت آيات جمالية رائعة تأسر القلوب، وتخلب الألباب، ولهذا السبب تقرر أن يكون شعار الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية لعام 2023، هو «العربية.. لغة الشعر والفنون»، بالتزامن مع الذكرى السنوية الخمسين لإعلان «العربية» لغةً رسميةً في الأمم المتحدة.
وتعرف منظمة الأمم المتحدة اللغة العربية بأنها منبر ثابت للتعمق في مناقشات بشأن تأثير اللغة العربية في تشكيل المعارف، والتحولات المجتمعية من خلال الشعر، فضلاً عن تأثيرها في الفنون، مع تعزيز التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات.
وتتمحور مواضيع احتفائية عام 2023، حول: «الفلسفة والشعر.. مساهمة الشعر العربي في تشكيل المعارف وفي التحولات الاجتماعية»، و«اللغة العربية والفنون.. توسيع آفاق التنوع الثقافي»، و«اللاتينيون العرب.. البصمة العربية في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي».
وتحظى اللغة العربية بمكانة متميزة في دولة الإمارات، ضمن سعيها الدائم والمستمر للنهوض بها، وترسيخ مكانتها محلياً وعالمياً؛ باعتبارها مرآةً تعكس ثراء مخزوننا الثقافي والمعرفي، وأداة رئيسية ومؤثرة تعبر عن هويتنا الوطنية.
وفي مثل هذا الوقت من العام الماضي، أطلق الفنان كاظم الساهر قصيدة «اللغة الخالدة»، التي تتحدث عن اللغة العربية، وأهميتها ودورها وحضورها العالمي، من أشعار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، يقول مطلع القصيدة: «طَفِقتُ أبحثُ عنْ كُتْبي وعنْ وَرقي.. ورُحتُ أبذلُ من تِبري ومن ورِقي/ ولي مَع الشعر راياتٌ رفعتُ بها.. ما طاوَلَ النْجمَ منْ منظومِهِ الألِقِ».