آمنة العامري (موكي)، شابة إماراتية دخلت عالم ألعاب الفيديو في سن مبكرة، وتحول شغفها بالألعاب إلى مسيرة مهنية، ونافست في الألعاب الإلكترونية؛ عندما كانت في العشرين من عمرها، ورغم تحفظ المجتمع في البداية، فقد تمكنت من تغيير نظرة الناس، وإثبات مهاراتها. وقد بدأت مسيرتها كلاعبة محترفة في فريق «Galaxy Racer»، ثم انتقلت لتصبح لاعبة محترفة وصانعة محتوى.. «زهرة الخليج» التقتها؛ للحديث عن تجربتها، ومشاركتها في بطولة «BLAST Premier»، المقامة في العاصمة الإماراتية أبوظبي:
* بداية.. حدثينا عن نفسك، ودراستك، وكيف زرع فيك كلّ هذا الشغف؟
- نشأت في أبوظبي، وكانت سنواتي الأولى مليئة بأجهزة الألعاب، والتجمعات العائلية التي يتخللها الكثير من اللعب بالألعاب الإلكترونية، وألعاب الطاولة كذلك. منزلي الأول كان المكان الذي غذى شغفي بالألعاب والفن، من اللعب بوحدات التحكم، إلى استكشاف العديد من الألعاب؛ لتكون أساس شغفي الدائم بممارسة الرياضات الإلكترونية.
وقد قادتني مسيرتي التعليمية إلى اختيار تخصص هندسة البرمجيات، حيث صقلت مهاراتي في البرمجة، وشعرت بتقدير أعمق لمطوري الألعاب. لم تزودني فترة التعلم هذه بالمعرفة الأكاديمية وحسب، بل ساهمت أيضًا في تشكيل رؤيتي للمسار المهني، الذي أريد اتباعه بعد التخرج.
ينبع شغفي بالألعاب من جوانب مختلفة في حياتي، فلطالما كنت شديدة الاهتمام بها؛ نظرًا لكونها تمنحني الشعور بالإنجاز؛ عندما أنهي مرحلة صعبة داخل اللعبة، أو الشعور بلذة الفوز بعد التنافس ضد إخوتي. ذلك الشيء كان يجعلني سعيدة دومًا، وأبعد ذهني عن الأمور المختلفة المرهقة في هذه الحياة.
تمكنت، خلال مسيرتي، من إلهام العديد من الأشخاص لاتخاذ هذه الألعاب مساراً مهنياً، أو على الأقل هواية جانبية. كما تمكنت من أن أصبح أول رياضية إماراتية في مجال الألعاب الإلكترونية. بالنظر إلى المستقبل، أشعر بالحماس حيال العمل في مجال الخطاب التحفيزي للشباب واللاعبين، وكذلك مساعدة أولياء الأمور على فهم كيفية اتخاذ الألعاب وظيفة حقيقية. ولا يسعني الانتظار لإحداث تغيير إيجابي حقيقي في صناعة الألعاب!
* متى بدأ شغفك بألعاب الفيديو، وكيف تأثرت حياتك المهنية بهذا الاهتمام؟
- بدأ شغفي بألعاب الفيديو في سن مبكرة؛ وكان عمري وقتها حوالي 5 سنوات، عندما امتلكت وحدة التحكم الكلاسيكية (The Gameboy Color)؛ حيث تركت تلك التجربة في نفسي سحرًا بقي معي منذ ذلك الحين.
ومن المثير للاهتمام أن هذا الشغف بالألعاب أثر بشكل كبير على حياتي المهنية. فالألعاب ليست مجرد هواية؛ بل وسيلة لتطوير المهارات المختلفة، التي يمكن نقلها إلى العالم المهني، مثل: التفكير النقدي، وحل المشكلات، والتواصل، والعمل الجماعي، وما إلى ذلك.
وجدت، خلال مسيرتي المهنية، أن القدرة على مواجهة التحديات بعقلية استراتيجية، واتخاذ قرارات سريعة، والتكيف مع البيئات الديناميكية، قد تأثرت بشكل مباشر بتجربتي في ممارسة الألعاب، سواء تعلق الأمر بتحليل سيناريوهات معقدة، أو قيادة فرق في مواقف صعبة، فقد وفرت لي خلفيتي في هذه الألعاب منظورًا فريدًا، ومجموعة مهارات أستفيد منها بشكل يومي.
* عام 2019، قررت متابعة مسارك المهني في صناعة الألعاب.. ما الذي دفعك إلى اتخاذ هذا القرار؟
- حصلت على فرصة الانضمام إلى فريق «League of Legends» النسائي («Galaxy Racer» في ذلك الوقت)، والمشاركة في بطولة «Girl Gamer Festival Dubai 2020». كنت، دائمًا، مهتمة ببطولات الألعاب، لكن لم تتح لي الفرصة للمشاركة في أيٍّ منها؛ لأنني لم أنضم إلى فريق من قَبْلُ. خلال تلك الفترة، كنت ألعب «League of Legends» لأكثر من 8 ساعات تقريبًا يوميًا، لذلك اغتنمت الفرصة؛ عندما أتيحت لي؛ فأنا أستمتع بتجربة أشياء مختلفة في الحياة.
* ما الذي يميز «BLAST Premier» عن غيرها من بطولات الرياضات الإلكترونية؟
- إن انعقاد هذه البطولة في العاصمة الإماراتية أبوظبي هو أكثر ما يجعلها مميزة بالنسبة لي. لقد حضرت «BLAST Premier» لأول مرة العام الماضي في «الاتحاد أرينا» بحضور أكثر من 6000 شخص. ورغم أنني لست من لاعبي الـ«Counter Strike»، فإنني استمتعت بالأجواء هناك! لا نحظى بالعديد من نهائيات بطولات الرياضات الإلكترونية العالمية، التي تقام في دولة الإمارات، ولا يقتصر الأمر على جذب الرياضات الإلكترونية وعشاق الألعاب فحسب، بل إنها تستقطب كذلك العائلات والطلاب والأفراد؛ لتجربة أفضل ما تقدمه الرياضات الإلكترونية على الإطلاق. لهذا، فإن ما تفعله «BLAST Premier»، هو في الواقع تغيير حقيقي وإيجابي في النظرة إلى الرياضات الإلكترونية بدولة الإمارات.
* كيف ترين دور لاعبات الرياضات الإلكترونية في صناعة الألعاب بمنطقة الشرق الأوسط؟
- تنمو الرياضات الإلكترونية ببطء (ويعتمد ذلك على اللعبة). ومن المؤسف أن لعبة «League of Legends» بدأت تختفي، لكن عدد اللاعبات في «Valorant» يزداد باستمرار، فيما تعقد بطولات أكثر للسيدات، وهو تحسن رائع في منطقة الشرق الأوسط.
وقد حققت السيدات إنجازات ملموسة في الرياضات الإلكترونية بالشرق الأوسط، حيث تمكنّ من كسر الحواجز بالتدريج، وإيجاد مكان لهنّ في هذا المجال. كما ظهرت المنظمات والبطولات والمبادرات، التي تهدف إلى تشجيع الشمول والتنوع؛ لتوفر منصات للاعبات، تتيح لهن استعراض مهاراتهن وشغفهن.
كما أنني أقدر الفرصة التي منحتني إياها «برزة للرياضات الإلكترونية» عام 2022 كلاعبة محترفة، والدعم الذي قدمته إلى الرياضة الإلكترونية في دولة الإمارات.
* كيف ستسهم بطولة «Blast» في تعزيز نمو اللاعبات؟
- تنمو الألعاب النسائية بسرعة كبيرة في دولة الإمارات، ويمكن أن تساعد بطولات النخبة العالمية للرياضات الإلكترونية، مثل نهائيات بطولة «BLAST Premier» العالمية، في إبراز قدرة الإناث على دخول هذا المجال؛ ليكنَّ جزءًا من هذه الصناعة المتنامية. كما أنها ستغير نظرة الآباء إلى الألعاب على أنها مهنة احترافية، ويجب أن يدعموا بناتهم في ممارسة مهنة ما، وعدم الوقوف في طريقهن.
* تم تتويجك كأول لاعبة إماراتية محترفة في عالم الألعاب.. كيف شعرت بهذا الإنجاز؟
- ما زلت في حالة صدمة حتى يومنا هذا، فهو حلم لم أعتقد أبدًا أنني سأتمكن من تحقيقه؛ بسبب مواجهة العديد من العقبات في حياتي، مثل: والديَّ، وثقافة المجتمع، رغم أنني كنت دائماً أعلق آمالاً كبيرة على أن أكون أول امرأة إماراتية، تحقق إنجازًا ما في مجال الألعاب، وكان هذا كل ما في الأمر! يسعدني أن أكون قادرة على رسم طريق أمام الشابات الصغيرات؛ لمتابعة أحلامهن وتحفيزهن. أنا سعيدة، للغاية، بأن الألعاب أصبحت مسارًا مهنيًا لي، فقد مكنتني من الابتعاد عن المسار المعتاد للوظائف بدوام كامل.
* شاركت كمُقدمة في برنامج «GAME ON» على «Spacetoon TV».. كيف كانت هذه التجربة، وما الذي قدمته في هذا الدور؟
- كان هذا أول برنامج تلفزيوني أشارك فيه، وكان بمثابة تجربة جديدة منحتني فهمًا أفضل لكيفية إنتاج حلقة واحدة على التلفزيون، وكيف تتطلب الكثير من الوقت والجهد والعمل والموارد، وأيضاً حصلت على رؤى جديدة لم أعتقد أنني سأراها يوماً. كان دوري في العرض هو تجربة مواقع ألعاب جديدة في الإمارات، مثل: غرف ألعاب الواقع الافتراضي، وأجهزة محاكاة السباق، وألعاب الهاتف المحمول، وما إلى ذلك، وتقديم تقييمات صادقة حول هذا الموضوع، ودعوة الآخرين إلى تجربته أيضًا.
* أطلقت متجر «Moki» الخاص بك في أغسطس 2022.. كيف كانت رحلتك كرائدة أعمال في عالم الألعاب؟
- قبل أن أطلق متجري الخاص «Moki Store»، وقبل أن أصبح لاعبة محترفة، كان لديَّ العديد من الأعمال التجارية المختلفة عبر الإنترنت، التي حاولت سابقًا إدارتها خلال أيام دراستي الجامعية، مثل: متجر ملصقات الفينيل ذات الطابع الشخصي، وخط من المنتجات التي أطبع عليها أعمالي الفنية الخاصة. أغلقت المتجرين بعد فترة، لكنني كنت قد اكتسبت الكثير من المعرفة، وقررت في النهاية فتح متجر «Moki Merch» الخاص بي عام 2022، بعد أن حققت نجاحًا شبه كامل خلال رحلتي في إنشاء المحتوى. رسمت شخصية «Moki»؛ لتمثلني أثناء البث المباشر على «Twitch» في ذلك اليوم، وتمكنت من جذب اهتمام الكثير من المشاهدين بتصميم الشخصية، وابتكار سلع فريدة ترتبط بها. ولزيادة المبيعات على متجري، كان عليَّ أن أكون نشطة جدًا على «Twitch»، وأن أنشر العديد من المقاطع على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي؛ لزيادة المبيعات والمتابعين الجدد في ساحة البث الخاصة بي. وبالطبع، لم يكن التعامل مع كل هذه الجوانب المختلفة لعملي أمرًا سهلاً.
في الوقت الحالي، لا أقوم بالبث، لكنني أقوم بزيادة المبيعات في متجري، عبر تقنيات أخرى من خلال المشاركة في الفعاليات، وتقديم نفسي كلاعبة محترفة، وإيجاد خط منتجات خاص بي، فالناس يهتمون بقصتي فعلًا، ويحبون جمع المنتجات كتذكار.
* بماذا تنصحين عشاق الرياضة الإلكترونية، وهذا النوع من الترفيه؟
- هناك جملة أقولها، دائمًا، في جميع المقابلات ومقاطع الفيديو وحلقات النقاش: «لا تستسلم أبدًا»، بغض النظر عن مدى استحالة الأمر، استمر فقط، وسوف تفاجأ بكيفية سير الأمور لاحقًا. قد لا يحدث الأمر كما تريده بالضبط، لكن لا بأس، فسوف تصل إلى مبتغاك في نهاية المطاف. وقد يصبح الأمر مرهقًا للغاية في بعض الأحيان، لكن الإنجاز يستحق ذلك العناء، لأن بناء مسار مهني في هذا المجال يتطلب سنوات. وإذا كان هذا العمل سيجعلك تشعر بالسعادة، فواصل ولا تستسلم أبدًا!
* ما تطلعاتك المستقبلية في مجال الألعاب.. كلاعبة محترفة، أو رائدة أعمال؟
- أذهب إلى حيث يكتب الله لي الذهاب؛ فقد تكون لديَّ تطلعات محددة للمستقبل، لكنها لا تسير بالضبط كما أريد، إلا أنني أتقبل الأمر تمامًا، وأميل إلى «السير مع التيار».
لكن ما آمل أن أفعله في المستقبل، هو أن أكون متحدثة تحفيزية، وأن أدير مشهد الرياضات الإلكترونية للسيدات في الشرق الأوسط، وأسهم في تحسينه، وأن أكون قادرة على مساعدتهن، وتقديم الكثير من البطولات إليهن، ومنحهن الفرص المناسبة للمشاركة، والسعي من أجل تحقيق أحلامهن. أريد أن يكون الأمر أسهل لهن، مقارنة بما مررت به.